د. أمير فهمى زخارى المنيا
تشغل الغردقة، وهي العاصمة الإدارية لمحافظة البحر الأحمر، مساحة 40 كم من الشريط الساحلي للشاطئ الغربي للبحر الأحمر.
سبب تسمية الغردقة
إن الغردقة سميت بهذا الاسم لكثرة نبات الغردق أو العوسج أو ما كنا نطلق عليه عندما كنا صغارا "عنب الديب"، وهو كان يملأ من قسم السقالة القديم حتى جلوف الشيخ، مكان فندق روما الآن مرورا بالملاحة، وهى منطقة خلف شيرى الآن، وكان أيضا يملأ منطقة أبو مخادج أو مكادي الآن..
سبب أسماء بعض احياء الغردقة
إن هناك أسبابا لكل اسم حى بمدينة الغردقة،
أولا منطقة الدهار:
وهى منطقة التجمع السكانى الأول، وهذه التسمية نابعة من ثقافة البحارة، لأنهم يطلقون اسم "الظهار" على الجزء الشمالى المرتفع من الشعاب التى تتكسر عليها الأمواج، فكان البحارة القادمون من الجزيرة العربية على متن المراكب الشراعية يرسون بمراكبهم فى المرسى الذى سمى فيما بعد "السقالة"، فتكون منطقة الدهار فى اتجاه الشمال، فيقولون وهم متوجهون إلى بيوتهم وأقاربهم: نحن ذاهبون إلى "الظهار"، ثم حرفت فيما بعد من قبل أبناء الصعيد سكان المنطقة إلى اسم "الدهار".
وتنقسم منطقة الدهار إلى عدة أحياء هى:
أ- حى العنبر:
يقع فى المنطقة خلف البوستة الرئيسية وجنوب الجامع الكبير وخلفة، وسمى بهذا اللاسم نسبة إلى "العنابر" التى بنتها شركة "آبار الزیوت الإنجليزية" للعمال من الطوب النيئ وسقف من الصاج، ثم قامت فيما بعد بإنشاء مجموعة بيوت فى قلب سوق المدينة على هيئة صفوف مبنية من الطوب البغددلى والخشب.
ب- حى الملاحة:
فى المنطقة خلف موقف أتوبيس الوجة القبلى، وسمى بهذا الاسم لأن طبيعة الأرض سبخة و"ملاحات"، وكانت تستخرج منها الطوب الأبيض الطفلى الذى بنيت منه معظم بيوت المدينة.
ت- حى البورة:
فى قلب المدينة أمام الجامع الكبير والسوق القديمة، وسمى بهذا الاسم نسبة إلى طبيعة أرض هذه المنطقة المنخفضة التى تشبه (الحفرة أو البورة)، وعند هطول الأمطار الغزيرة تتحول إلى بحيرة مغلقة ويصل ارتفاع منسوب المياة فيها إلى 2 متر أحيانا، وفى السيول التى ضربت المدينة عام 1996 ترك سكان هذا الحى منازلهم ونجوا بأرواحهم ولم يستطيع كثير من الناس الوصول إلى بيوتهم إلا عن طريق المراكب الصغيرة.
ث- حى جبل العفش:
هو مجموعة من البيوت سميت بهذا الاسم لقربها من جبل العفش من ناحية الغرب والجنوب على هيئة قوس، وسمى هذا الجبل العفش نتيجة وقوع رجل يسمى العفش من أعلى قمته ومات.
ج- حى العرب:
غرب شارع النصر يحدة من الشمال منطقة الزراعة ومن الجنوب شارع السلام، سمى بهذا الاسم لأن جميع ساكنيه من العرب، والبدو يعمل غالبيتهم فى البحر.
ح- حى المنشية:
بجوار المستشفى العام، يسكنه عدد من عائلات البحارة البدو، كان المقصود بهذه التسمية كلمة "منشأة" جديدة، غير أن البدو ينفرون من نطق "الهمزة" ويستبدلونها "ياء" فسميت منشية.
خ- حى الموظفين:
فى المنطقة الواقعة بين السنترال حتى المرور القديم ومبنى المحافظة الحالى ونادى الكلوب أو نادى الغردقة، وهو الحى الراقى وكل مبانيه متشابهة عبارة عن شاليهات متباعدة أنشأتها الشركة من الطوب البغددلى، وسميت بهذا الاسم لأن ساكنيها من (الموظفين) الحكوميين، وأيضا المعينين فى الشركة مثل كبار المهندسين والفنيين ورؤساء الورديات والخوجات من جنسيات أوروبية وأمريكية، وكان يحذر على أى شخص من الأحياء الأخرى التواجد أو المرور فى هذة المنطقة وإلا يقبض عليه ويتعرض للمساءلة.
ثانيا منطقة السقالة:
تقع جنوب المدينة على ساحل البحر وتعتبر ثاني تجمع سكانى بعد الدهار، اتخذت منها "مصلحة الحدود" مكانا ومقرا لها عام ١٩١٧ وأنشأت مباني الإشارة وعنابر الجنود، بينما كانت بيوت وعشش الصیادين البدائية تنتشر على الساحل بالقرب من مراكبهم، وقامت شركة "آبار الزیوت الإنجليزية" بإنشاء بعض المباني والمساكن لعمالها الذین یعملون في الشحن والتفریغ، كما قامت بإنشاء ميناء صغير عبارة عن "سقالة خشبية" على خوازيق حديدية كانت ترسو عليها المراكب التى تقوم بشحن البترول وتفريغ المياه القادمة من ميناءى السويس وعدن فى اليمن، وأيضا تفريغ المعدات الخاصة بالبترول والمواد التموينية، فسميت هذه السقالة "سقالة الزيت" ومنها أطلق على المنطقة كلها اسم "السقالة"، كما أنشأت استراحة للملك فاروق بالقرب من هذة السقالة وبجوارها برج الحمام الشهير الذى أذيل قريبا".
أما حى الأشلاق، فهو فى الحقيقة "قشلاق" وتعنى هذه الكلمة "ثكنة الجيش" وسمى هذا الحى بهذا الاسم نسبة إلى تواجد ثكنات جنود قوات حرس الحدود الملكى السابق ذكرها، ولا تزالت بعض أطلال هذه المبانى موجودة حتى اليوم، ويقع هذا الحى خلف القسم القديم، وإذا تحدثنا عن منطقة الحرس الوطنى فهى تبدأ من خلف أبو نواس ومحطة مياه اليسر ومنخفض التكاليف وحتى دار مناسبات الجامع القطرى والجبال الشرقية منه، وكانت تتواجد بها قوات من الجيش والبحرية على هيئة كتائب كانت تسمى مجمع "الحرس الوطنى"، وكانت تأتى إلى هذا المكان من حين لآخر قوافل من سيارات الجيش وينصبون خيامهم ويقضون بضعة أيام ثم يغادرون".
ثالثا منطقة الأحياء:
وتقع فى الجزء الشمالى من المدينة، وجاءت تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى محطة الأحياء البحرية التي أنشئت في عام 1928 وبدأ العمل البحثى فعليا بها في 1932 تحت رئاسة العالم الإنجليزي "سيريل كروسلاند"، وقد كانت آنذاك تابعة لكلية العلوم جامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا)، وتعتبر أول محطة بحرية للأحياء المائية على ساحل البحر الأحمر، والوحيدة المقامة على الساحل على مدار ثلاثين عاما".
الدكتور العلامة حامد جوهر تولى رئاسة المحطة في عام 1934 ولمدة 40 عاما، شهد خلالها المعهد نشاطا علميا لا مثيل له، حيث قام خلال تلك الفترة بإنشاء متحف الأحياء المائية وعمل أبحاث هامة في مجال علوم البحار، ثم تغير الاسم إلى (المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد- فرع البحر الأحمر) تابع لوزارة البحث العلمي.
متحف الأسماك بالغردقة:
وقامت إدارة المعهد ببناء الحى وهو عبارة عن استراحات ومساكن للدكاترة وللفنيين والعاملين والبحارة، وكذلك مبانٍ خاصة بمتاحف الأسماك والطيور المحنطة وأحواض الأسماك الحية، بالإضافة إلى مكتبة تحتوى على كتب علمية قيمة، وتم مد هذا الحى بمولد كهرباء يغذى كل هذه المنشآت والمساكن، وكان يعمل حتى منتصف الليل ثم يتوقف حتى الصباح ويعاود العمل مرة أخرى.
وكان للعلامة الكبير الدكتور حامد جوهر الفضل الكبير فى إنشاء محتويات هذا الصرح العلمى الكبير الذى تراجع دوره العلمي تدريجيا بعد تركه رئاسته، وتحول إلى إدارة حكومية بيروقراطية في المقام الأول، وفى آخر زيارة له للمتحف رفض دخوله وحزن كثيرا عندما شاهد ما بناه طوال هذه السنين قد عبثت به أيدى الإدارات الجديدة ولم تحافظ على محتوياته الثمينه..
دى كانت حكايتنا النهارده عن مدينه الغردقة... تحياتى..
د. أمير فهمى زخارى المنيا