سمير مرقص
(1) «وجه الاحتلال الغادر»
فى أعقاب حرب 1967، شدت أم كلثوم بقصيدة وطنية عنوانها: «إنا فدائيون»، من تأليف الشاعر الغنائى المخضرم عبدالفتاح مصطفى، ومن تلحين العبقرى بليغ حمدى.. يقول مطلعها: «كُشف النقاب عن الوجوه الغادرة وحقيقة الشيطان بانت سافرة»؛ ألحت علىَّ الأغنية منذ الأسبوع الأول لانطلاق عملية «طوفان الأقصى».. حيث انكشفت الخطة الصهيونية للتطهير العرقى، ليس فى غزة فقط، بل فى الضفة الغربية أيضا ومن ثم إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد. فلقد بدأت الحكومة اليمينية التى تحكم إسرائيل منذ 15 سنة، بشكل منهجى، تطبيق خطة مركبة تجاه قطاع غزة ومواطنيه كما يلى: أولًا: كانت البداية فى 2008، حيث أعلنت حكومة المحتل «القطاع كيانا معاديا». ثانيًا: تطبيق سياسات منوعة من التجويع، والتطويق للحريات وللحركة، والتضييق المعيشى. ثالثًا: شن حروب متتالية تدميرية للقطاع فى سنوات 2012 و2014، و2019، و2022 ومايو 2023؛ فيما عُرف بمعارك: الرصاص المصبوب، وعمود السحاب، والجرف الصامد، والفجر الصادق، والسهم والدرع.. ونشير هنا إلى أن معركة 2014 التى سميت معركة «الجرف الصامد» قد استمرت خمسين يومًا، حيث شنت إسرائيل ما يقرب من 70 غارة، نتج عنها استشهاد ما يقرب من 2500 شهيد فلسطينى، وإصابة أكثر من 11 ألف فلسطينى، أغلبهم من المواطنين العزل.. وبالتوازى لما كان يحدث فى غزة خلال هذه الفترة، استباح المحتل الأسر والاغتيال لمواطنى الضفة.. وخلال هذه الفترة، لم يحرك أحد ساكنًا، وكان الصمت سيد الموقف.. والأخطر التغاضى عن كل الملفات العالقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية: اللاجئين، والقدس، والحدود، والأسرى.. وقبل كل ذلك الدولة الفلسطينية المستقلة.
ويشار هنا إلى أن المحتل كان يضرب بعرض الحائط أى توافقات أبرمت فى أوسلو.
(2) «وجه الغرب الاستعمارى»
مع «طوفان الأقصى»، والتى تعد أول محاولة للرد على ممارسات المحتل، سقط النقاب عن وجه الغرب: الأمريكى والأوروبى؛ وذلك بإعطاء ضوء أخضر لإطلاق المرحلة الرابعة من الإبادة الجماعية والتطهير وإزاحة الفلسطينيين إلى دول الجوار.. وذلك بدعم عسكرى واقتصادى أمريكى مطلق، ومباركة أوروبية فى حق المحتل أن يدافع عن نفسه. وأخطر ما حاوله الغرب فى الأسبوعين الأولين هو توصيف ما يحدث ضد المحتل بـ«الإرهاب».. ومن ثم لابد من حشد دولى على غرار ما جرى ضد داعش، ولكن مع مرور الوقت وانكشاف الوجه التدميرى للمحتل، بدأت بعض الدول فى التراجع، خاصة مع الزخم الشعبى القاعدى المتمدد فى كل القارات المناهض لإسرائيل.. إذ تبين أن ما يجرى فى فلسطين يتعلق بقضية وطن وشعب.
فى ضوء ما سبق، بدأت الأقنعة تتساقط، خاصة مع تداول البعض الحديث عن قوة دولية أو مناطق عازلة أو تهجير/ تسفير أو ضم وغض البصر عن المتعرضين للاحتلال.
(3) «وجه بايدن الصهيونى»
أثناء ذلك، كشف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية «بايدن»؛ الذى من المفترض أن بلاده تلعب دورا راعيا لعملية السلام منذ أن اعترفنا لها بأنها تملك 99% من أأوراق اللعب، عن وجه يفاخر بصهيونيته دوما بقوله: «ليس من المطلوب أن تكون يهوديا حتى تكون صهيونيا.. ومن ثم فأنا صهيونى» You don’t have to be a Jew to be a Zionist.. I›m a Zionist؛ (قال ذلك ليس مرة واحدة، بل عدة مرات فى مناسبات متعددة، كان آخرها المؤتمر الصحفى الذى عقد فى 18 أكتوبر الماضى). ولا يعد موقف بايدن مستحدثا أو طارئا بسبب الأحداث، بل هو موقف مبدئى كان دائم الإعلان عنه والتباهى به منذ أن كان عضوا فى مجلس الشيوخ وقولته الشهيرة بـ«أنه لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعناها».
(4) «وجه إسرائيل النووى»
وقبل عدة أيام، دعا أحد الوزراء الإسرائيليين إلى قصف غزة بالقنبلة النووية.. هكذا بقلب بارد، دون أى مراعاة لقوانين، أو عهود، أو مواثيق، أو أعراف دولية تحرم ذلك.. كذلك دون الأخذ فى الاعتبار ما يمكن أن يترتب على هذا الجرم من تداعيات كارثية ليس على مستوى الإقليم فقط، بل عالميا أيضا.. إلا أنه يعكس كيف يتعاطى المسؤولون فى حكومة الاحتلال المتشددة مع فلسطين: الوطن والبشر.
هكذا وحسب ما تقول ماجدة الرومى فى أغنيتها:
سقط القناع، عن القناع، عن القناع، سقط القناع...
حيث أخذت الوجوه الغادرة تنكشف تباعا.
نقلا عن المصرى اليوم