ياسر أيوب
حين يكذبون علينا مرة.. يصبح أمرا مسيئًا ومهينًا لهم.. لكن تصبح الإساءة والإهانة لنا إن بقينا نصدقهم بينما هم يكذبون علينا طول الوقت.
كانت الرياضة هى إحدى أشهر أكاذيب الغرب التاريخية، حين أردنا أن نقتنع بأنه من الضرورى أن تبقى بعيدة عن السياسة.. وصدقنا هذه الكذبة، بينما بقى الغرب نفسه لا يرى أى فارق بين الرياضة والسياسة.. ولم تكن رؤية الغرب وسلوكه الرياضى لما جرى فى أوكرانيا ولا يزال يجرى فى فلسطين هى المرة الأولى التى من المفترض أن نكتشف بعدها كذبة الغرب، لكنها حكايات كثيرة جدا وقديمة جدا لم ننتبه نحن إليها.. وكانت لعبة الهوكى هى بطلة واحدة من تلك الحكايات الكاشفة والفاضحة أيضا.. ولم يتم الاعتراف بالهوكى كلعبة أوليمبية إلا بداية من دورة لندن 1908، حيث فاز البريطانيون بميدالية الذهب.. وغاب الهوكى عن دورة استوكهولم 1912 وعاد فى دورة أنتيويرب 1920، وفاز فيها البريطانيون أيضا بميدالية الذهب.
ثم غاب الهوكى مرة أخرى عن دورة باريس 1924 وعاد فى دورة أمستردام 1928.. وفوجئ البريطانيون بالهنود سيلعبون الهوكى فى أمستردام.. فعلى الرغم من أن الهند كانت خاضعة للاستعمار البريطانى إلا أنها أسست اتحادها للهوكى 1925 وباتت أول دولة غير أوروبية تنضم للاتحاد الدولى للعبة.. وامتلكت الهند بعد تأسيس اتحادها أول منتخب للهوكى، لعب أولى مبارياته فى 1926 وفاز فيها على نيوزيلندا.. وفاز الهنود فى مباراة ودية على البريطانيين الذين أدركوا أن الهنود أقوى منهم فى هذه اللعبة بمواهبهم الطبيعية، حتى إن افتقدوا الإمكانات المتاحة للهوكى البريطانى. وحاول الإنجليز بكل الوسائل والضغوط منع الهنود من المشاركة فى مسابقة الهوكى بدورة أمستردام.. وحين فشلوا قرروا الانسحاب من الدورة الأوليمبية.
لم يقبلوا احتمال الخسارة الرياضية أمام إحدى مستعمراتهم.. لم يقل وقتها أحد من مسؤوليهم السياسيين أو الرياضيين إن السياسة لا علاقة لها بالرياضة، ولم يعاتبهم أو يواجههم أحد فى الغرب الذى كان قبل تلك الدورة يردد ويؤكد أن الروح والأخلاق الرياضية أهم من المكسب والخسارة.. وبالفعل، انسحبت بريطانيا وفازت الهند بالذهب فى أمستردام 1928، ولوس أنجلوس 1932، وبرلين 1936، وغاب البريطانيون عن الثلاث دورات.
وبعد التوقف بسبب الحرب العالمية الثانية، عادت الدورات الأوليمبية فى لندن 1948.. ولأن الهند كانت قد نالت استقلالها 1947، فقد شارك الهوكى البريطانى فى هذه الدورة، مع رغبةٍ هائلةٍ فى الفوز على الهنود.. ومن المفارقات أن البريطانيين والهنود تأهلوا لنهائى الهوكى فى تلك الدورة.. ومرة أخرى، فاز الهنود فى قلب عاصمة الإمبراطورية البريطانية.
نقلا عن المصرى اليوم