الأقباط متحدون - أين ذهبت مصر ؟
أخر تحديث ١٨:٠٧ | السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢ | ٨ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٤٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أين ذهبت مصر ؟


بقلم نسيم عبيد عوض
هل يستطيع أحدكم أن يجيب هذا السؤال؟ ‘ هل هذه مصر التى نعرفها؟ ‘ هل مصر محتلة من شعب غريب ؟‘ ولعل آخر تصريح من الدكتور البلتاجى الإخوانجى بقوله " سنطبق الدستور غصبا عن الجميع " دليلا على ماأقول ‘ وقوله "سنطبق" تعنى أن هذا المحتل سينفذ كل مايراه بغض النظر عن شعب مصر ‘ الحقيقة أن المنظر مرعب ومخيف ‘ الناظر إلى مصر اليوم يجدها كسوق مفتوح لجماعات إرهابية تفرض بضاعتها على شعبها بالقوة وبدون إعتبار للعواقب ‘ وآخر تصريح للزمر هذا الصباح يطالب بوجود منظمة القاعدة فى مصر ‘ أى تحويل مصر إلى قاعدة إرهابية تحارب العالم المتحضر ‘ هؤلاء الذين يقودون مصر اليوم لهم هدف واضح وهو تحجيم مصر داخل خيمة فى وسط الرمال ‘ ولا يهم مايحدث لأهلها ‘من يتبعهم له الأمان ‘ ومن يخالفهم عليه السجن والهوان أو الرحيل قبل قتله ‘ مايحدث ياشعب مصر اليوم ‘ لا يمكن لأحد تصوره ‘ مجموعة قراصنة إقتحمت البلد وربطتها بحبال الجهل والتخلف ‘ وتعمل على تفجيرها من الداخل ‘لينتهى بها الأمر لتصبح خلافة إسلامية ‘وقاعدة الجهاد الإسلامى ضد العالم كله ‘ والأمر العجيب هو شعب مصر ‘ يعيش فى حالة من الإستكانة والخنوع وهو يتفرج على وطنه مسحوبا منه كل حقوقه وحتى أقل متطلبات الحياة الحرة الكريمة‘ ولا يفعل شيئا ليطرد المحتل ‘ حالة مصر غامضة ولم يحدث لهاعلى مر الزمان أن خضع شعب مصر فى غيبوبة وهو متفرجا على مايحدث ‘ولا يتحرك مطالبا بالحرية والخروج من خيمة الظلمة. وحتى الدول الإسلامية الكبرى لا يحدث لشعبها مايحدث لشعب مصر اليوم.
الحياة اليومية فى البيت والشارع المصرى مخيفة ومؤسفة ‘ وعدم الإطمئنان  على حياة الناس هو الطابع المشاهد اليوم ‘ فالبلطجية يحكمون الشارع فى كل ربوع مصر‘ وقد تخرج من بيتك وتقتل من بلطجى أمام أعين أسرتك ولا تستطيع أن تفعل شيئا يوقف هؤلاء البلطجية ‘ تفقد حياتك فى طرفة عين ولا أمان على أسرتك أو بيتك‘ وهناك فى صعيد مصر وبعلانية يخطفون الناس مقابل دية تدفع وإلا تقتل. الخوف على الفتيات والسيدات أصبح أمرا مخيفا ‘ فالفتاة الصغيرة قد تهاجمها محجبة فى وسائل المواصلات أو فى فصول التعليم ‘ومعها مقص تقص به شعرها ولا أحد يتحرك ‘ أو سيدة يقصون شعرها ويرمونها من القطار وعلى الرصيف ولا منقذ ‘ وخطف القاصرات وإغتصابهم أصبحت سمة ولها منظمات يقودها السلفيين فى مصر ‘ وهذا بخلاف الإنحطاط الأخلاقى ‘ فلا يخلو يوم من الإعلان عن ضبط بيوت الدعارة ‘ وأذهبوا وشاهدوا أعلى إيرادات لفيلم مصرى منحط مثل عبدة موته ‘ وهو فيلم يدل دلالة واضحة كيف يصبغون المجتمع بالإنحطاط الأخلاقى ‘ وحتى القاهرة فى الثلاثينات كان فيها أخلاقيات تميزها عى أيامنا هذه‘ وإذا أضفت لهذه الصورة عدم توفر أقل مطالب الحياة كالخبز والدواء والعلاج ‘ وخمسة مليون طفلا فى الشوارع ‘ والبحث الشاق عن لقمة العيش التى تسبب فى أغلبها اللجوء للجريمة ‘ ستعرف تماما كيف ينعدم السلوك الحضارى ‘ وهدم قيم المجتمع الأخلاقية ‘ وما يحدث فى فصول التعليم بكل مراحلة صورة لما وصل إلية مجتمعنا اليوم ‘ ولعل تهديد السلفيين بهدم الأهرامات وأبو الهول وغيرها من الأثار الفرعونية ‘ مثل آخر لمافعلوه فى أفغانستان ‘ ولعل السماح لهم بالعودة لمصر وإعفائهم من الجرائم التى إرتكبوها فى حق الوطن مخطط له مع قيادات الإخوان‘ وفى هذا لابد من اللجوء  لهيئة اليونسكو وإحاطتها علما بهذه المخططات ‘فنحن أحفاد أصحاب هذا التراث علينا مسؤلية حمايتها ‘ ونطالب بقوات حفظ سلام على أرض مصر لحماية تراثنا وحضارتنا من جحافل الجراد.
خرج أحد السلفيين اليوم ليهدد الكنيسة إذا إنسحبت من اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور ‘بإلغاء كل مايخصها فى الدستور ‘وطبعا هو تهديد أيضا للقوى المدنية بأكملها فى مجتمع مصر ‘  لأن الكنيسة ليست وحدها المعترضة على هذا الدستور المهزلة ‘ والموضوع فى شكل كراسة الكتاتيب زمان ‘ دستور يشكل عارا على فقهاء مصر وعلمائها ‘وماصرح به هذا السلفى وهم يشكلون أغلبية جاهلة فى اللجنة ‘وأيضا تصريح البلتاجى ‘يوضح تماما أن المحتل لا يعبأ بشعب مصر ولا برأيها فى دستورها ‘ لأنهم القوة المهيمنة على قواعد الحكم فى البلاد ‘ وهذا فى حد ذاته مأساة حقيقية ‘ لأنه لا يمكن تجاهل كل الشعب من أجل فئة واحدة لا تخرج فى مجموعها عن 5% من تعداد مصر ‘ يتكلمون بصيغة "نحن " وسنعمل ‘والذى لا يعجبه يرحل ‘ صورة من عبودية الإنسان بدون مراعاة لأصول شعب مصر ولا كرامته وإمتهان كل حقوقه الإنسانية. وإذا أضفنا إلى ذلك كبت الحريات وتكميم الأفواه ‘مثلما يحدث لأى اعلام يقدم معارضة بناءه ‘ يعاقب على الفور بالإغلاق ‘ ورفت رئيس تحرير الجمهورية من قبل مجلس الشورى مثال آخر ‘ وما عليك إلا أن تطالع صحف ومجلات مصر اليوم ‘ ستجد العجب العجاب ‘ فمن بين إعلام كاذب ومنافق ومغيم وهو الأغلبية ‘ إلى إعلام يلعب على كل الحبال حتى يظل ينعم بوجوده ليفتح بيوت الناس ‘ أو لتنهال عليه الهدايا والإعلانات ‘ وبرامج  الفضائيات محزنة إذا صح التعبير ‘ وفتاوى الهواة ونجوم المحطات تغير المجتمع وتقلبه رأسا على عقب ‘ على إعتبار نسبة الجاهلية فى مصر أكثر من خمسين بالمائة ‘فقل على تشكيل ثقافات المجتمع السلام ‘ فهم فى الغيبوبة منطرحون.
اليوم يحكم مصر رجل واحد وجماعة واحدة وحزب واحد وكلهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين والسلفيين ‘ وهل هناك أسوأ من حكم الفرد ‘ مصر يعود حكمها للديكتاتورية البغيضة ‘ وليس هذا فقط فبعض الديكتاتوريات عملت على تقدم المجتمع ونهضته وبنيانه وتقدمه ‘ولكن مانشاهدة على أرضنا ديكتاتوريه لا يهمها من أمر مصر شيئا ‘ فجميع قرارات رئيس الجمهورية محمد مرسى فردية لا يعرض أى منها على الشعب لغياب مجالس الشعب ‘ رجل واحد جمع كل السلطات فى يده يفعل كما يشاء ‘ولا معترض ‘وحتى المعارضة الهزيلة إنحصرت فى الشوارع الجانبية أما م جحافلهم المطالبين بتقنين الشريعة الإسلامية. وأما الأحزاب فقد إنزوت فى حجرات صغيرة موزعة هنا وهناك ‘ ورؤسائها يتعاملون مع الشعب فقط على الفيس بوك أو بالتويتر ‘وحلقة الإنصال بالناس فقط كلمتين ونص بل قد إنعدمت ولا وجود لزعيم مدنى أو عسكرى يقود المعارضة ويجمع الشعب ويثور به ‘ والحالة هذه توضح مدى خوف الأحزاب وقادتها من التصدى لجماعة الإخوان والسلفيين ‘ربما هم مهددون بالتصفية الجسدية أو بأى سبب آخر ‘ ولكنهم يدفعون بشعب مصر للحضيض والتدهور والضياع ‘ فتاريخ الزعامات معروف ومسجل ‘ ولاخوف من نصرة الحق والمطالبة بحقوق الإنسان ‘ هذه أحزاب مهمشة ورقية لا حول لها ولا قوة ‘وهى فى حقيقتها هى التى تدفع بهؤلاء السادة الجدد بالتحكم والديكتاتورية‘وعدم احترام كرامة الشعب ‘ ويوما ما سيحاسبهم الوطن على موقفهم المزرى وإرتعاش ركبهم أمام جحافل الإخوان المسلمين وتابعهم السلفيين.
وهاهى دقات طبول الحرب تتزايد ‘ ومصر اليوم على وشك الحرب مع إسرائيل وبالتالى العالم كله ‘ والسبب الرئيسى فى الموقف هذا هو رئيس مصر المتهور الذى يتخذ قرارات غير حكيمة ‘ وحتى لا يدقق فيها بإعتبار أنها صادرة له من مكتب الإرشاد أو من البيت الأبيض الأوبامى ‘ هذا الرجل مرسى يصعد الموقف مع إسرائيل محاباة لحماس فى غزة ‘ والذى يحدث فيها اليوم كان يحدث كل يوم ‘ ولكن الجديد تقوية الإخوان لحماس والفليسطينيون ‘ والمخطط الخطير لنقل غزة لسيناء هو أمر معروف منذ أن عرفنا ماهية الربيع العربى ‘ ولكن هذا الرئيس لا يعرف شيئا عن الإستراتيجية ولا عن التفكير العاقل ‘ يبدأ بسحب السفير المصرى ‘ ويهدد إسرائيل بالإنتقام ‘ ويغلق قناة السويس فى وجه الملاحة الإسرائيلية ‘ وهذه بالضبط نفس الأسباب التى أدت إلى حرب 67 ‘ فهل إنعدمت مصر من الحكماء ليوقفوا غباء تصرفات هذا الرئيس ‘ وما هو الموقف الحقيقى للجيش المصرى؟ ‘ وما هو الهدف العظيم لدخول مصر الحرب؟ ‘ أم هناك مخططات جانبية بينه وبين أميركا ‘ فمنذ ساعات قال أوباما أنه إتفق على كل شيئ  مع الرئيس المصرى ‘ وإسرائيل تضرب غزة والقصف مستمر ‘ فهل هذا هو إتفاق ‘ والذى أعلمه أن هدف إسرائيل هو دفع وحشر الفلسطينيين فى سيناء وإبعادهم عن خطوطها التى تأمنها.
والسؤال الآن هل شعب مصرى يعرف كل هذا ؟‘ بالطبع يعرف لكنه كاتم أنفاسه ويتفرج كمشاهد لمسرحية عبثية ‘ولا يدرى أنه المسرح الذى تدور علية الأحداث ‘وأنه هو الذى يتلاعب به المخرج ‘ دولة ستدخل فى حرب لا يدرى أحد كيف ستكون ولكن المؤكد فيهاهو الخراب والضياع ‘ فأين أنت ياشعب مصر؟ ‘ بل أين ذهبت مصريتكم ‘ ومن الله نسأل أن يحفظ مصر فى الأيام القادمة من الشرور التى تحوم حولها ‘ ولعل الشعب يفوق من نعاسه لأن حياته تسحب منه وهو لا يدرى‘ فليست هذه مصر التى أعرفها ويعرفها التاريخ.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع