Samuel Taylor Coleridge
( 1772- 1834 )


إعداد/ ماجد كامل
يعتبر الشاعر الإنجليزي صمويل تايلور كولدرج Samuel Taylor Coleridge واحدا من أشهر الشعراء الإنجليز الذين يمثلون المدرسة الرومانسية  ، ولد في 21 اكتوبر 1772 من أب كان يعمل قسيسا ، تلقي تعليمه  الأولي في أحدى المدارس الإنجليزية ، ولقد عشق قراءة الادب منذ طفولته ، فقرا روبنسون كروزو وألف ليلة وليلة .  ولقد مر في حياته بتجربة قاسية أثر وفاة والده وهو صبي في سن  السابعة من عمره ، إذ كان يحبه كثيرا  ، فالتحق بعدها بمدرسة داخلية لمواصلة تعلميه ، كان النظام فيها صارما والوجبات  الغذائية هزيلة ، مما أثر كثيرا علي حالته الصحية  ، ومما ضاعف من  أزمته أن العقاب في المدرسة كان شديدا ، وبالرغم من كل هذه الظروف إلا أنه أستطاع ان يحقق نجاحا في المدرسة حتي تخرج فيها ، وبدأ في نشر بعض أشعاره في  بعض الصحف ، وجاءت النقلة الكبري في حياته عندما تعرف علي الشاعر الإنجليزي وليم ورذورث   William Wordsworth     (  1770- 1850  ) فنشأت بينهما صداقة عميقة . وتعاونا معا علي إصدر ديوان شعر مشترك عرف بأسم " البلاذرا الغنائية " ، Lyrical Ballads  وكان ذلك 1798.  ثم توالت بقية  أعماله الشعرية  . وفي خلال عام 1807 ، بدأ في إلقاء بعض المحاضرات عن الشعراء الإنجليز ، ولم يكن كولدرج مجرد شاعرا فقط ، إنما كان ناقدا  أدبيا شهيرا ، كما كان فيلسوفا ومفكرا  له العديد من الأراء الفلسفية الهامة . ولقد تعرض لألام روماتزمية رهيبة ، فأضطر إلي تعاطي مخدر " الأفيون " لتخفيف آلامه ، غير أنه مع الأسف سقط في الأدمان  ، وساءت صحته كثيرا حتي توفي في 25 يولية 1834 عن عمر يناهز 62 عاما .

أشهر قصائد كولردج :-
1-العمل بلا أمل .
2-كريستابيل .
3-أغنية الكأبة .
4-ألام النوم .
5-صقيع منتصف الليل .
6-قبر الفارس .
7-كوبلاخان .
8-أغنية الملاح القديم  .

ولعل من أشهر قصائده قصيدة " الملاح القديم The Ancient Mariner ، وهي قصيدة طويلة كتبها كولدرج  خلال عام 1798 م ، وظهر في الطبعة الأولي من كتاب " القصائد الغنائية Lyrical Ballads  ، وهو الديوان الشعري الذي أشترك فيه كل من وردذورث وكوليردج ، ليعلن بداية العصر الرومانسي في الشعر الإنجليزي . وهي تروي قصة بحار عجوز كان راكبا في سفينته مع ثلاثة من الشباب   ، ثم تعرضت سفينته لأمواج عاتية ، فيظهر في الافق  طائر بحري يرشده إلي بر الأمان ، لكن أدمغة البحارة  تهييء لهم أن هذه العاصفة نذير شؤم  من هذا الطائر ، فيقرر البحار العجوز قتله برصاصة من بندقيته ، وهنا تنفجر ثورة الطبييعة علي السفينة والبحارة ، ، ويتوقف المطر مصدر الماء العذب الوحيد ، وتتوقف الريح التي تدفع السفينة  حتي تقف  في البحر بلا حراك ، ويموت البحارة الثلاثة واحد تلو الآخر ، ويبقي البحار العجوز وحده  ليلاقي عقوبة  أشد ،   فيبقي وحيدا في السفينة  ، ويري اهوالا لا تطاق ، ولا ترفع عنه الطبييعة غضبها  إلا عندما يتأمل سحر الطبيعة من حوله ويدرك عظمتها ، ويبارك بخشوع جمال البحر وخالق البحر ، عندها تدب الحياة من حوله ، فتأتي الريح ، وتتحرك الأشرعة ، وتسير السفينة في طريق العودة حتي تصل بالبحار إلي بر الأمان ، وفي الختام يحكم علي الملاح التائب  أن يعيش إلي الأبد ، يجوب خلالها الأرض ليروي قصته ، عسي أن يعتبر بها الناس .

ولقد تأثر كولدرج في قصيدته  بما قرأه من قبل في روايات ألف لييلة وليلة ورحلات السندباد وقصة روبنسون كروزو

ولقد قام الدكتور عبد  الوهاب المسيري (  1938- 2008 )  بترجمة القصيدة في كتاب هام له بعنوان " مختارات من الشعر الرومنتيكي  ، وهي مكونة من سبعة أقسام  ، ولقد أبدع كولريدج في تصوير مشاعر الندم عند البحار العجوز لقتله الطائر البريء ، فيقول :-

آه ! يا له من يوم ! أية نظرات كراهية اقتحمتنتي من الكبير والصغير ! وبدلا من الصليب ، علقوا في عنقي طائر القطرس الأبيض  ( منير توما :- قراءة في قصيدة قافية البحار القديم للشاعر الإنجليزي كولرج ، موقع سفود ، 23 اغسطس 2017 ) .

واخذ يلوم نفسه بشدة فيقول :-
لقد فعلت فعلة جهنمية ، ستلحق بهم الويل  ، فقد شهد الجميع أني قتلت الطائر الذي كان يجعل النسيم يهب ، آه  أيها التعس ، أتصرع الطائر الذي كان يجعل النسيم يهب ! ( عبد الوهاب المسيري :- مختارات من الشعر الرومنيكي الإنجليزي ، مرجع سبق ذكره ، صفحة 193 ) .

وفي نهاية الرواية ، يعلن ندمه ويطلب التوبة من الراهب فيقول :-
صرخت : امنحتي الغفران ، أيها الأب المقدس ، امنحني الغفران ! فرسم الراهب علي جبهته علامة الصليب ،وقال تكلم سريعا ، أني اهيب بك أن تقول ، أي نوع من الرجال أنت ؟ وسرعان ما راح بدني يتلوي من الم هائل ،ارغمني أن أبدأ قصتي ، وعندئذ تحررت من الالم "

( عبد الوهاب المسيري :- نفس المرجع السابق ، صفحة 218 ) .

والقصيدة مليئة بالرموز الفلسفية ،  تأثر فيها كولردج من خلفيته الفلسفية ، ومن ثقافته الموسوعية التي  أكتسبها من عشقه للقراءة .


بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-عبد الوهاب المسيري :- مختارات من الشعر الرومنتيكي الانكليزي ، ترجمها وعلق عليها عبد الوهاب المسيري ومحمد علي زيد ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، الطبعة الأولي ، أكتوبر 1979 ، الصفحات من 181-  233 .

2-محمد مصطفي بدوي :- كولردج ، سلسلة نوابغ الفكر الغربي ، السلسلة رقم 15 ، دار المعارف ، الطبعة الثانية   .

3- ايفور إيفانس :- مجمل تاريخ الأدب الإنجليزي ، ترجمة زاخر غبريال ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة الألف كتاب الثاني  ، 1996 ،  الصفحات من 46-  48 .

4-منير توما :- قراءة في قصيدة "قافية البحار القديم " للشاعر الانجليزي كولردج ، موقع سفود ، 23 اغسطس 2017 .