- لا أنتمى للإخوان المسلمين وأختلف معهم فكريا
- علينا أن نفكر فى تحقيق التوافق بالدستور الجديد
- عدم الثقة سبب التناحر بين القوى المدنية وتيار الإسلام السياسى
- من المؤسف أن تتناسى النخبة السياسية هموم المواطن المصرى البسيط
- الخلاف حول الدستور الآن هو خلاف انتخابى
- مشكلة التيار الإسلام السياسى أنهم يشعرون بأنهم الأغلبية
أكد الناشط السياسى وائل غنيم، أن قضية الفلسطينيين، هى قضية كل فرد عربى مسلم ومسيحى، قائلا: "لا بد أن نستشعر دورنا تجاه إخواننا فى غزة"، مضيفا أننا حتى لو نظرنا إلى القضية من منظور ضيق، فإن أمن غزة يعد أمنا استراتيجيا للوطن، فقوة الفلسطينيين من قوة مصر.
وشدد غنيم خلال حواره ببرنامج "آخر النهار"، مع الإعلامى محمود سعد، على قناة النهار، على أن القضية الفلسطينية لا بد أن تأخذ بمنظور إنسانى، بعيدا عن الجانب السياسى أو المرجعية الإسلامية والعربية، وعندما نقوم بمعالجتها لا بد من التفكير فى علاج المرض وليس أعراضه، دون ظهور مزايدات من البعض.
وأضاف غنيم أن هناك نغمة سائدة فى المجتمع حول فكرة "تسييس" موقفنا من القضية الفلسطينية، ودعاوى البعض بعدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية، مرجعا السبب فى هذه الدعاوى، إلى الخلاف السياسى الحادث الآن مع القوى الإسلامية، مشيرا إلى أن عبد الناصر والسادات، اللذين كانا دائما مدعمين للقضية الفلسطينية، لم يكونا منتميين للتيار الإسلامى.
وحول كتابة الدستور الجديد، أوضح غنيم أنه كان من ضمن الأفراد المدعوين للانضمام فى تشكيل لجنة صياغة الدستور، فى نسختها الثانية، بعد قرار المحكمة بحل الأولى، إلا أنه رفض الانضمام لها، لأنه رأى أن الجمعية ليست متناغمة التشكيل، وغير متوازنة، كما أن بها موائمات سياسية كبيرة، مشددا على أن وصول الصراع بين النخبة للشارع هو خسارة لكل المصريين.
وأكد غنيم على أن قضية الدستور ليست الأولى من حيث اهتمام الشارع المصرى، لأن رجل الشارع العادى المثقل بالهموم، يرى النخبة تسير فى واد، وهو فى واد آخر، لافتا أنه من المؤسف الآن أن تتناسى النخبة السياسية هموم المواطن المصرى البسيط.
ولفت غنيم إلى أن خلافات النخبة والقوى السياسية على الدستور الجديد، لا تهتم بالمشاكل التى تمس المواطن البسيط على مستوى الصحة والبطالة والتعليم، بقدر ما تهتم بالخلاف على مسألة تطبيق الشريعة من عدمه، متهما البعض بأنه يدخل فى هذه الخلافات من أجل حسابات معينة، يريدها البعض فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
واعتبر غنيم، أن هناك ما سماه بعملية "سربعة دستورية"، وهذا لا يليق بوضع مصر الآن بعد ثورة 25 يناير، داعيا إلى ضرورة التحاور حول تطبيق الشريعة، بين طرفى الخلاف، والتباحث حول مفهوم الشريعة، وما الذى يمنع الشريعة الإسلامية من التطبيق فى الدستور الحالى.
وأكد غنيم أن الخلاف فى الرؤية حول تطبيق الشريعة، وعدم الثقة فى الآخر، هو السبب فى التناحر بين القوى المدنية وقوى الإسلام السياسى، كما أن هناك اختلافا فى الرؤى حول تطبيق الشريعة أيضا بين تيار الإسلام السياسى، والتيار الإسلامى الذى يعمل خارج إطار السياسة.
واعتبر غنيم أن قيام ثورة يناير، فى حد ذاتها تعد تطبيقا للشريعة الإسلامية، لأنها ثارت على الظلم وطالبت بالحرية والمساواة، وإقامة حياة اجتماعية سليمة وعادلة، وهو ما يتماشى مع روح الشريعة الإسلامية.
وقال غنيم، إنه وفقا للمادة الثانية من الدستور، فإن مبادئ الشريعة الإسلامية، هى المصدر الرئيسى للتشريع، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية، فسرت مبادئ الشريعة الإسلامية، بأنها ما كانت قطعية الدلالة، وقطعية الثبوت، وهذا التفسير ليس معناه عدم تطبيق باقى الأحكام، وإنما تعطى الحق لمجلس الشعب أن يسن ويشرع القوانين وفقا لهذا التفسير، فى ضوء نظرية الاجتهاد الذى هو قائم على الأصول الشرعية، ومصادر الاجتهاد.
وأوضح غنيم أن الدولة المدنية الحديثة قائمة على أن تقوم الجماهير بانتخاب قاعدة تشريعية، والأولى أن يقوم كل تيار بحشد الأصوات التى تنتخبه، لكى يقوم بالتشريع فى ضوء ما يراه من اجتهادات، مشيرا إلى أن مجلس الشعب المنحل كان قادرا على تغيير القوانين التى يراها غير مطابقة للشريعة، مقرا بأن الدستور المصرى يحتوى على قوانين غير مطابقة للشريعة إلا أنها سنت قبل عام 1980، الذى قامت فيه المحكمة الدستورية بتفسير معنى مبادئ الشريعة.
وتابع غنيم قائلا: "قبل عام 1980 كان الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية هى مصدر رئيسى للتشريع، وبالتالى فهى غير ملزمة للمشرع، وطالما القانون صدر قبل أن يتم تغيير الدستور، فإنه لا يمكن تغييره إلا إذا طلب أحد من مجلس الشعب أن يغير هذا القانون".
وعاد غنيم ليؤكد مرة أخرى على أن الخلاف حول الدستور الآن هو خلاف انتخابى، لأن هناك قوى وأحزابا وعدت قواعدها الانتخابية بوعود، أكثرها قائم على الشعبية"، مشيرا إلى أن التيارات من خارج تيار الإسلام السياسى لديها قلق، جزء منه ترويع إعلامى، عندما يستضيف أشخاص أصحاب اتجاهات متطرفة، مثل استضافة الشخص الذى قال بوجوب هدم تمثال أبو الهول، وبالتالى فإن هذا يجعل هناك تخوفا لدى البعض، بجانب عدم قدرة هذه التيارات على حصول أصوات مميزة داخل البرلمان.
ولفت غنيم إلى أن هناك أيضا خلافات جوهرية داخل الدستور، مثل قضايا الصحة والأمن الوطنى، وسلطات رئيس الجمهورية، ووضع الأجهزة الرقابية داخل الدولة، مشيرا إلى أن هذه القضايا لا تناقش فى وسائل الإعلام، بقدر مناقشة قضية الشريعة وتطبيقها.
وأوضح غنيم، أن مصر تعانى من أزمة اقتصادية حقيقية، فمصر فى الربع الأول من عام 2012 – 2013، وصل العجز إلى أكثر من 50 مليار جنيه، وسيصل مؤخرا إلى 230 مليار جنية، مشيرا إلى أن المطالب المشروعة لدى بعض الفئات سوف تثقل هذه الأعباء، وهو ما يعبر عن الدخول إلى أزمة اقتصادية حادة.
وأكد غنيم أن الصراع السياسى النخبوى عندما يصل إلى الشارع، فيحدث مشهدا مثل الذى حدث فى الجمعة التى نزل فيها الإخوان، ومنعوا الشباب من الوصول إلى مجلس الشعب، وجمعة كشف الحساب، فهو خسارة لكل المصريين، وليس لتيار سياسى معين.
وقال غنيم، إنه فى الاجتماعات التى حضرها مع مستشار رئيس الجمهورية، التى لم يكن فيها أى ممثلين للسلفيين، الذين كانوا يحضرون من قبل اجتماعات نقاشية حول الدستور، مشيرا إلى أن تيار الإسلام السياسى لديه مشكلة حقيقية بأنهم يشعرون بأنهم الأغلبية، وهذا الأمر يمكنهم من تمرير أى شىء يريدونه.
وأكد غنيم أن المجتمع الآن أصبح يتصيد الأخطاء لبعضه البعض، مشيرا إلى أنه من الخطأ أن يعتقد البعض أنه يملك تمرير الدستور "عافية"، مؤكدا أنه لا يملك أحد أن يمرر الدستور، لافتا إلى أن الدستور لو خرج بهذا الشكل فإنه "سيلفظ".
ولفت غنيم إلى أنه محافظ لكنه لا ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن الدكتور عصام العريان هو من قال ذلك من قبل، وأن غنيم طالبه بأن ينفى هذا الأمر، ولم يفعل العريان، قائلا إنه كان فى فترة الجامعة "محبا" لطلاب الإخوان المسلمين.
وعن اجتماعه مع الرئيس محمد مرسى، أوضح غنيم أنه نقل إلى الرئيس ضرورة أن يكون التفكير كله منصبا على ما فيه مصلحة الشعب، وأنه ليس من الجيد أن تقرر الأغلبية داخل التأسيسية أن يكون الدستور على مزاجهم، مستنكرا ما سماه بعملية "سلق الدستور"، متسائلا: "هل يعقل أن تتم مناقشة مواد الدستور داخل اللجان الخاصة لمدة أشهر، ثم عندما يتم فتح باب المناقشة والصياغة أمام اللجنة العامة تتم العملية بهذه السرعة؟".
واستنكر غنيم طريقة إدارة المستشار حسام الغريانى للجلسات داخل الجمعية التأسيسية، مشيرا إلى أن التاريخ سوف يشهد على الطريقة التى تمت بها صياغة الدستور، مشيرا إلى أن الأجواء التى يتم بها كتابة الدستور، ليست هى الأجواء السليمة، مشيرا إلى أنه على الرئيس أن يتدخل بما لديه من سلطة تشريعية، لتصحيح هذه الأجواء.
وقال غنيم، إنه تحدث مع المستشار الغريانى، وأبلغه بأن أعضاء الجمعية التأسيسية يقع عليهم مسئولية تاريخية، ولا يصح أن يخرج الدستور بالأغلبية العادية، التى تمثل 51%، أو حتى 57%، طالبا منه أن تكون نسبة التصويت فى الأغلبية بنسبة 67%.
وأوضح غنيم أن مرسى قد وعد من قبل بالعمل على إعادة التوازن داخل التأسيسية، متسائلا: "أين يا دكتور مرسى التوازن الذى وعدت به"، مشيرا إلى أن التوازن يجب ألا يكون فى نسبة التصويت فقط، وإنما يكون بتوافق المصريين على الدستور، بتحديد الجد الأدنى من التوافق.
وقال غنيم، إن الغريانى أبلغه أن التوافق سيكون السبيل لإصدار الدستور الجديد، دون اللجوء إلى التصويت، إلا أن هذا الأمر عكس ما نراه فى اجتماعات التأسيسية، فالكل يلوح بالتصويت خلال الاجتماعات، والناس كلها متجهة نحو التصويت.
وتمنى غنيم على أعضاء التأسيسية أن يتحملوا دورهم التاريخى، قائلا إن التاريخ لن يرحمهم كما أنه لن يرحم شباب الثورة، وكل النخب السياسية إذا لم تستقم وتفكر فى مصلحة البلد، كما تمنى غنيم أن يكون هناك لحظة تعقل من الجميع، داخل التأسيسية، وخاصة من ينتمون إلى التيار الإسلامى، وأن يعلموا أن البلد لن ينهض دون استقرار، قائلا: إن الدكتور مرسى قد أنصت دون أن يكون هناك فعل.
وقال غنيم، إن الوضع الآن فى البلد يتطلب أن تعقل النخبة السياسية، حجم المشكلة التى تتعرض لها مصر مع عدم وجود استقرار سياسى، وهذا الأمر لن يأتى بدون الدستور، الذى يحفظ هوية البلد، وتداول السلطة، وحماية حقوق الأقلية من تغول الأغلبية.
وانتقد غنيم تحول الخلافات السياسية إلى خلافات على الهوية، لأن هذا الأمر يضر بالمجتمع ولا ينفع الشريعة الإسلامية بأى شكل من الأشكال، قائلا: إن النخبة مقصرة فى حق المواطنين البسطاء، الذين علقوا عليهم آمالا عريضة.
وقال غنيم، إن أمراض المجتمع المصرى توجد داخل جميع الأطياف السياسية، وعلينا أن نقوم بحلها حتى نقوم بتحقيق الحلم الذى توحدنا عليه جميعا أثناء الثورة، مشيرا إلى ضرورة الالتفاف حول المشاكل الحقيقية لحلها مثل مشكلة التعليم والصحة وغيرها.
وأشار غنيم إلى أن هناك أملا فى المستقبل، ففى عام 2010 كان هناك إحباط لدى الشعب المصرى، وهذا الأمر تحول بشكل مفاجئ، لافتا إلى أن مصير أى ثورة أن تصطدم بمطبات، فالمجتمع المصرى مغلق لمدة عشرات السنوات، وفجأة نحاول نكتشفها قبل أن نقوم بمعالجتها، قائلا: إن الأمل الحقيقى فى الشباب المصرى، الذين هم الأقدر نوعا ما من الأجيال الأكبر منهم سنا على التحاور وقبول الآخر.
ولفت غنيم إلى أن هناك مشكلة حقيقية وهى عدم سماع وقبول الآخر، كما أننا نقوم بالتعميم، وتكوين فكرة عن الحالة العامة من التيارات المضادة من خلال هذا التعميم، مشيرا إلى أن من فى السلطة لا بد أن يتحمل تبعية هذه السلطة.
وأكد غنيم أن الشعب المصرى جاهز للديمقراطية، لكن النخبة السياسية مش جاهزة، وهذا سندفع ثمنه كلنا فى الفترة القادمة، والأحزاب السياسية فى مصر كلها غير منظمة، وغير قادرة على التواصل مع القاعدة الجماهيرية، فيما عدا التيارات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح غنيم أنه يختلف مع جماعة الإخوان المسلمين فكريا، مشيرا إلى أنه لم ينتخب الدكتور محمد مرسى فى المرحلة الأولى، إلا أنه قام بانتخابه فى المرحلة الثانية، إلا أنه أقر بأنه لم يكن يرغب أن يكون هناك مرشح رئاسى من الإخوان فى الانتخابات.
وقال غنيم، إن مرسى بدأ حكمه بقرار ثورى، عندما أطاح بالمجلس العسكرى، وقام بتعديل الإعلان الدستورى، واصفا هذا القرار بأنه قوى وغير متوقع، إلا أن بعد هذا القرار حدثت أزمة ثقة بين الناس والرئيس لم ينجح فى علاجها، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء لم يأت من تيار سياسى مدنى، وأن الحكومة حتى الآن لم تنجح فى تحقيق العدالة الاجتماعية، وأنها اتخذت قرارات كثيرة عكسية، مشيرا إلى أنه غير راض عن هذا الوضع.
وتابع غنيم قائلا: "على الجانب الآخر، فإن هناك مبالغة فى الهجوم غير الموضوعى على الرئيس مرسى والتشكيك فى نواياه"، مشيرا إلى أن هناك هجوما يمكن أن يكون موضوعيا، مثلا عندما نناقش خطة الحكومة فى إصلاح وزارة الداخلية.
وأكد غنيم أن معدل التغيير بطىء جدا، كما أن هناك علامات استفهام على تعيين قيادات معينة داخل الدولة، لافتا إلى أن مقابلة مرسى للبرادعى وصباحى وأبو الفتوح، خطوة جيدة، متمنيا أن تترجم هذه الخطوة إلى أفعال يتم فيها تقريب هذه المسافات.
وقال غنيم إن على الرئيس مرسى مسئولية لم الشمل، واحتواء القوى السياسية، وإنهاء الصراع بين النخب السياسية، من أجل احتواء هذه الطاقات فى خدمة البلاد، مشيرا إلى أنه دون وجود استقرار سياسى فى البلاد، "لو جبنا سوبر مان فى الحكومة مش هينفع"، وأول خطوة على طريق الاستقرار السياسى هو وجود دستور جديد للبلاد.