ياسر أيوب
أبدًا لن يشعر توماس باخ بأى خطأ أو ندم حين قاد اللجنة الأوليمبية الدولية، أمس الأول، إلى قرار إيقاف وتجميد اللجنة الأوليمبية الروسية.. وسيظل باخ يعلن ويؤكد أنه قام بذلك دفاعًا عن الميثاق الأوليمبى، ولن يجد مَن يسأله أين كان نفس هذا الميثاق في حكايات وبلدان أخرى؟!.. وسيحترم الجميع صاحب المنصب الرياضى الكبير، ولن يسأله أحد عما جرى في 1980.. وقتها، كان توماس باخ لاعب سلاح، وقاد زملاءه في مختلف الألعاب إلى ثورة ضد قرار الحكومة الألمانية حين قررت مقاطعة دورة موسكو الأوليمبية تضامنًا مع الولايات المتحدة بعد الغزو السوفيتى لأفغانستان.
وكان باخ كلاعب ثائر وغاضب يرى ضرورة الفصل بين السياسة والرياضة، وأن حكومة بلاده أخطأت حين منعته هو وزملاءه من السفر إلى موسكو لأنهم لاعبون لا علاقة لهم بأى أمور وقضايا سياسية.. وجرت السنون وأصبح هذا اللاعب الثائر رئيسًا للجنة الأوليمبية الدولية لا يرى أي فاصل أو حدود بين السياسة والرياضة.. رحلة طويلة تعلم فيها توماس باخ أن الأقوياء وحدهم هم الذين يكتبون القوانين، ووحدهم أيضًا يحددون الصواب والخطأ.. وما كان باخ سيبقى رئيسًا للجنة الأوليمبية الدولية لو ظل مقتنعًا بضرورة الفصل بين السياسة والرياضة، وأن اللجنة الأوليمبية الدولية لا علاقة لها بما يجرى في أوكرانيا. وما كان ليحتفظ بمنصبه أيضًا لو أراد تطبيق ما قام به ضد روسيا مع بلدان أخرى داس جنودها هذا الميثاق الأوليمبى والرياضة كلها بأحذيتهم وقوة السلاح والإعلام.. فالقوانين ليست دائمة، لكن يمكن تعديلها أو تغييرها حسب مصالح ورغبات الأقوياء، مهما علَت صرخات الضعفاء وشكاواهم.. وليست القوانين أيضًا صالحة للتطبيق مع أي أحد وفى أي وقت، وسيبقى هناك دائمًا مَن لا يطولهم أو يحاسبهم أي قانون.
ولا يمكن في المقابل إعفاء الروس من مسؤوليتهم عما جرى للجنتهم الأوليمبية.. فهم يعرفون أن الغرب ضدهم، وأن اللجنة الأوليمبية الدولية تحاربهم وتعاقب لاعبيهم وتنتظر أي خطأ جديد لتوقيع عقاب أكبر وأشد قسوة.. ورغم ذلك قاموا منذ عشرة أيام بضم الرياضة في أربع مدن أوكرانية لتصبح تابعة للجنة الأوليمبية الروسية.. كأنهم بأنفسهم يقدمون سلاحًا أو مبررًا جديدًا لمزيد من العقوبات الأوليمبية ضدهم.. وكان هذا القرار بمثابة هدية روسية لتوماس باخ ليقول للعالم إنه لا يعاقب الروس سياسيًّا، إنما هو عقاب رياضى دفاعًا عن اللجنة الأوليمبية الأوكرانية.. ومن المؤكد أن الروس لم يستفيدوا شيئًا من ضم الرياضة في هذه المدن الأوكرانية، ولن يغير ذلك شيئًا من طبيعة وموازين صراعهم الجارى مع الغرب.. قرار لم تتم دراسته قبل إعلانه، ولن يفيد روسيا في النهاية.
نقلا عن المصري اليوم