د. عوض شفيق
فشل مجلس الأمن للمرة الثالثة باتخاذ قرار ملزم بشأن الحرب في غزة. وانقسم المجتمع الدولي بين هدنة إنسانية أو وقف اطلاق النار. فالدول الأوربية متمسكة بهدنة إنسانية لا يصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين وإعطاء الحق في إسرائيل بالدفاع عن نفسها لحماية بقاء وجودها والحرب على الإرهاب الجهاد الإسلامي قمعاً ، قتلاً ، انتقاماً و تمويلا. (هذه الاشكالبة وخلط المفاهيم سنناقشها لاحقا)
ووفقا للكتابات والمؤلفات القانونية، يعنى قف إطلاق النار: أنه اتفاق ينظِّم وقف جميع النشاطات العسكرية لمدة معيَّنة في منطقة معيَّنة. ويجوز الإعلان عنه من جانب واحد أو ربّما يتمّ التفاوض عليه بين أطراف النزاع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
ويستخدم في بعض الأحيان مصطلح هدنة رغم اختلاف معناه قليلًا: فالهدنة هي اتفاقيّة عسكرية، الغرض منها تعليق الأعمال العدائية في جميع مسرح الحرب، وعادة لمدة زمنية غير محدّدة. وهنا فإن وقف إطلاق النار أو الهدنة لا يعني نهاية الأعمال العدائية بل يعني مهادنة فقط (وقف مؤقت للأعمال العدائية).
والإطار القانوني الذى يحكم هذه الحالات وقف أو هدنة، ينصّ القانون الإنساني المادة (15) في جمیع الأوقات، وعلى الأخص بعد الاشتباك في القتال، يتخذ أطراف النزاع دون إبطاء جميع التدابير الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى، وجمعهم، وحمايتھم من السلب وسوء المعاملة، وتأمين الرعاية اللازمة لهم، وكذلك للبحث عن جثث الموتى ومنع سلبها. وكلما سمحت الظروف, يتفق على تدبير عقد هدنة أو وقف إطلاق النیران أو ترتیبات محلیة لإمكان جمع وتبادل ونقل الجرحى المتروكین في میدان القتال. وبالمثل، یمكن الاتفاق على ترتیبات محلیة بین أطراف النزاع لجمع أو تبادل الجرحى والمرضى في منطقة محاصرة أو مطوقة، ولمرور أفراد الخدمات الطبیة والدینیة والمھمات الطبیة إلى تلك المنطقة. (اتفاقيّة جنيف 1، المادة 15).
ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي لوقف إطلاق النار لا يكمن في إتاحة المجال للقيام بالأعمال الإنسانية، بل هو قرار عسكري يستجيب للأهداف الاستراتيجية: تجميع القوات، تقييم قدرات الخصم وسلسلة القيادة أو إجراء مفاوضات.
ومازال الخطر يكمن في عمليات الإغاثة الإنسانية عبر معبر رفح التي يجري التفاوض عليها في سياق وقف إطلاق النار والتي قد يتمّ استخدامها كورقة مساومة بين أطراف النزاع، للحصول على تسويات سياسية أو عسكرية أو لاختبار حسن نوايا الخصم أو قدرته على السيطرة على قواته أو على منطقة معينة. ويجب أن تكون منظمات الإغاثة والهيئات الدولية مدركة لهذا الخطر وأن تجري تقييمًا للخطر الذي قد يحدث في الميدان لهذا السبب. ويجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة.
وعلاوة على ذلك، وقف اطلاق النار أو الهدنة لا يمثلان نهاية قانونية لحالة الحرب. وبهذا الخصوص، يجب عدم الخلط بينهما وبين اتفاقات السلام ، التي تمثل نهاية للنزاع وصولا الى حل الدولتين.