الأقباط متحدون - انتخاب البابا والقدر
أخر تحديث ٢٣:٢٠ | الاربعاء ٢١ نوفمبر ٢٠١٢ | ١٢ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٥١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

انتخاب البابا والقدر

بقلم: حنا حنا المحامي
فى برنامح للاعلامى القدير عمرو أديب استضاف نيافة الانبا بولا وكان مع الاعلامى
الاستاذ مصطفى شردى.

كان ذلك منذ عدة أسابيع وقد منعنى من التعليق على هذا االقاء المشاكل التى كانت لدى بسبب الاعصار ساندى والذى قطع التليفون والنت لمدة أسبوعين.

فى ذلك اللقاء شرح نيافة الانبا بولا الخطوات والاجراءات التى تتبع فى انتخاب البابا, والتى تنتهى بعمل القرعه الهيكليه للثلاثه الذين يقع عليهم الانتخاب لاختيار البابا.  وهنا كان الاستاذ عمرو أديب ينصت إذ كان من الجلى أنه يعلم بتلك الاجراءات لاول مره.  أما الاستاذ مصطفى شردى فما تفوه الانبا بولا بموضوع القرعه الهيكليه إلا وانبرى شردى متسائلا "وهل بعد كل هذه الاجراءات يترك الامر للقدر؟"  وكانت إجابة الانبا بولا موجزه بأن هذه القرعه الهيكليه يسبقها صيامات إلى آخره.

وشرح الاجابه الموجزه هو موضوع هذا ا لمقال.

يا أستاذ شردى أود أن أقول لك بادئ ذى بدء إن المسيحيه لا تؤمن بالقدر.

إنتخاب بابا الكنيسه القبطيه الارثوذوكسيه هو فى واقع الامر انتخاب كنيسة الله لذلك فإن الله هو الذى يختار البابا الذى يقود كنيسته وذلك بالتفصيل الآتى.
أولا المسيحيه لا تؤمن بالقدر.  ذلك أن خالق هذا الكون يدير أمر كل إنسان وكل جماعه وكل أمه وكل دوله بالنظام الذى يرتضيه وفى نطاق الحريه الممنوحه للانسان ذلك أن الانسان مسئول أولا وأخيرا فى الحياة الآخره عما يرتكبه أو يقترفه أو يفعله سواء كان خيرا أوشرا.  من هنا فإن الانسان مخير فى كل تصرفاته وأفعاله.

ولكن للانسان المؤمن أن يترك أمر حياته ومستقبله لله.  على ذلك يمكن للانسان أن يسترشد السماء فى أى أمر من اموره  حتى يرشده إلى ما فيه الخير.  وهذا الامر يتحقق بشئ أساسى إن لم يكن وحيدا ألا وهو الصلاه.

والانسان المؤمن يصلى ويطلب من الله أن يرشده فى أمر ما من أمور حياته لتمتد إليه يد الذات الالهيه وترشده إلى ما فيه الخير والصالح.  وعلى ذلك يكون الصوم والصلاه هما اللذان يلجأ إليهما الانسان إلى الله حتى يحقق له الصالح.

وقد قال الكتاب المقدس صلوا بلجاجه كل حين ولا تملوا " ينبغي ان يصلّى كل حين ولا يمل  " ( لوقا 18 : 1 ).  والصوم والصلاه هما اللذان يحقق بهما الانسان مبتغاه بل يحقق بهما المعجزات.

ويتعين أن يكون الصوم والصلاه مصحوبين بالايمان.  الايمان أن الله سيختار له الصالح  بغض النظر عما يتطلع إليه الانسان.

من هنا فإن المسيحيه لا تؤمن بالغيبيات أو  بالقدريه  .   ويسرد لنا تاريخ مصر أيام  المعز لدين الله   الفاطمي الذى كان يضم فى حاشيته كل الاجناس والجنسيات.  فقد حدث أن أحد حاشيته من اليهود أراد أن يوقع بالاقباط لدى الحالكم.  فقال له اليهودى, "إن الكتاب المقدس الخاص بالمسيحيين يقول "من له إيمان مثل حبة الخردل يقول للجبل انتقل فينتقل".  على ذلك استدعى الخليفه المعز لدين الله الفاطمي بطريرك  الاقباط وقال له "ألا يوجد فى المسيحيين من له إيمان مثل حبة الخردل؟"  لذلك سأعطيكم ثلاثة أيام لكى ينقلوا جبل المقطم ( بركه الفيل ) وإلا أهلكت المسيحيين فى مصر كلها".

فى ذلك الزمان كان يوجد فى مصر خراز اسمه سمعان.  وهذا الرجل كان يعمل إسكافيا.  وحدث أنه كان يضع الحذاء فى قدم سيده فعثرته عينه إذ رأى منها مشهدا مثيرا.  ولما كان الكتاب المقدس به آيه تقول  " وان اعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك.خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان. " ( متي 18 : 9 ) .  فما كان من هذا الاسكافى إلا أن استل المخراز وقلع به عينه فى الحال.  علما بأن التفسير السليم للآيه يعنى أن يقلع الانسان عن النظره الشريره.  ولكن هذا الاسكافى طبق حرفية  النص  ذلك أنه يبغى ملكوت السماوات أى الفردوس فى الحياة الابديه.

ظهرت السيده العذراء لبابا الاسكندريه وأرشدته بأن يتوجه إلى ذلك القديس الذى يعمل إسكافيا.  وفعلا توجه البابا إلى القديس فطلب منه هذا الاخير أن يصلى الشعب ثلاثة أيام.  وفعلا صلى الشعب ثلاثة أيام بلجاجه وعلى أثر ذلك تحرك الجبل إلى موقعه الحالى و سمي بالجبل المقطم حيث تقطم الجبل الي ثلاث اجزاء و قد كان يعرف فيما قبل بأسم جبل بركه الفيل .  ومن بعد هذا التاريخ اختفى  الخليفه المعز لدين الله الفاطمي  ولم يعرف مكانه.  وطبعا لأن هذه الوقعه قد حدثت فى مصر فإن القائمين على الامر قد أخفوها الواحد تلو الآخر.

هذا هو إيمان المسيحيين يا سيدى. بالصلاه والصوم تتحقق المعجزات, وليس بالقدر كما تقول.  ذلك أن قدر الانسان لا يتحقق إلا بأفعاله وعلاقته بخالقه, تلك العلاقه التى لا تتوثق إلا بالصلاه والصوم.

وفى جزئية  اختيار البابا الحالى فقد قام الاقباط جميعا بالصلاه.  ثلاثة أيام قبل عملية التصفيه, وثلاثة أيام قبل عملية الانتخاب, وثلاثة أيام قبل عملية القرعه الهيكليه.  وهذه الصيامات الثلاثه من الدرجه الاولى.  بمعنى أن الصيام يكون حتى قيامة القداس بالكنيسه.  فمثلا كان القداس بالكنيسه التى نتعبد فيها تقيم القداس الالهى من الخامسه حتى السابعه مساء.  ومن ثم يمكن أن نتناول المأكولات الصيامى بعد السابعه مساء.  والامتناع عن الاكل أو الشرب يكون من  الثانيه عشر فى نصف الليل. أي اننا نصوم تسعه عشر ساعه متصله, وبعد الافطار لا يؤكل لحوم أو أسماك.

تلك الصيامات والصلوات التى ترفع إلى الله هى التى استجاب لها الله فوقع الاختيار على البابا تاوضروس الثانى.  نعم يا سيدى إنه إختيار الله.و قد اعلن الكتاب المقدس علي فم السيد المسيح لتلاميذه " انا الذي اخترتكم و لستم انتم اخترتموني " و قد اعلن ايضا الكتاب المقدس ان اقامه خلفاء التلاميذ تتم بهذه الطريقه

وهناك ملحوطه هامه فإنى لا أسرد لك تلك الحقائق الدينيه على سبيل التبشير مثلا ولكن على سبيل الثقافه والايضاح وردا على مقولة "القدر" ذلك أن المسيحيه بها إيمان وصلاه وصوم ومن ثم لا تؤمن "بالقدر".


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter