د. رامي عطا
من بين السلوكيات المنتقدة تبرز ممارسات التمييز والتعصب والتنمر وغيرها من أشكال خطاب الكراهية والعنف والتطرف، ما يتطلب وعيًا أكبر من خلال مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية فى مواجهة مثل هذه السلوكيات السلبية، ونقصد مؤسسة الأسرة والمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والفنية والرياضية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدنى، ولعل الإعلام فى القلب من تلك المؤسسات، حيث يختص بأحوال الإنسان، ما ينتج عنه من أفكار وما يقع منه من أفعال وما يقوم به من أنشطة وما يقع عليه من قوانين وقرارات فى مختلف المجالات، ومن ثَمَّ دور الإعلام فى نشر مبدأ المواطنة وترسيخ ثقافة الحوار والتسامح واحترام الآخر والعيش السلمى وغيرها من قيم حياتية إيجابية.
فى هذا المقام تجدر الإشارة إلى مبادرة «مرة واحد صعيدى»، التى قدمتها مؤخرًا مجموعة من شباب الإعلاميين، بمنتدى حوار الثقافات، التابع للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، على غرار الكتاب الشهير، الذى خرج منذ سنوات بعيدة ويحمل نفس الاسم، وبه نكات وعبارات وأوصاف غير لائقة تسخر من ناسنا وأهالينا فى صعيد مصر!!، وكان يُباع على الأرصفة، ويروج البعض له!!، ولكن «مرة واحد صعيدى»، فى إطار المبادرة التى نفذتها مجموعة من شباب الإعلاميين، ممن ينتمون إلى محافظات الصعيد، عبارة عن كتيب يضم مجموعة من رواد ورائدات التنوير والثقافة والفكر، الذين أفادوا مصر والمصريين والإنسانية كلها، فللصعيد مكانة كبيرة ومتميزة، وتاريخ طويل من العطاء، وله وجه حضارى فى كل المجالات ومختلف ضروب المعرفة لأن الصعيد بقعة مقدسة وغالية من أرض مصر الطيبة والمباركة.
ضم الكتيب بعض الشخصيات التى انتمت إلى صعيد مصر، حيث تبدأ صفحاته بالعلامة رفاعة رافع الطهطاوى (1801- 1873م)، ابن طهطا بمحافظة سوهاج، الذى يُلقب برائد التنوير فى مصر الحديثة، وقد أفاد المصريين فى مجالات التعليم والترجمة والصحافة والفكر.
الأنبا أثناسيوس (1923- 2000م)، مطران بنى سويف والبهنسا، أحد رواد التنمية الاجتماعية فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو من مواليد المحلة الكبرى، لكنه عاش معظم حياته فى مدينة بنى سويف يخدم ناسها وأهلها فى المدينة والقرى.
الشيخ محمد سيد طنطاوى (1928- 2010م)، من أبناء قرية سليم محافظة سوهاج، كان شيخًا للأزهر الشريف، وهو كثيرًا ما كان يدعو إلى الوحدة الوطنية وقيم الحب والتسامح والتعايش والتعاون.
الدكتور القس صموئيل حبيب (١٩٢٨- ١٩٩٧م)، من الواسطى محافظة بنى سويف، مؤسس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وشغل موقع رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر، وعاش حياته من أجل تنمية الإنسان، كل الإنسان وأى إنسان، وصالح الوطن.
السيدة هدى شعراوى (1879- 1947م) من مدينة المنيا، ناشطة نسوية ومناضلة وطنية دافعت عن الكثير من قضايا المرأة المصرية، واهتمت بكثير من قضايا الوطن منذ اندلاع ثورة سنة 1919م.
الدكتور طه حسين (1889- 1973م) من مغاغة محافظة المنيا، وهو كاتب وأديب وأكاديمى بارع ومتميز، يُلقب بعميد الأدب العربى الحديث وقاهر الظلام، عمل فى الجامعة المصرية وتولى وزارة المعارف «التربية والتعليم»، ومن أقواله الرائدة «الثقافة والعلم أساس الحضارة والاستقلال» و«التعليم كالماء والهواء».
السيدة إستر أخنوخ فانوس (1895- 1990م) من محافظة أسيوط، وهى رائدة من رائدات الحركة النسائية فى مصر الحديثة.
عبدالتواب يوسف (1928- 2015م) من قرية شذرا- الفشن محافظة بنى سويف، أديب ومُؤلف ومترجم، وواحد من أبرز رواد أدب الأطفال والمؤلفين فى الوطن العربى.
الدكتورة نعمات أحمد فؤاد (1924- 2016م) من مغاغة محافظة المنيا، وهى كاتبة وأديبة، لها إسهامات كثيرة ومتنوعة.
بهاء طاهر (1935- 2022م) ولد فى محافظة الجيزة وأصوله من محافظة الأقصر، وهو مؤلف روائى وقاص ومترجم، ومن أبرز أعماله «الحب فى المنفى» و«خالتى صفية والدير» و«واحة الغروب».
وتكون فريق المبادرة من كل من: أنطون ألفريد منسق البرنامج، وأسماء مصطفى، وإيمان أحمد، وزينب محمد توفيق، وعمار عبدالواحد، ومحمد ممدوح، ومريم غاندى، ومصطفى محمود. تحية احترام وشكر وتقدير لشباب الإعلاميين الذين فكروا فى إبداع هذه المبادرة ليعرف الناس حقيقة الصعيد وإنجازات ناسه من أجل الوطن والمواطن، وقد فضّل المشاركون فى المبادرة تقديم سير هؤلاء الرواد والرائدات بلغة سهلة وبسيطة، تألفها الأذن، وكأنها حواديت مصرية، نحكيها ونتناقلها جيلًا بعد جيل، واهتم فريق «السوشيال ميديا» فى منتدى حوار الثقافات بتقديم مادة الكتاب على
موقع الهيئة وصفحته على «فيسبوك» لنجد أنفسنا أمام جهد محترم ومتميز، أتمنى له أن يستمر.
نقلا عن المصرى اليوم