( 1909- 1988 )
إعداد / ماجد كامل
يعتبر أنيس عبيد ( 1909- 1988 ) وبحق هو رائد ترجمة الافلام الأجنبية المكتوبة علي الشاشة ، والمعلومات عن أنيس عبيد قليلة جدا ، وفي حدود ما تيسر لي من معلومات ، ولد عام 1909 ، ودرس في كلية الهندسة ، ثم سافر بعدها إلي فرنسا للحصول علي درجة الماجستير في الهندسة ، وكان من أوائل من قاموا بطبع الترجمة علي الأفلام الأجنبية في الأربعينات ، ولقد بدأت الفكرة عنده عندما فكر في تصميم آلة صنعها بنفسه باعتباره مهندسا في الأساس ، وقام من خلالها بطبع الترجمة علي الشريط السينمائي ، ثم قام بدمج الترجمة علي فيلم 16 مللي ، وهي تقنية لم تكن معروفة في العالم العربي في ذلك الوقت ، فلقد كان السائد أن يترجم الفيلم علي شريط منفصل يتم تحريكه يدويا ، وهو أمر كان يعيق المشاهدة . ومن هنا حرص أنيس عبيد أن يدخل هذه التقنية في الأفلام الأجنبية . وكان أول فيلم مترجم من الإنجليزية إلي العربية خرج من معامل انيس عبيد ، هو فيلم "روميو وجولليت " الذي حقق نجاحا ساحقا وقتها ، وأستقبلته الجماهير بترحاب كبير ، ثم توسع أنيس عبيد بعدها بشكل أضخم في الستينات من القرن العشرين ، وكان هو المترجم الذي يترجم كل الأعمال الأجنبية التي كان يعرضها التلفزيون المصري ، والآلة التي أبتكرها أنيس عبيد ، مازال موجودة تحتفظ بها أبنته "عزة " ، ولقد قالت عزة في وصف هذه الآلة " كانت آلة ضخمة مقارنة بالأدوات المستخدمة هذه الأيام ونحتفظ بها في مخازن معاملنا مثلما هي " ولقد أكدت عزة من خلال حوار صحفي معها قامت به الكاتبة الصحفية " حميدة أبو هميلة " علي موقع اندبنت عربية بودكاست " شركة الوالد ما زالت مستمرة علي نفس النهج ، والمعمل يقع في منطقة حدائق القبة ، ومقر الشركة الإداري بوسط القاهرة ، ونحن تدريجيا نهدف إلي أن يعمل أبناؤنا في نفس المجال ، لكي يستمر النشاط والعطاء " . ولقد توفي أنيس عبيد في 16 أكتوبر 1988 عن عمر يناهز يناهز 79 عاما . وتذكر عزة أن والدها ظل يعمل بالتقنيات التقليدية من خلال أدوات صعبة وثقيلة وبها مشقة ومراحل كثيرة ، ولكن حاليا تم تطوير طباعة الترجمة باستخدام الليزر ، الذي ظهر عام 1996 ، أي بعد وفاة أنيس عبيد بثماني سنوات . وحول السمات الشخصية التي كان يتمتع بها أنيس عبيد ، تذكر عزة أبنته أن أبي لم يكن يحب الأضواء ، كان يفضل أن يظهر عمله إلي العلن ، بينما هو شخصيا لا يحب الظهور ، وتؤكد عزة أنها تعلمت من والدها الدقة والالتزام والمهنية و المهارة والأمانة ، لقد كان رحمه الله رجلا جميلا في كل شيء ( حميدة أبو هميلة :- قصة أنيس رائد ترجمة الأفلام الأجنبية إلي العربية كما ترويها أبنته ؛ موقع أندبنت عربية ؛ الجمعة 15 مارس 2019 ) .
وحول دور أنيس عبيد في تطور ترجمة الأفلام الأجنبية إلي العربية ؛ يقول الكاتب الصحفي أحمد الجمال في مقال هام نشر له في موقع بوابة أخبار اليوم بعنوان "ترجمة أنيس عبيد ... وسر لعنات رواد السينما ، 7 يوليو 2021 " ، حيث قال " تبني فكرة ترجمة الأفلام الأجنبية شاب يدعي أنيس عبيد ، عز عليه أن يري لغة بلاده قليلة مهملة ، فأخذ يدرس الأساليب التي تتبعها الدول التي تحترم نفسها وتعتز بكرامتها في ترجمة الأفلام إلي لغتها ؛ ولم يكتف بدراساته الخاصة بل شد رحاله إلي أوربا ؛ حيث درس بنفسه الأجهزة التي تتم بها هذه العملية التي تحتاج إلي لكثير من الدقة والمثابرة . وكان له ما أراد ، فعاد الي وطنه و في جعبته فكرة تامة عما يجب عمله لتحقيق هذا الهدف الذي كانت الصحافة تنادي به ليل نهار ، وأخيرا أقتنعت الحكومة بضروة إلغاء الشاشات الجانبية ، وصدر قرار بإلزام شركات السينما بترجمة الأفلام إلي اللغة العربية ووضع هذه الترجمة علي الفيلم نفسه ، وقد نفذ هذا القرار فعلا ، وكان أول فيلم ظهرت ترجمته من صنع أنيس عبيد .... وبدأ انيس عبيد عمله في دائرة ضيقة وبأجهزة محدودة ، ولكن بمثابرته أستطاع أن يخرجها علي نطاق أوسع ، وأن ينشيء لنفسه معملا خاصا أتسع علي مر الأيام حتي أصبح أكبر معمل من نوعه في مصر والشرق الأوسط كله ، وهذا المعمل يتولي طباعة الترجمة لمعظم الأفلام الأمريكية والإيطالية والفرنسية التي تعرض في مصر والبلاد العربية ، كما أنه يقوم بطبع الترجمة الفرنسية التي نراها في كثير من الأحيان علي الأفلام المصرية .
ويذكر أحمد الجمال أن أنيس عبيد لم يكون هو الذي يقوم بالترجمة ، ولذلك تعرض كثيرا للهجوم والسخرية بسبب ركاكة بعض الترجمات ، ولكن الحقيقة أن دور أنيس عبيد كان تقنيا فقط ، فالشركات التي تقدم له الأفلام كان تقدم له الترجمة مع الأفلام ، وكان هو دوره تقني فقط ، فمهمته فنية وليست ترجمة ( احمد الجمال :- المقال السابق ذكره ) .
ولقد أستطاع انيس عبيد تأسيس شركة تضم أكثر من خمسين موظفا تولي هو بنفسه تدريبهم وتعليمهم هذه المهنة التي استلزمت جهدا كبيرا في استيعابها ، وقد صمم هو جميع آلات معامله ، وقد صنعت محليا ومع ذلك فهي أفضل من الآلات الأوربية ، حتي أن كثيرا من الشركات الأوربية أبتاعت منه بعض آلات طباعة الأفلام ... ولم يكتف أنيس عبيد بذلك ، بل أنه صنع جهازا لطبع الترجمة علي أفلام مقاس 16 مليمتر وهو يعتبر من أدق الأجهزة "( أحمد الجمال :- ترجمة أنيس عبيد وسر لعنات رواد السينما ، بوابة أخبار اليوم ، الاربعاء 7 يوليو 2021 ) .
وحول الكيفية التي تعلم بها انيس عبيد هذه التقنيبة ، يذكر عمر طاهر في كتابه " صنايعية مصر " قرأ طالب الماجستير اعلانا بالصدفة عن دورات تدريبية لكيفية دمج الترجمة المكتوبة علي شريط السينما ، وكان الهدف منها منها دعم الأفلام العلمية ..... واصبح لتلك الدورة أثرا كبيرا في مسار عبيد المهني ، حيث تعرف خلال فترة الدراسة علي هامش الدورة علي مدير أحد الأستوديهات في باريس ، جمعته به صداقة عميقة بسبب عشق كلاهما للشطرنج ، ليعرض عبيد عليه أن يتعرف علي المزيد من أسرار الترجمة ، ليقرر بعدها هجر الهندسة بغير رجعة ( لمزيد من الشرح والتوضح راجع محمد حسين :- أنيس عبيد .. عزز لغة بلاده ودمج الترجمة علي الشريط الأساسي للافلام ؛ موقع الشروق ؛ الخميس 14 أبريل 2022 ) .
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-صلاح حسن رشيد :- قاموس الثقافة المصرية في العصر الحديث ( 1798- 2020 ) ؛ مكتبة الآداب ، 2020 ، صفحة 108 .
2-حميدة أبو هميلة :- قصة أنيس عبيد رائد ترجمة الأفلام الأجنبية إلي اللغة العربية كما ترويها أبنته ، موقع أندبنت عربية ، الجمعة 15 مارس 2019 .
3-أحمد الجمال :- ترجمة أنيس عبيد وسر لعنات رواد السينما – بوابة أخبار اليوم ، 7 يوليو 2021 .
4- محمد حسين :- أنيس عبيد ..... عزز لغة بلاده ودمج الترجمة علي الشريط الأساسي للأفلام ، موقع الشروق ، الخميس 14 أبريل 2022 .