أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تذكار استشهاد القديسة فبرونيا التي لقبت بالشهيدة المجاهدة فبرونيا شهيدة العفه والطهارة
ولدت الطفلة فبرونيا فى سوريا (بلاد الشام) من أبوين مسيحيين وأرسلها أبوها إلى الدير نذيرة للرب مثل صموئيل النبى وكان عمرها عند دخولها الدير ثلاث سنوات فتربت هناك على أيدى راهبات الدير (دير الملاك الشرقى باخميم) وكانت فبرونيا ذات حسن باهر يشيع من وجهها نور العفة والنعمة والطهارة ناضرة الشباب بارعة الجمال مشهورة فى الكمال والمحاسن الأدبية المسيحية تظهر على وجهها .
وفى تلك الفترة تعلمت أصول الرهبنة وعندما كبرت قليلا صارت راهبة فاضلة متتلمذة على أمهات الدير وكان عمرها فى ذلك الوقت اثنى عشر عاما .
وعندما بلغت القديسة ٢٦ عام صارت رئيسة للدير وأما لجميع الراهبات الذين بلغ عددهم فى ذلك الزمان ثلاثون راهبة فى أيام حبريه قداسه البابا خائيل الأول وفى نهاية حكم الأمير مروان بن محمد الاموى الجعدى أخر خلفاء دولة بنى أمية فى منتصف القرن الثامن الميلادى ، حيث كان يعاونه البشامرة فى حروبه ضد الخرسانيين العباسيين فكان عند هزيمة الأمير مروان أنه أطلق للبشامرة حرية النهب والسلب والسبى والقتل، فأخذوا يحرقون المحاصيل وينهبون الأديرة ويغتصبون الراهبات لهتك أعراضهن وأجبارهن الى ممارسة الرذيلة والفجور على الرغم أنهن أردن التعفف ومن ضحاياهم أديرة العذارى التى بصعيد مصر .
وتم هجومهم على دير رئيس الملائكة ميخائيل بشرق مدينة جرجا والتابع لايبارشية جرجا وأخميم الذى بينما كان ينهبونه رأوا راهبة صغيرة السن جميلة المنظر يشع من وجهها الملائكى نورا فلم يروا فى حياتهم من فى حسنها وبهائها فلم يريدوا أن يتعرضوا لها بسوء وعرفوا أن أسمها فبرونيا فأخذوها دون غيرها لشدة جمالها وتركوا بقية الراهبات تحت الحصار وسلبوا كل ما فى الدير .
ثم بدأوا يتشاورون بخصوصها البعض يقول نقدمها هدية للخليفة والبعض الأخر يريد أن يأخذها له فأقترعوا فيما بينهم ووقعت القرعة على تقديمها كهدية للوالى ...
وبينما هم كذلك رفعت القديسة قلبها إلى الملك الحقيقى وعريسها السماوى يسوع المسيح الحافظ عهده ورحمته للذين يحبونه بكل قلوبهم فألقت بذاتها بين يدى الله باكية طالبة الخلاص وحفظها من الدنس ولو أدى ذلك الى قتلها .
ففكرت القديسة بعد صلاة قصيرة كيف تحافظ على عفتها وطهارتها بحكمة غريبة وعجيبة جدا للخلاص بما أحاط بها ، فطلبت مقابلة رئيسهم لكى تخبره أنها ستقول له سرا عظيما بشرط أن يتركوها فوعدها بذلك وجاء القائد فقالت له أن أسلافنا كانوا حكماء واكتشفوا سرا سلموه لأبائنا ولم يعرفوه سواهم
وهذا السر هو أنه يوجد زيتا حينما تتلى عليه الصلوات وتدهن به لا تخاف الموت ولا السيف وتضمن النجاة والحياة وأردفت قائلة له أن أطلقتنى أعود إلى ديرى وحافظت على طهارة رفيقاتى الراهبات سأعطيك من هذا الزيت وأن كنت لا تصدقنى فأنا مستعدة أن أدهن رقبتى وأنت أضرب بسيفك بكل قوتك لترى نتيجة ذلك وان أردت أدهن به أنت رقبتك وأضربك أنا ولكن القائد المنافق شك فى صحة هذا الكلام فخاف على نفسه وقال لها ادهنى أنت رقبتك وأضربك أنا بسيفى لأنه عزم أن يجرب ذلك فيها
ففرحت القديسة بذلك جدا لأنها لا تخاف الموت بل تشتهيه أفضل من الحياة فى الجسد مع الدنس والخطية اذ بذلك ستنال الحياة الأبدية وطلبت منه أن تذهب إلى الدير لكى تحضر هذا الزيت وتصلى ولا يتعرض هو وجنوده للراهبات بأى ضرر فأقسم لها المنافق بأنه سيطلق سبيها ولا يدع أحد من من جنوده يتعرض لهم .
فدخلت القديسة مسرعة نحو صورة القديسة السيدة العذراء الطاهرة مريم التى هى منبع الطهارة وأخذت تصلى بدموع غزيرة لكى يعينها الله بشفاعتها على حفظ طهارتها وبتوليتها لتكون عروس طاهرة عفيفة لعريسها الحقيقى يسوع المسيح ثم أخذت من زيت القنديل ودهنت عنقها أمام القائد وأعطته كمية من الزيت أيضا وقالت له خذ هذا الزيت وها أنا قد دهنت رقبتى أمامك فاضربنى بكل قوتك وسترى النتيجة بنفسك .
فأمر القائد أحد الجنود الأشرار أن يتقدم لكى يضرب رأس الراهبة فبرونيا بسيفه الحاد بكل قوة بعد أن دهنت بالزيت رقبتها فركعت القديسة فبرونيا على ركبتها وأبرزت عنقها وغطت وجهها دون أن يفهموا إلى ما فى فكرها وعزيمتها وأرادتها المقدسة فى المحافظة على بتوليتها وطهارتها وطلبت من الجندى أن يضرب بكل قوة لكى يروا قوة الله فى هذا السر العظيم ( اذ كانت تقصد كيف أن الله سيسمح باستشهادها ليحافظ على بتوليتها ويروا عظمة وشجاعة هذه الراهبة وأصرارها على حياة العفة والطهارة )
فتقدم الجندى وضرب عنقها بكل قوته ففى الحال انفصلت رأس الشهيدة عن جسدها ونالت إكليل البتولية والشهادة .
ولما شاهد القائد وجنوده ما حدث ارتاعوا واعتراهم خوف عظيم وفهموا أنها أرادت أن تحافظ على عفتها وطهارتها وبتوليتها لتصل للسيد المسيح بكر عذراء بلا دنس .
بعد ذلك ندم البشامرة الجهال وحزنوا حزنا عظيما لما فعلوه بهذه الصبية العفيفة ولم يتعرضوا لأى من راهبات الدير بل تركوهم يعودن إلى الدير وأعادوا لهن كل ما نهبوه ورجعوا عما كانوا يريدون أن يفعلوه بهن .
واستشهدت هذه الراهبة العفيفة فى ٢٩ توت سنة ٤٦٦ للشهداء الموافق ١٩ اكتوبر سنة ٧٤٩ ميلادية .
ذكرت هذه القصة بواسطة يوحنا الشماس فى حياة البابا خائيل ( مجمع الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين ) وذكرت فى كتب ابن المكين والمقريزى وأكد ذلك المؤرخ الكبير ابو صالح الأرمنى
بركه صلواتها تكون معنا آمين...
ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين...