ياسر أيوب
كانت مفاجأة حقيقية أن يقرر الاتحاد الإنجليزى لكرة القدم ورابطة الدورى الممتاز منع دخول أعلام فلسطين وإسرائيل للملاعب الإنجليزية.. لكن المفاجأة الأكبر كانت قرارًا أمريكيًا بعد أيام من القرار الإنجليزى بمنع دخول أعلام فلسطين وإسرائيل لملاعب كرة القدم فى الولايات المتحدة. ويخطئ من يختصر الحكاية فى مجرد أعلام ممنوعة أو مسموح بها؛ لأن دلالتها أكبر كثيرًا وأهم وأعمق من ذلك
ولابد من التوقف أولًا أمام حكايات أخرى ليتضح منها وبعدها قيمة وأهمية ومعنى، سواء القرار الإنجليزى أو الأمريكى.. فالغرب عادة لا يمارس الحياد بكل أشكاله السياسية والإعلامية والرياضية والكروية إلا إن كان مضطرًا لذلك.. ومنذ بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، انحاز الغرب لأوكرانيا ضد روسيا، وكانت هناك قرارات رياضية صادمة ومخالفة لكل المواثيق الرياضية والأوليمبية الداعية للفصل بين الرياضة والسياسة.
مثل: استبعاد روسيا من أى بطولات رياضية ودورات أوليمبية وحرمان الرياضيين الروس من المشاركة فيها. ولم يكتفِ الغرب بذلك، إنما أصبح مسموحا باستخدام ساحات الرياضة وبطولاتها وملاعب كرة القدم ومبارياتها لإعلان التضامن مع أوكرانيا وأهلها، والممنوع هو التعاطف مع روسيا ولاعبيها. وفى دورة طوكيو الماضية، سمحت اللجنة الأوليمبية الدولية برفع العلم الأوكرانى والحديث، وأكدت فى المقابل أن رفع العلم الروسى أمر يخالف الروح الأوليمبية والميثاق الأوليمبى.
وهو وضع لا يزال قائما حتى اليوم دون أى إحساس بالخجل، لدرجة اضطرار أى مسؤول رياضى للاستقالة إن استجاب لنداء الضمير والحق والإنسانية وأعلن أنه لم يعد يقبل هذا الذى يجرى.
ومنذ بدأت الحرب فى غزة، جرى تطبيق نفس هذه السياسة الرياضية، فأصبح مسموحًا فى كل الملاعب برفع أعلام إسرائيل والتضامن معها، وظلت أعلام فلسطين ممنوعة طول الوقت، بل إن «سويلا بريفرمان»، نائبة فى البرلمان البريطانى، طلبت منذ أسبوعين اعتبار رفع العلم الفلسطينى والتلويح به جريمة لابد من معاقبة كل من يرتكبها.
لكن لم يدم هذا الأمر، ولم تبق فلسطين مثل روسيا، ولم يحترم كثيرون، سواء فى إنجلترا وأوروبا كلها أو الولايات المتحدة أيضا هذه السياسة، ونجحت السوشيال ميديا هذه المرة فى كسر أسوار الصمت المفروض على كل من يتعاطف مع الفلسطينيين.. ولم ينجح الإعلام الغربى بكل قوته وأسلحته فى فرض سياسة الانحياز، وأصر الناس على رفع أعلام فلسطين طالما بقى هناك مَن يرفع أعلام إسرائيل.
ولأن من قاموا بذلك لم يكونواكلهم عربًا يسهل اختراع أى اتهامات تلزمهم بالسكوت، فقد اضطر الإنجليز لمنع أعلام البلدين معًا.. وبعد التوتر الذى جرى فى لوس أنجلوس، كان القرار الأمريكى بالمساواة التى كانت مستحيلة بين العلم الإسرائيلى والعلم الفلسطينى!.
نقلا عن المصرى اليوم