د. ق / بطرس فلتأوس
- ما هو المجد الذى صلى بيه الرب يسوع في يوحنا 17؟
- هنا تختلط المشاعر وتتداخل الخواطر وتزدحم الأفكار عندما يدخلنا الوحى الإلهي الى مناطق إلهية خاصة . ففي الإصحاح السابع عشر من الإنجيل حسب يوحنا يأخذنا الروح القدس إلى محراب يسوع. أنها لحظات لها خصوصيتها
المميزة . فالروح القدس لا يريد أن يُسمعنا هنا عقائد وتوجيهات وإعلانات عامة.
- بل يريد أن يُدخلنا إلى حجرات قلب الله نفسه. يُريدنا أن نبحر في شرايين الله وأوردته لنلتقط صوراً حية لنبضات قلبه . يريد أن يأخذنا إلى مسارب روحه وطرقات أفكاره لكى نسمع كلمات لا يتاح لنا سماعها كل يوم في ظروفنا العادية . نتأمل اليوم في هذه الصلاة لنفهم ما في قلب الله عن المجد كما جاء في (يوحنا 17 4-5 ) أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ، وأنجزت العمل الذى كلفتني به مَجِّدْنِي في حضرتك الآن أَيُّهَا الآب ، بما كان لي من مجد عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.
ثلاث صور للمجد.
- يتحدث السيد المسيح عن ثلاثة أنواع من المجد .
• المجد الاول:- هو تمجيد الابن للآب عن طريق إتمامه المهمة التي أرسله من أجلها. يقول
" أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. " (يوحنا 4:17 ) .
• المجد الثاني:- هو المجد المستحق ليسوع بسبب اكماله المهمة الموكلة إليه وتمجيده للأب .
• المجد الثالث:- فهو مجد الابن الأصيل الأزلي قبل خلق العالم. يقول :"والآن مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ." ( يوحنا 5:17) يعبر الابن هنـا عـن شـوقه الـى العودة الى الآب لمواصلة التمتع بما كان له من مجد مع الآب . والأمر الذى يجدر بنا أن نلاحظه هنا أن المجد هو مجد غير مسبب . فهو ليس مجداً ناتجاً عن أي عمل قام به المسيح. فنحن نتحدث عن مرحلة قبل الزمن وقبل أية عملية خلق . فلم يكن ممكنا أن يكون الابن قد فعل شيئا خارج الذات الالهية يستحق علية مجداً . فقد كان مجداً في حضرة الآب . انه مجد اللاهوت الكامل بكل مظاهره , ذلك المجد الذى سيعود إليه المسيح بعد صعوده .
ثم يتحول حديث الرب الى مسار كهنوتي حيث يتشفع في المؤمنين به . وهنا نتعرف شيئا من أفكار الله وخططه لنا . يقول:" أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي وَقَدْ حَفِظُوا كلاَمَكَ. وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ. لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي . مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ."(يوحنا 17: 6 – 9 ).
- في هذه الصلاة يدخلنا الروح القدس في تطفل مقدس مهيب على حديث خاص جدا من الابن للآب . والروح القدس هو وحده القادر على سبر الاغور أعماق الله . فهو روح الله. تقول كلمة الله : " فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ. لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هَكَذَا أَيْضاً أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. "(1 كو 2 :10 -11) وهكذا يضع الروح القدس آذاننا على صدر الله وعلى فمه لكى تدخل كلمات قلبه مباشرة إلى أرواحنا . وبهذا نعرف ما يشغل باله ويستغرق عواطفه إن ما يشغل قلب الرب هو خلاص الانسان ومازال يشفع فينا حتى الان هل نستفيد من شفاعته ووجوده على يمين الاب اتمنى ان تقبله لان مازالت الدعوة مفتوحه لكل من يريد يقبله .
- صلاتي ان الرب يبارك كلمته ويحفظ تأثيراتها بالروح القدس أمين .