القس باسليوس صبحي
أنبا يوأنس بن شنودة (1430-1460م؟)
أولًا: أسمه ولقبه:
من المخطوطات المختلفة نرى اسمه مسجل هكذا:
+ أنبا يونس أسقف أسيوط ومنفلوط
[3].
+ الأب الأسقف المكرم أنبا يونس أسقف أسيوط والشرق وما أضيف إليه المعروف بابن شنوده[4].
+ يونس خادم الشعب المسيحي الارتدكسى بكرسي مدينة سيوط ومنفلوط وبوتيج وشرق الخصوص وما أضيف إليهم[5].
+ الأسقف أنبا يونس ابن شنوده أسقف كرسي سيوط وبوتيج ومنفلوط وشرق الخصوص[6].
+ الأب الأسقف المكرم انبا يونس الاسيوطى[7].
+ أنبا يونس الأسيوطي[8].
+ الأب الأسقف أنبا يونس ابن شنودة المعروف بالخولى[9].

- أما ذكر اسمه بخط يده فكان هكذا:
+ أنا الحقير المخاطب لمحبتكم... خادم الشعب المسيحي بمدينة أسيوط[10].
ونفهم من ذلك عدة أمور، نوجزها فيما يلي:
‌أ. والده بالجسد كان يُدعى شنودة المعروف بالخولي.
‌ب. غير أن البعض يرى أن لقب (ابن شنوده) يعني أنه كان أحد رهبان دير الأنبا شنودة بسوهاج[11].
‌ج. في البداية كانت إيبارشية الأنبا يوأنس تشمل أسيوط ومنفلوط فقط[12].
‌د. أضيفت إلى الإيبارشية في زمنٍ ما إيبارشية أو إيبارشيات أخرى لضعفها أو لقلة عدد المؤمنين، بدليل قوله: (وما أضيف إليهم)[13].

ثانيًا: تاريخه:
تذكر المراجع التاريخية أنه وُلد بناحية طوخ بكريمة المعروفة الآن باسم (دوينة) مركز أبوتيج ‑ محافظة أسيوط، وبهذه البلدة كنيسة أثرية على اسم القديس يوحنا المعمدان [14]. أما عن تاريخ رسامته فهو غير معروف بالتحديد، ولكن من الثابت أنه رُسم بعد سنة 1138ش (1421م) لأن في هذه السنة كان أسقف كرسي أسيوط: أنبا غبريال الشهير بابن كاتب القوصية الذي كان رئيسًا لدير أبي مقار، وهو الذي اشترك مع أنبا ميخائيل الغمري أسقف سمنود في رسامة البطريرك السرياني الأنطاكي مار باسيليوس بهنام الأول بكنيسة الشهيد العظيم فليوباتير مرقوريوس الشهير بأبي سيفين، بحارة البطريرك بمصر القديمة[15].

ومن مخطوط أخر نعرف خبر جديد عنه، وهو أنه عمل على نقل جسد الشهيد مار يوحنا الهرقلي إلى بيعتهُ (بقرية) أم القصور (بمركز منفلوط)، وذلك في يوم الخميس 19 أمشير سنة 1148ش (الموافق 14 فبراير 1432م)، وذلك من دير السيدة العذراء ومار مينا المعروف بمغارة شقلقيل (والمعروف الآن بالدير المعلق). وقد جعل هذا الأسقف سعيه لإتمام هذا العمل مكتومًا في قلبه سنتين من الزمان أو أكثر[16].

وبالتالي من هذا نفهم أن "أنبا يوأنس" كان أسقفًا من نحو سنة 1430م أو ما قبلها بقليل.

علمًا بأن في عهده أستشهد الشهيد الجديد "بسطوروس"، يوم الجمعة الموافق 28 برمودة 1150ش (23 أبريل 1434م)[17].

بينما لم يكن حاضرًا طبخ الميرون المقدس الذي تم بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم بالقاهرة سنة 1177ش (1461م) في عهد البابا متاؤس الثاني (الـ90) [1169-1182ش= 1452-1465م][18]. حيث يذكر كاتب مخطوط الميرون في هذه المرة ما يلي: "تم تسلم أبونا القس الأسعد ابرهيم البزار المعروف بابن عم الأب الأسقف المكرم أنبا يونس أسقف أسيوط المعروف بن شنودة المتنيح نيح الله نفسه في الأحضان الإبراهيمية ويرحمنا بصلاته... "[19].

أي أن أخباره المعروفة لدينا حتى الآن، محصورة في الفترة بين سنتي 1430-1460م، وذلك كما سوف نأتي بالشرح.

ثالثًا: أعماله:
1. إبصالية الأحد السنوي للسيدة العذراء:

وضع إبصالية آدام للسيدة العذراء مطلعها: Aina\; eqbe vai > aicaji en oujom..، وتُقال على ثيؤطوكية يوم الأحد في شهر كيهك، وذلك بشهادة مخطوط ترتيب البيعة الذي يقول: "إبصالية تصنيف الأب الأسقف المكرم أنبا يونس أسقف أسيوط والشرق وما أضيف إليه المعروف بابن شنوده" [20].

ثم صارت هذه الإبصالية تُرتل في اليوم الحادي والعشرين من شهر توت، وفي اليوم الحادي والعشرين من كل شهر قبطي[21]. وفي النهاية استقر بها المطاف كإبصالية أولى تُقال على ثيؤطوكية يوم الأحد على مدار السنة، وقبل الإبصالية الأساسية ليوم الأحد والتي تُرتل على اسم ربنا يسوع المسيح[22]، والتي تبدأ بعبارة Aikw; ~ncwk > en ~p]wk ~mpa\ht... علمًا بأن أقدم نسخة نعرفها الآن من إبصالية العذراء ترجع لسنة 1160ش- 1444م[23]، وهي موجودة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في قسم كلمات الألحان.

ومن الطريف أن الطبعة الأولى لكتاب الإبصلمودية السنوية المقدسة والتي ظهرت بروما سنة 1764م بواسطة الأسقف القبطي الكاثوليكي روفائيل طوخي، لم تكن تحوي هذه الإبصالية. بينما نُشرت للمرة الأولى سنة 1624ش- 1908م مرتين في كتاب الإبصلمودية السنوية المقدسة، طبعة القس مينا البرموسي وكيل بطركخانة إسكندرية[24]، وطبعة إقلاديوس يوحنا لبيب[25]، مما يُثبت أن هذه الإبصالية قد تكون مضافة حديثًا في سياق تسبحة نصف الليل السنوية.

ولكن الأمر المُلفت للنظر، أن إقلاديوس لبيب عندما طبع كتاب الإبصلمودية الكيهكية سنة 1627ش-1911م، لم يضع هذه الإبصالية بعد الهوس الرابع وقبل الإبصالية الآدام التي لربي يسوع المسيح على ثيؤطوكية يوم الأحد.

التحليل النقدي لإبصالية الأحد (الأولى):
أ- تتشابه مع الكثير من إبصاليات الأيام السنوية من حيث تركيبها الخارجي، فهي تتكون من 32 ربع، كل رُبع بها يبدأ بكلمة تبدأ بحرف من الحروف القبطية بالترتيب، من الـA إلى الـ:، وتتشابه في ذلك مع إبصاليتي السبت والأحد (الثانية) السنوية، ومعظم إبصاليات الأيام الكيهكية، مما قد يعني أنهم ينتمون لفترة زمنية متقاربة.
ب- بها الكثير من الإقتباسات في المجال اللغوي، أي المفرادات والعبارات والتراكيب، من ثيؤطوكية يوم الأحد[26]. ولعل هذا يُفسر سبب انتساب هذه الإبصالية لتسبحة يوم الأحد السنوية كإبصالية أولى، دون غيره من الأيام.

2. اشتراكه في وضع قطع كيهكية:
أ. وضع بعض قطع قبطية وهي: تفاسير واطس علي ثيؤطوكية يوم السبت }atywleb..

[27]، القطعة الأولي منها تبدأ بعبارة:Ic jen swrp sa rohi mm/ni..، والقطعة الثانية تبدأ بعبارة:.. Wou niben nem taio niben، والقطعة الثالثة تبدأ بعبارة: Al/ywc teoi nhukanoc..، وهكذا...

أي أنها تبدأ كل قطعة بحرف من حروف اسمه باللغة القبطية Iwann/c بالترتيب. ومما هو جدير بالذكر أن هذه المعلومة وردت بوضوح بإحدى المخطوطات المعاصرة له[28]، بينما الأبصلمودية الكيهكية طبعة إقلاديوس لبيب تذكر اسم مؤلف هذه القطع المعلم يوحنا[29]، ومخطوط "ترتيب البيعة" السابق الذكر، ينسبها للمعلم يوحنا القليوبي[30].

ب. وضع سبع قطع تفسير على الثمانية الأجزاء الأولى فقط من ثيؤطوكية يوم الأحد Cemou]..، وأيضًا تبدأ كل قطعة بحرف من حروف اسمه بالترتيب Iwann/c، ولعل هذا ما يُفسر وضعه ثمانية قطع فقط (بعدد حروف اسمه قبطيًا) ولم يُكمل بوضع قطع على باقي أجزاء الثيؤطوكية عينها. ومن الطريف أيضًا أن إقلاديوس يوحنا لبيب ينسب تلك القطع الثمانية للمعلم يوحنا أيضًا[31].

أعمال غير ثابتة النسبة إليه:
ينسب العالم الألماني المشهور الأب G. Graf، هذه الأعمال له دون أن يذكر المرجع الذي استمد منه تلك المعلومة. فيذكر تحت اسم "الأنبا يوحنا الأسقف" (دون تحديد زمان ولا مكان رئاسته) ما يلي:
أ- تسع قطع مدائح عربي تُقال على ثيؤطوكية يوم السبت تُقال في عشية آحاد الصوم الكبير [32]، أولها: «الصوم والصلاة يُخرجان الشيطان والزهد يهزم طغيانه...».
ب- كذلك مديح الأحد الخامس من الصوم الكبير[33]، أوله: «الصوم نوره مشرق دائم والملائكة تفرح بالصايم...»[34].

رابعًا: اشتراكه في أعمال كنسية أخرى:
في تدشين هيكل الملاك غبريال بكنيسة الملاك ميخائيل بالخندق:

اشترك مع البابا يؤنس الحادي عشر (الـ89) [1143-1168ش = 1427-1452م] في تدشين هيكل الملاك غبريال بحري بيعة الملاك ميخائيل بالخندق (المعروفة بدير الملاك البحري، بحدائق القبة الآن). وقد كتب هذا الأسقف ميمرًا مطولًا لهذا التكريز، ذكر فيه أسماء الآباء الأساقفة الحاضرين، وهم الأب البطريرك السابق الذكر وأنبا ميخائيل أسقف أطفيح وأهناس المدينة، والناسخ (أي أنبا يوأنس) في يوم 26 بؤونه.

[35]، ولكن للأسف دون تحديد تاريخ التدشين بالكامل.

ولما كان قد حدث لبث من أحد الباحثين إذ خلط بين شخصية الأنبا يوأنس بن شنوده السابق الذكر وبين شخصية سَميه الأنبا يوأنس ابن الأسقف خرستوذولو وكلاهما كانا أسقفًا على نفس الإيبارشية أي أسيوط ومنفلوط وشرق الخصوص وأبوتيج وما أضيف عليها، وفي الغالب كانا متعاقبان على هذا الكرسي. لذا آثرتُ ولإتمام الفائدة أن أستعرض بعض المعلومات عن شخصية الأنبا يوأنس ابن الأسقف.