خالد منتصر
كنت طفلاً حين قامت حرب أكتوبر، وعندما أذيع أول بيان نظرت إلى ملامح أبى، فقد كانت تجربة أبى مع بيانات 67 تجربة مريرة، فقد تذكرته يوم خمسة يونيو، وهو يكاد يرقص من الفرح عندما يستمع إلى عدد الطائرات التى سقطت، وكلام المذيع أحمد سعيد عن وصولنا لأبواب تل أبيب، لذلك كان محبطاً ومتوجساً من البيانات فى بدايتها.
لم يكن عندنا إلا إذاعة لندن لنتأكد منها، سهرنا بجانب الراديو، وضبطنا الموجة برغم التشويش عليها، لم يسترح أبى إلا عندما تطابقت البيانات المصرية مع ما قالته إذاعة لندن عن الخسائر الرهيبة التى تكبدها الجيش الإسرائيلى، عمت البهجة كل البيوت فى شارعنا والشوارع المجاورة.
وبدأ المجندون يتواصلون مع الأهل، وكان من ضمنهم عمى الذى ما إن نزل قريته الشعراء دمياط حتى أقيمت الأفراح وأطلقت الزغاريد، كانت المصداقية تجمعنا، والبيانات المنضبطة تضبط رادار إحساسنا بانتشاء النصر، العبور، معارك الدبابات، عبدالعاطى صائد الدبابات، محمد أفندى الذى رفع العلم على التبة، صواريخ سام التى تدرب عليها جنودنا من أبناء المؤهلات العليا الذين التحقوا بالجيش فى طفرة هائلة أثناء حرب الاستنزاف، أحسسنا أننا قادرون على التخطيط وليس كما يقال عنا عشاق فوضى، تأكدنا من قدراتنا، حتى السرقات توقفت فى أكتوبر ٧٣!
الحرب لم تستعد الأرض فقط ولكنها استعادت الكرامة والثقة أيضاً.
نقلا عن الوطن