فريدة الشوباشى
من أبسط قواعد الحرية، حرية الشراء، أى أن أشترى بحرية ما تسمح به قدراتى المالية.. وبعدما أغرقتنا المؤسسات الدولية فى أسواقها التى انتقلت إلى أوطاننا فى غفلة أو بالأحرى فى تغافل تام من قبل السلطات، وكانت بضائعهم المغرية بأسعار رخيصة فى البداية، بحيث اندثرت صناعاتنا الوطنية وتراجعت تم انتهت لإفساح المجال واسعاً أمام الأغذية المصنعة فى معامل لا ندرى عنها شيئاً، وهو ما ينطبق على أشياء لا حصر لها، من أول المشروبـات الغازية إلى السيارات والأجهزة الكهربائية والأدوية إلى آخر كل ما يحتاجه الإنسان.
ورغم فداحة هذا الأمر فإن المجازر التى ترتكبها إسرائيل، بتخطيط وتشجيع أمريكى سافر، فى قطاع غزة وكذلك بصورة أقل فى الضفة الغربية المحتلة، فتحت عيون الجميع على كارثة وحشية العدو، وهو مجرد أداة أمريكية، فلم يشهد العالم فى أحلك حقب الاعتداءات والحروب، أن صدر مرسوم صهيونى أمريكى ينزع من شعب واقع تحت الاحتلال حق المقاومة بل والأدهى وأمر، اعتبار مقاومة الاحتلال الصهيونى إرهاباً ضد دولة الاحتلال.. وإسرائيل طلبت، إمعاناً فى إنسانيتها!!! إخلاء المستشفيات قبل قصفها، وهذه أول دولة معتدية فى العالم تطلب إخلاء المستشفيات من المرضى، بإلقائهم فى الطرق العامة وطبعاً، ليذهب الموجودون فى العناية المركزة إلى الجحيم.
وفى نفس الوقت تستمر أدوات التدمير الصهيونية فى هدم المساكن على رؤوس المدنيين الذين لا سبيل لهم سوى انتظار القتل، حيث إنهم لا يملكون سلاحاً والكل عرف الآن أن إسرائيل وتنفيذاً لمخطط أمريكى تريد تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن مصر كانت هى الهدف، وهو الهدف الأمريكى منذ زمن بعيد، خاصة بعد ثورة الثلاثين من يونيو، عندما قال السيناتور الأمريكى جون ماكين: لن نسمح بظهور ناصر آخر.. وكان المقصود طبعاً الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان وزيراً للدفاع، وفوضه عشرات الملايين بقيادة مصر إلى بر الأمان واستعادة مكانها ومكانتها.
والغريب، بل المذهل، أن يعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن والذى جاهر بأنه صهيونى، أنه يريد من مصر استقبال أبناء غزة فى سيناء، بما يعنى أن تساعده مصر على تصفية القضية الفلسطينية! الموقف الأمريكى المعادى لمصر انكشف أمام العالم بأسره.
ولأول مرة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، تندلع مظاهرات حاشدة فى معظم المدن الغربية، تندد بالعدوان الوحشى الإسرائيلى على المدنيين، خاصة الأطفال، والجديد أيضاً بالنسبة لكثير من الناس، تظاهر أعداد هائلة من اليهود المناهضين للصهيونية. تنديداً بوحشية إسرائيل ضد المدنيين العزل، وهو ما يؤكد أكاذيب الدولة الصهيونية، وشجب مقولة إن إسرائيل تدافع عن نفسها، هذه المقولة المخادعة الشديدة الانحطاط، ومشهد الضحايا الفلسطينيين بالآلاف من القتلى والجرحى ومعظمهم من الأطفال والنساء.
وأذكر الأعداء أننا فى مساء التاسع من يونيو عام ٦٧ نزلنا بالملايين وهزمنا الهزيمة العسكرية الساحقة التى اعتقد هؤلاء الأعداء أننا سوف نستسلم.. فكانت حرب الاستنزاف المجيدة ثم العبور العظيم.
إنهم لا يتعظون ولا يصدقون أننا رغم الظروف العالمية البالغة الصعوبة، لن نتهاون فى حقوقنا الوطنية ولو بمليارات الدولارات.. ولا بأشرس التهديدات.. وكذلك، لن تسمح مصر بتهجير أبناء غزة لسيناء التى عادت لنا ولأبنائها الكرام الذين قاوموا الاحتلال الإسرائيلى البغيض، ومن أهم ما يمكن رصده فى الظروف الراهنة أن الضمير الجمعى العربى قرر مقاطعة أنصار إسرائيل ومن يمولونها من أرباحهم الناجمة عن شرائنا لبضائعهم، إننا سنحيى صناعاتنا الوطنية وسنقاطع منتجاتهم تماماً.. إن الأزمة الحالية تزيل العديد من الغشاوات التى فرضتها ظروف تعسة علينا وقد آن الأوان للمجتمع الدولى حتى يطبق قراراته بإقامة دولة على ما تبقى من أرض فلسطين الوطن الذى تآمرت عليه القوى الاستعمارية ومن أعتاها بريطانيا.. وورثتها الولايات المتحدة الأمريكية.
نقلا عن الوطن