ياسر أيوب
لم تكن مجرد ميدالية فاز بها أول أمس المصارع المصرى عبد اللطيف منيع فى بطولة العالم الحالية فى صربيا .. لكنها شهادة جديدة وجميلة على أن مصر لا تزال بالنسبة لكثيرين جدا من لاعبيها هى الأجمل والأهم والأغلى من أى ميدالية أو بطولة .. وإحساس هؤلاء بأن اللعب بإسم مصر ورفع علمها عند الفوز لا يمكن مقارنته باللعب بعلم آخر ..
 
وتأتى شهادة عبد اللطيف وانتصاره وميداليته وسط مسلسل لا تتوقف حلقاته عن توالى هروب مصارعين مصريين لبلدان أخرى .. وكانت ورشة الخراطة فى مدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية هى السلاح السرى الذى يلجأ إليه البطل المصرى كلما زادت الضغوط أو كبرت الاغراءات .. فالورشة يملكها والد عبد اللطيف الذى لا يتردد أو يخجل من الوقوف فيها ليساند والده ويتذكر دائما أن هناك شبابا كثيرين يملكون أحلاما تمنعهم معاناتهم ومرارة أيامهم من تحقيقها .. وبقى لاعبون كثيرون فى مصر ولمصر رغم كل ذلك ..
 
ويبقى لبعض الذين غابوا العذر والحق من فرط ما تعرضوا له من قسوة ومظالم .. وقد جاءت لعبد اللطيف عروض كثيرة للتجنيس بإغراءات مالية هائلة لكنه رفضها كلها وكان فى كل مرة يقف فى ورشة أبيه فخورا بأبيه ومدينته وبلده ولعبته ..
 
ويمارس الخراطة ناسيا بشكل مؤقت أنه أحد أبطال العالم والبطل الدائم لأفريقيا والذى بلغ مؤخرا المرتبة الثانية فى التصنيف العالمى للمصارعة الرومانية .. ولم يحقق عبد اللطيف كل ذلك وهو يعيش حياة سهلة أو ناعمة .. ولم ينل حقوقا وامتيازات أكبر وأكثر مما ناله زملاؤه المصارعون الذين استسلموا لإغراءات الهرب والرحيل .. و منعته ورشة أبيه من التفكير فى الاعتزال حين فكر يوما فى ذلك بعدما تزايدت الضغوط وشكوك دوام الانتصار ..
 
ولم يسمح له أهل دكرنس بذلك ورفضوا أن يغيب ابن مدينتهم عن ساحات البطولة ومنصات التتويج .. ووقف معه مسئولو طلائع الجيش الذى يلعب له منذ عشر سنوات وساندوه وأقنعوه بأن اعتزاله هو استسلام ويأس وضعف لا يليقون بأحد أبطال مصر ..
 
وأيضا الاتحاد المصرى للمصارعة وكل مدربيه الذين مارسوا معه الحلم والانتصار وأهمهم أشرف حافظ الأستاذ بكلية التربية الرياضية .. وبالفعل عاد عبد اللطيف لحلبة المصارعة من جديد وعاد أقوى مما كان وفاز ببطولات وميداليات أخرى .. وكانت الميدالية الأخيرة هى برونزية بطولة العالم الحالية بعدما نجح عبد اللطيف فى الفوز فى بلجراد على بطل الصين ويتأهل لدورة باريس الأوليمبية العام المقبل ..
 
ومع هذه الميدالية عاد الحلم الأكبر بميدالية فى باريس .. وهو ليس حلما مستحيلا بشرط دوام الدعم والاهتمام الذى لا يلقاه فى مصر إلا المصارعون الذين يهربون من مصر
نقلا عن المصرى اليوم