القس باسليوس صبحي
اسمه:
- القس غبريال المتطبب، كان أحد كهنة كنائس مدينة صِندفا[11] الثلاثة، وهذه الكنائس الثلاث يُعرّفنا بها المؤرخ المشهور أبو المكارم من خلال كتابه المهم عن الكنائس والأديرة في القرن الثاني عشر الميلادي، وهي كما يلي:
1- كنيسة الشهيد (العظيم الأمير) تادرس، والتي كانت تحتفظ برفات بولس المعترف بالمسيح، المعروف بابن أبو الرجاء[12].
2- كنيسة السيدة (العذراء)، 3- كنيسة (الشهيد العظيم) مار جرجس[13].
ورد اسمه لمرة واحدة ككاتب لسير بعض الشهداء الأقباط، بالمخطوط 1566 عربي بالمكتبة الوطنية النمساوية بفيينا[14].
تاريخه:
غير معروف لدينا الآن بالتحديد زمن حياته أو نشاطه، حيث أن المخطوط (1566 عربي) السابق الذكر، ناقص البداية والنهاية، وبالتالي لا يحمل أي تاريخ على الإطلاق. ولكن من خلال المعلومة الوحيدة المذكرة عنه في المخطوط 236 عربي من المكتبة الوطنية الفرنسية بباريس (الذي هو في الواقع تجميع لمخطوطين)، يمكننا تحديد زمن وجوده تقريبًا. حيث يذكر القس غبريال نفسه أنه ناسخ " ُمسطرها" بعض أوراقه[15].
فإذا عرفنا أن المخطوط يحمل أكثر من تاريخ، يتراوح بين عامي 1247-1307 ش (1530-1590 م)، ويشير إلى أنه قد نُسخت بعض محتوياته نقلًا عن مخطوطات كنيسة أبي سيفين بمصر القديمة في 21 كيهك سنة 1247 ش 😊 الثلاثاء 30 ديسمبر 1530 م) كما هو مدون بحاشية في الورقة 90 ظ[16].
نستنتج من هذا كله، أن القس غبريال المتطبب كان من رجالات القرن السادس عشر الميلادي.
ومن جهة أخرى، من خلال اسمه ولقبه نستنتج أن عمله أولًا كان طبيبًا "متطبب"، والمتطبب بحسب المعاجم العربية: هو الشخص الذي يتعاطى عِلم الطِّب، ولعله احتفظ بهذا العمل حتى بعد سيامته الكهنوتية، بدليل احتفاظه بهذا اللقب في سني خدمته.
أعماله:
من أقدم ما نملك عن نشاطه وعمله بنساخة المخطوطات وترجمة سير القديسين، هو ما جاء بنهاية سيرة الشهيد العظيم أبانوب النهيسي، وردت بالمخطوط المذكور أعلاه (236 عربي/ باريس)، حيث تذكر الخاتمة لهذه السيرة ما يلي: "فسر/ ها من اللغه القبطيه إلى العربيه مسطر/ ها عبريال المتطبب احد قسوس كنايس سندفا"[17] كذا.
أما العمل الثاني المعروف لدينا الآن والمنسوب له، فهو ميمر (سيرة) الشهيد الجديد "صنيعه"، الذي سبق وأشرنا إليه. حيث يذكر في بداية الميمر ما يلي: "ميمر نطق به المسكين الخاطي العاجز غبريال المتطبب أحد / خدام كنايس مدينه سندفا التلات على شهادة القديس الجليل / فارس المسيح وتلميذه المنتخب صنيعه من أهل طوخ مثور من كرسي / بنا الكاينه في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر بوّيه سنه / الف وخمسه وعشرين للشهداء الابرار في بطريركية الاب البطريرك / انبا يونس عُرف بابن القديس الثمانون في بطاركة الاسكندرية / وأسقفية الاب الاسقف انبا مرقص عُرف بالقليوبي بمدينة / المحله بسلام من الله يشمل جميعنا الغايبين والحاضرين امين"[18] كذا.
علمًا بأن هذا العمل هو المصدر الوحيد عن سيرة هذا الشهيد، على حد علمنا حتى الآن، ومع ذلك هذه السيرة للأسف ناقصة.
أما العمل الثالث وهو غير مؤكد النسبة له، فهو ميمر (سيرة) الشهيد الجديد أنبا بسوره القس، الذي أكمل جهاده الحسن في الساعة السابعة[19] من نهار يوم الجمعة 6 برمهات سنة 1035 ش (2 مارس 1319م). علمًا بأن هذا العمل هو المصدر الوحيد عن سيرة هذا الشهيد، على حد علمنا حتى الآن.
والسند الوحيد أن القس غبريال المتطبب هو صاحب هذا العمل، أن تلك السيرة وردت بنفس المخطوط الذي يحوي سيرة الشهيد "صنيعه" السابق الذكر[20].
ومن هذه السيرة (الناقصة أيضًا للأسف) نعرف أن هذا الشهيد كان شقيقًا بالجسد لأسقف، وهو (أي هذا الأب الأسقف) هو الذي كرز جسد أخيه أنبا بسوره القس شهيدًا لربنا يسوع المسيح (كما يذكر المخطوط)، وأودع جسده الطاهر بكنيسة السيدة العذراء بأشموم طناح[21]. غير أن المخطوطة لم تذكر اسم هذا الأسقف ولا اسم كرسيه صراحةً.
وبتحقيقنا عن هذا الأسقف يتضح أنه "الأنبا بطرس أسقف أشموم طناح"، الذي حضر عملية تقديس الميرون المقدس للمرة الثانية في عهد البابا يوأنس الثامن المعروف بابن القديس البابا الـ80 (1300-1320م) -وسيرته موجودة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت- والتي تمت بكنيسة السيدة العذراء بالمعلقة، وذلك سنة 1036 ش (1320م)، وكان ترتيبه الـ13 من بين 26 مطران وأسقف الذين حضروا تلك المرة[22].
وفي الختام كانت هذه المقالة مجرد محاولة لتأريخ وتسجيل جهاد شخصيتين كانت لهما أيادٍ بيضاء في مجال ترجمة التراث الكنسي وخاصةً ميامر وسير القديسين، فأثريا بذلك التراث المسيحي المكتوب بلغة الضاد بصفة عامة، وحقل الإبداع القبطي بصفة خاصة.