بقلم: ابرام مقار
وانا أتابع كلمة رئيس الجمهورية محمد مرسي وهو يضع كلتا يديه واصابعه العشرة علي المكتب الرئاسي وبدأ خطابه بـ «تابعت بكل الحزن والأسي، الحادث الأليم والذي وقع لمجموعة من ابنائنا عند مزلقان «المندرة» التابعة لمركز .... محافظة .... الخ» ، وجلت بخاطري بعد ان عرفت من سيادة الرئيس اين تقع قرية «المندرة» علي الخريطة، وعدت بالذاكرة للوراء اثنين وعشرين شهراً وتحديداً يوم الحادي عشر من فبراير من العام الماضي. وأتذكر حينما كنا نتابع اخبار الثورة والثوار لحظة بلحظة وعلمت ان النائب عمر سليمان سيذيع خبر هام وكنت في اجتماع عمل في وقت الظهيرة بسبب فرق التوقيت مع مصر. وهنا قلت لرئيسي في العمل «اريد مشاهدة هذا الخبر والخطاب الهام والذي هو بالتأكيد سيحمل خبر تنحي مبارك ومثل هذه اللحظات التاريخية الهامة لا تحتمل المشاهدة مسجلة بل يجب رؤيتها علي الهواء». وبالفعل انتقلت الي قاعة اخري وقمت بتوصيل اللاب توب الخاص بي علي احدي القنوات المصرية حتي جاء خطاب عمر سليمان الخاص بتنحي مبارك.
وكدت ارقص فرحاً فما الذي ستجلبه لنا ثورة الشباب والتي راح ضحيتها شباب جميل مخلص لبلده معظمهم في العشرينيات، ماذا ستجلب لنا ثورة «اللوتس» ، ماذا ستجلب لنا ثورة «عيش - حرية - عدالة اجتماعية» ثورة «مسلم مسيحي ايد واحده» ماذا ستجلب لنا ثورة سلمية راقية كانت هي مصدر الفخر الاول والوحيد للمصريين في الخارج والداخل. ماذا تجلب كل هذه المعطيات سوي حرية و ديمقراطية و حقوق انسان و عدل و مساواة و وحدة وطنية وقبل كل هذا برلمان متزن معتدل يحاسب ينحاز للشعب ضد السلطة يرفض الميزانيات ويحاصر الوزراء. وماذا سنري بعد البرلمان المنشود غير رئيس عادل لا يطيق الظلم، رئيس مثل هؤلاء الذين نراهم في العالم الغربي من يرتدي الجينز وينزل ليلعب مع اطفال بلده يسير مثلهم في الشارع، يعتذر ان اخطأ في حق شعبه طالباً منهم ان يسامحونه، رئيس يبكي عندما يتحدث عن الشهداء ويُقبل ايادي امهاتهم اللاتي ولدنهم تماماً مثلما فعل الرئيس التونسي بعد ذلك.
رئيس حينما يذهب للأمم المتحدة يبهر الحضور والكاميرات بتحدثه للانجليزية والفرنسية بطلاقة ولما لا فكثير ممن دعوا للثورة كانوا من شباب الجامعات، رئيس يشرفنا امام سياسيي العالم حينما يتحدث مع قادة العالم سواء رجال او نساء، رئيس لا يجرؤ الا علي ان ينفذ وعوده التي وعد بها قبل الرئاسة، رئيس ينتمي لمصر فقط وليس لدول اخري، رئيس لكل المصريين لا يري القبطي في عهده تهجيراً ،ولا المسلم او المسيحي يجد معه فقراً ،ولا المرأة تجد في عهده تهميشاً. وقبل كل هذا ان يكون رئيس الطوارئ فحينما تحدث كارثة يرتدي حذائه الرياضي ويطير الي حيث المكان ويبقي هناك ويقيل الرؤوس قبل الفروع وقبل كل هذا يعلن تحمله المسئولية اذا كانت الكارثة نتيجة تقصير السلطة التنفيذية، ثم يسن القوانين ويعمل ليلا نهارا حتي لا تتكرر هذه الكارثة مرة ثانية، تماماً مثلما يفعل الرؤساء في العالم الغربي ممن يحترمون شعوبهم واخرهم الرئيس اوباما في اعقاب اعصار ساندي المدمر. وهنا تنبهت لأعود مرة اخري للواقع الأليم لأشاهد خطاب الرئيس. ولكن ورغم انني لم أتذكر الماضي إلا للحظات قليلة الا انني وجدت خطاب الرئيس قد انتهي وهو ما اثار تعجبي علي انتهاء خطاب كارثة اسيوط سريعاً وهو ما لم اعهده من الرئيس مرسي والذي لم اسمع له خطاباً اقل من 30 دقيقة واخرهم في اعقاب احداث غزة