محرر الأقباط متحدون
شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين يوم أمس الجمعة في مؤتمر عُقد في مقر بلدية روما لمناسبة الذكرى المئوية لولادة الكاردينال أكيلي سيلفستريني، وألقى مداخلة أكد فيها أن الكاردينال الراحل رأى في الدبلوماسية أداة لتحقيق التوافق بين تطلعات النفس البشرية وواقع البشر. عُقد المؤتمر يوم أمس تحت عنوان "الكاردينال أكيلي سيلفستريني، رجل الحوار"، وشهد مشاركة رئيس الجمهورية الإيطالية، سيرجو ماتاريلا.
أكد الكاردينال بارولين في مداخلته أن سلفستريني كان صانعاً لروح هلسنكي وللإسهام الذي قدمه الكرسي الرسولي لصالح هذا الروح إذ رأى في المؤتمر حول الأمن والتعاون في أوروبا، والذي اختُتمت أعماله في العاصمة الفنلندية عام ١٩٧٥، إمكانية لردم الهوة التي كانت تفصل بين أوروبا الغربية والشرقية، استناداً أيضا إلى الجذور المسيحية المشتركة، من أجل تحقيق التلاقي وواقع موحد في القارة القديمة.
بعدها ذكّر نيافته بأن الكاردينال الراحل، الذي وافته المنية عام ٢٠١٩، عمل كأمين سر لمجلس الشؤون العامة للكنيسة بين عامي ٧٩ و٨٨ وتعاون مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان آنذاك الكاردينال كازارولي، وكان رائداً في الحوار الذي أقامه الكرسي الرسولي في تلك الفترة مع بلدان أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي. ولفت بارولين إلى أن سيلفستريني لعب دوراً هاماً داخل الكنيسة ومن أجل الكنيسة، وتعاون مع سبعة بابوات، وعاصر مراحل هامة بالنسبة لحياة الكنيسة وفصول التاريخ.
هذا ثم أكد أمين سر دولة خاصرة الفاتيكان أن التزام الكاردينال الراحل لم ينبع إطلاقاً من المصالح الشخصية، وتمحور حول قضية الكائن البشري وحقوقه وحرياته، وكان دبلوماسياً حظي بتقدير الأشخاص، وخدم الأحبار الأعظمين بأمانة، كما كان من رجالات الكنيسة الذين حركهم الإيمان الأصيل والحياة الداخلية العميقة.
وذكر بارولين بعدها بأن سيلفستريني وضع خدمته الدبلوماسية بتصرف أربعة بابوات هم: بيوس الثاني عشر، يوحنا الثالث والعشرون، بولس السادس ويوحنا بولس الثاني. ومن هذا المنطلق لعب دوراً هاماً في المحادثات التي أفضت إلى القمة حول الأمن والتعاون في أوروبا والتي تُوجت بالتوقيع على اتفاقات هلسنكي في العام ١٩٧٥، وقد نصت تلك الاتفاقات على الاعتراف بالحرية الدينية كحق أساسي من حقوق الإنسان. كما ان التزامه كان مؤثراً في عملية إعادة النظر في الاتفاق بين الدولة الإيطالية والكرسي الرسولي والتي تمت في العام ١٩٨٤.
في ختام مداخلته لفت نيافته إلى أن العمل الذي ميّز الكاردينال الراحل انطلق من الإقرار بأن النشاط الدبلوماسي هو في طبيعته متنبه لكل الأبعاد وبالتالي يتطلب قراءة للوقائع، لا معرفتها وحسب، بالإضافة إلى القدرة على توقع نتائجها وتأثيراتها. وأشار الكاردينال بارولين إلى أن المرحلة التي عاشها الكاردينال أكيليه سيفلستريني لم تخل من الصعوبات والمشاكل، لكن إذا ما نظرنا إلى تلك الحقبة يتبين لنا بوضوح أن الله هو من يقود البشر في صناعة التاريخ.