محرر الأقباط متحدون
خلال أعمال اليوم السادس عشر لمتطوعي الجمعيات الناشطة في مشاريع لصالح الأرض المقدسة الذي نُظم في روما صب المشاركون في اللقاء اهتمامهم على الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، بما في ذلك سورية. على هامش الأعمال أجرى موقع الفاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع خادم رعية القديس فرنسيس في حلب الأب بهجت قره قاش الذي أكد أن العديد من المواطنين فقدوا عملهم بسبب الحرب والزلزال الأخير، وباتوا مجبرين على بيع كل ما يملكون من أجل البقاء على قيد الحياة، مشددا على ضرورة مساعدة هؤلاء ومنحهم الأمل كي لا يتركوا أرضهم.
في مداخلة ألقاها أمام المشاركين في اللقاء الذي عُقد في جامعة "أنتونيانوم" بروما يوم السبت الفائت، أكد الكاهن السوري أن نتائج الحرب المدمرة التي عصفت بالبلاد تبدو اليوم أسوأ من الحرب نفسها، مشيرا إلى وجود مأساة منسية اليوم في سورية، في أعقاب الصراع الذي اندلع في العام ٢٠١١ والزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد وجنوب تركيا في السادس من شباط فبراير الماضي. وتحدث عن انتشار البؤس والجوع واليأس، خصوصا وأن المواطنين السوريين لا يرون في الأفق أي حلول سياسية. وأوضح أن رواتب الموظفين تتراوح اليوم بين ما يوازي خمسة عشر وعشرين دولارا أمريكيا في الشهر، ومع ذلك كثيرون هم المواطنون الذين يعيشون بلا دخل لأنهم فقدوا عملهم، وكي يبقوا على قيد الحياة يجدون أنفسهم اليوم مجبرين على بيع كل ما يملكون في بيوتهم، كالبرادات والغسالات والكراسي. وأكد أن عمل المحبة الأكبر الذي يمكن أن يُصنع تجاه سورية هي المحبة السياسية، أي السعي إلى إيجاد حلول للأزمة كي يستعيد الأشخاص شيئاً من الأمل، لافتا إلى أن هذا هو التحدي الكبير الذي يوجد اليوم أمامنا.
الأب بهجت قره قاش، هو فرنسيسكاني من حراسة الأرض المقدسة. أبصر النور في سورية، وعمل بأمل وجهد كبيرين كي تُضمد جراح بلاده، ويقول بهذا الصدد إنه أدرك أنه لا بد من الاعتناء بالأشخاص ليس فقط بالحلول بطريقة مجردة ومبهمة، مشيرا إلى ضرورة أن يُساعد الناس على عيش حياة أفضل أيضا من وجهة النطر المادية، كي تكون لهم حياة كريمة ولائقة. واعتبر أنه من السهل جدا أن يُساعد الأشخاص مادياً، لكن من الصعب أن تُعاد لهم كرامتهم.
مما لا شك فيه أن المواطنين السوريين يتمتعون اليوم فقط بدعم بعض الجماعات الرهبانية والمنظمات غير الحكومية، وهم يعيشون بفضل أعمال المحبة هذه. والأخوة الفرنسيسكان الأصاغر في حلب، يديرون قاعة طعام خاصة بالفقراء ويسدون يومياً جوع ألف وثلاثمائة شخص، من مسيحيين ومسلمين، وفي الأيام التالية للهزة الأرضية وصل عدد المستفيدين من هذه الخدمات إلى ستة آلاف شخص يوميا. من هذا المنطلق شدد خادم رعية القديس فرنسيس الأسيزي في حلب على ضرورة أن يتم الاستثمار في مستقبل البلاد بواسطة دعم تربية الأطفال والشبان، وأيضا من خلال التصدي لعمل القاصرين واستغلال الأطفال من قبل منظمات إجرامية. كما لا بد أن تُقدم المساعدة إلى الشبان من طلاب الجامعات، لأنهم عاجزون عن دفع أقساطهم، وكثيرون منهم لا يملكون ما يكفي من المال لأخذ وسائل النقل العام والتوجه إلى جامعاتهم. وكثيرون أيضا هم الراغبون في ترك البلاد والبحث عن مستقبل أفضل في الخارج.
بعدها لفت الأب قره قاش إلى أن الكهنة الفرنسيسكان يسعون إلى مساعدة المواطنين في مختلف المجالات، فهم يقدمون دعماً سيكولوجيا للأطفال، المسيحيين والمسلمين، بفضل تعاون علماء نفس ومعالجين نفسيين، ينظمون نشاطات كثيرة للصغار. وأشار إلى أن أحد المراكز الذي أسس بهدف التعليم الديني والتربية المسيحية، يضم اليوم حوالي ألف ومائتي طفل وشاب، وثمة مركز آخر مخصص للمسنين. وذكّر الكاهن السوري في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني بأن نسبة المسيحيين في سورية اليوم تُقدر باثنين بالمائة من مجموع عدد السكان، وأكد أنه على الرغم من قلة العدد ما تزال البلاد تتمتع بالقيم المسيحية والدينية، مشيرا إلى أن الاتكال على هذه القيم يمكن أن يساعد الشعب والوطن على النهوض من جديد. ومع ذلك رأى الكاهن الفرنسيسكاني السوري أن تضاؤل عدد المسيحيين في سورية يعرض المجتمع بأسره إلى الخطر لأن المسيحيين هم وسطاء ثقافيون بين الشرق والغرب، كما أن حضورهم يشكل حافزاً قوياً من أجل إرساء أسس السلام والحوار وتعزيز التربية.