هاني صبري - الخبير القاتوني والمحامي بالنقض
قد تلجأ بعض الزوجات إلى حيل غير قانونية للحصول على التطليق خلعاً في غيبة الزوج وعدم إعلانه بالطريق التي رسمها القانون ، أو يقوم أحد الزوجين المسيحيين باستخراج شهادات المله أو الطائفة وهي باباً خلفياً للحصول على الطلاق لتطبيق الشريعة الإسلامية على الأحوال الشخصية غير المسلمين.
جدير بالذِّكر أنه من يحق الزوج المضرور في مثل هذه الحالات رفع دعوي بطلان الحكم بتطليق الزوجة خلعاً لتجرده من أركانه الأساسية لبطلان الإعلان بالصحيفة وعدم انعقاد الخصومة، أو إذا كانت شهادات تغيير المله مزورة هذه التصرفات المؤثرة قانوناً أحد الزوجين لعواقب لا يحمد عقباها .
حيث خلت نصوص القانونين رقمي 1 لسنة 2000 المعدل بالقانون 91 لسنة 2000 و 10 لسنة 2004 من النص علي اختصاص محاكم الأسرة المحدد على سبيل الحصر نظر طلب بطلان أو إنعدام حكم صادر من محكمة الأسرة، فمن ثم ينحسر الاختصاص بنظر هذه الدعوي عن محاكم الأسرة ويتعقد للمحاكم المدنية باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر المنازعات المدنية والتجارية.
وإن مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى تتعلق بالنظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمنى فيها، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء فيه، سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيرها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها.
وكان المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن محاكم الأسرة التي أنشئت بالقانون رقم 10 لسنة 2004 تختص دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقا لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2000، ذلك أن المشرع أراد بالقانون رقم 10 لسنة 2004 إدخال نظام متكامل لمحكمة الأسرة في التنظيم القضائي المصري بتخصيص محكمة لنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية للولاية علي النفس والولاية على المال، بحيث تجمع هذه المحكمة شتات ما يثار بين أطراف الأسرة الواحدة من دعاوي بشأن تلك المسائل جميعها على منصة واحدة متخصصة.
لا تختص محكمة الأسرة ببطلان أو إنعدام الحكم الصادر منها.
وان المادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 2004 بإصدار قانون إنشاء محاكم الأسرة قد أحالت إلى المادتين 9 ، 10 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، في شأن تحديد المسائل التي تختص بها محاكم الأسرة علي سبيل الحصر سواء في المسائل المتعلقة بالولاية علي النفس أم بالولاية على المال، والتي أضيف إليها اختصاص آخر يتعلق بدعاوي الحبس الامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ أحكام النفقات بموجب المادة الأولي من القانون رقم 91 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 سالف الذكر.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يجوز الطعن على حكم الخلع ؟
1- لا يجوز الطعن على حكم الخلع بالاستئناف وإنما يجوز إقامة دعوى بطلان للحكم أمام المحكمة المدنية .
2- يجوز إقامة دعوى استرداد المهر أو مقدم الصداق الفعلى حتى بعد الحكم بالخلع.
3- يجوز إقامة دعوى إثبات حقيقة مقدم الصداق أو صوريته دون طلب استرداده أثناء قيام العلاقة الزوجية.
4- يجوز إثبات حقيقة مقدم الصداق أو المهر بكافة طرق الإثبات مثل شهادة الشهود أو البينة أو القرائن.
5- لا تستحق المطلقة خلعا أجر حضانة ولا نفقة زوجية سابقة على حكم الخلع.
6- المطلقة خلعا تقف نفقتها من تاريخ رفع دعوى الخلع وليس من تاريخ الحكم بالخلع.
7- التطليق خلعاً طلاق بائن لا يجوز رد الزوجة بدون رضاها ولابد أن يكون بموافقتها بعقد جديد ومهر جديد.
إما عن شهادات تغيير المله أو الطائفة فهي من القضايا الشائكة فى "الوسط القبطى"، التي انتشرت بين عدد من المواطنين المصريين المسيحيين، لتسهيل الحصول على أحكام بالطلاق، حيث يلجأ أحد الزوجين المسيحيين إلى تغيير دينه أو الحصول على شهادات تغيير الملّة والطائفة للتحايل على القانون لتغيير المراكز القانونية للمتقاضين وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
أن شهادات "تغيير الملّة أو الطائفة" أصبحت مافيا وتجارة رابحة لبعض سماسرة تلك الشهادات التي يصل ثمن الشهادة الواحدة إلى أكثر من 100 ألف جنيه في بعض الأحيان.
وفقًا للقانون إذا اختلف الزوجان في الطائفة أو الملة وكانت الشهادة صحيحة وفقاً للواقع والقانون، وأقامت الزوجة الدعوى بطلب الطلاق، فإن أحكام الشريعة الإسلامية تكون واجبة التطبيق، ولا يجوز الرجوع لشريعة كل منهما أو بحث دينونتهما بالطلاق من عدمه، باعتبار أن نص المادة "17 3" من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 وضع القيد بالنسبة للزوجين متحدي الملة والطائفة، فإذا اختلف الزوجان ملة أو طائفة تعين تطبيق القواعد العامة وهي الشريعة الإسلامية التي تبيح الطلاق حتى ولو كانت شريعة أحدهما أو كلاهما لا تجيزه.
حيث يلجأ البعض من الراغبين في الطلاق من المسيحيين إلى إدعاء تغيير الدين أو الملّة أو الطائفة لمحاولة الحصول علي الطلاق ويعلم الكثيرين أنها بقصد التحايل علي القانون، وفي حالة ارتداد أحد الزوجين عن المسيحية من حقهما طلب الطلاق سبب تغيير الدين وذلك وفقاً للمادة الثالثة من الدستور المصري الحالي، وعند ارتداد الزوج عن المسيحية، من حق الزوجة أن تقيم دعوي التطليق للخلع وهذه الدعوي أسهل نسيباً من دعوي الطلاق للضرر لحين تعديل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين.
ناهيك عن سمساسرة تغيير الملة والطائفة الذين يستغلوا المتضررين من الخلافات الزوجية ومعاناتهم للالتفاف على القانون، ومخالفة تعاليم الكتاب المقدس؛ لتحقيق أغراضهم الشخصية ومصالحهم الضيقة، أو لأية مكاسب زائفة لأحد طرفي العلاقة الزوجية.
وفى تقديري إن المشرع لم يوفق في صياغة منظومة تشريعية ناجحة للأحوال الشخصية، وإن كل هذه الأمور تتطلب التعديل العاجل لقوانين الأحوال الشخصية حتى لا يتم المزيد من إهدار حقوق كل من الطرفين، ومراعاة المصلحة الفضلي للطفل، ونري أن قانون الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين للمسيحيين يحتاج إلى تعديلات جذرية ليتوافق مع دستور 2014م وهى من التشريعات واجبة الإصدار لتخفيف المعاناة عن الأقباط وسرعة إصدار تشريع فى هذا الشأن.
ونؤكد إن المادة الثالثة من الدستور المصري 2014م تنص على أن: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، ومن ثم فإنه وفقاً للدستور تكون مبادئ الشريعة المسيحية واجبة التطبيق على المصريين المسيحيين، ويكون الطلاق لسببين تغيير الدين، وعلة الزنا، ويتعين على كافة السلطات المعنية إعمال نص الدستور وهو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض منذ عام 1980م من مبادئ هامة والتى تضمنت أن النصوص الدستورية تتمتع بالإنقاذ الفورى والمباشر، منذ العمل بأحكام الدستور وما يخالفها من نصوص تشريعية تعبير منسوخة ضمنا بقوة القانون دون حاجة لانتظار قضاء دستوري أو تعديل تشريعي، وأوجبت بذلك إهدار مواد القانون التى تتعارض مع النصوص الدستورية سابقة كانت أم لاحقة على صدوره باعتبار الدستور القانون الأسمى والأعلى صاحب الصدارة على المدرج التشريعى.
كما إن الشريعة الإسلامية تقرر الاحتكام إلى الإنجيل فيما يتعلق بالمسيحيين وذلك وفقاً لما جاء في سورة المائدة ( ٤٧): "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"، فضلا عن عدم تطبيق المادة الثالثة من الدستور المصري التي تنص على أن: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، ومن ثم فإنه وفقاً للدستور تكون مبادئ الشريعة المسيحية واجبة التطبيق على المصريين المسيحيين، ويكون الطلاق لسببين تغيير الدين، وعلة الزنا، فمن حق الزوجة الطلاق للضرر .
وتنظر المحاكم الآلاف من قضايا طلاق الأقباط، منهم العديد من ضحايا مافيا تغيير الملة، إما بالتزوير، أو الحصول على شهادات أصلية تفيد تغيير الملة بين الطوائف المسيحية فى الداخل أو الخارج، ولكل طريقة ثمنها، وتبلغ قيمة شهادة تغيير الملة الأصلية 4 الآف دولار، وهو سعر موحد للحصول عليها بالخارج، بخلاف تذاكر ومصاريف السفر فى رحلة الحصول على الشهادة التى تمتد أسبوعًا، وهى رحلة تُسرع من إجراءات التقاضى حيث يقدم الشخص الحاصل على شهادة تغيير الملة وثيقة تحركات من مصلحة الجوازات والهجرة للبلد الصادر منه شهادة تغيير الملة موثقة من الخارجية المصرية، ومصدقًا على الأختام التى بها، وحاصلة على صحة التوقيعات.
أما فى حالة عدم السفر للخارج وإرسال مبلغ الشهادة بتحويل بنكى لكاهن الكنيسة الذى يصدر الشهادة، فإن الأمر يتطلب من القاضى أن يستعلم عن كيفية تغيير الملة فى كنيسة من بلد لآخر لم يزُره من قبل، والاستعلام عن التزام من حصل على الشهادة بتأدية الطقوس الدينية للطائفة التى انضم إليها لمدة 6 شهور بانتظام أم لا، إضافة إلى أتعاب المحامى التى تتراوح حسب المكانة الاجتماعية للشخص الذى يسعى للحصول على الشهادة.
وبناء عليه فإنني إدعو الطوائف المسيحية الثلاثة والحكومة والبرلمان الانتهاء من مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين وعرضه على البرلمان لإقراره، وأن يتضمن مشروع القانون المساواة فى الميراث بين الذكر والأنثى المصريين المسيحيين، وإقرار التبني في المسيحية، وأن يكون الطلاق في المسيحية لسببين تغيير الدين، وعلة الزنا، حيث إن هذه الأمور لها أساس دستوري وقانونى، ولها ما يؤيدها فى الكتاب المقدس، كما أدعو الجميع إلى تحمل مسؤوليته في هذا الشأن، مع ضرورة إصدار قرار من كافة الطوائف المسيحية بعدم اعتماد شهادات تغيير الملة أو الطائفة التي يكون الغرض منها التحايل للحصول على الطلاق، وإرسال القرار إلى محاكم الأسرة لإيقاف هذه الثغرة، لحين تعديل قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين .