القمص يوحنا نصيف
بعد أن علّق القدّيس كيرلّس الكبير على مَثَل الخروف الضال، يقدّم تعليقًا لطيفًا على الدرهم المفقود'> مَثَل الدرهم المفقود، كما ذُكِرَ في (لو15: 8-10).. أقتطف منه هذه الفقرات الجميلة:
+ إنّ هذين المثَلَين.. مرتبطَين معًا، ويوضِّحان لنا صورة عن الحنان الإلهي، ولهما معنى متشابه.
+ مِنَ المثَل الأوّل، الذي فيه يُشير الخروف الضال إلى العائلة البشريّة، نتعلّم أنّنا نحن خاصّة الله فوق الكلّ، فإنّه هو الذي أوجَدَ الأشياء غير الموجودة. لأنّه "هو صنعنا، وليس نحن" كما هو مكتوبٌ "وهو إلهنا، ونحن شعب مرعاه وغنم يده" (مز100: 3). وفي المثَل الثاني الذي فيه يُشار للمفقود بدرهم.. فهذا يوضِّح أنّنا على صورة الله ومثاله، أي مِن الله الذي هو فوق الكلّ. لأنّ الدرهم، كما أَفتَرِضُ هو العُملة المختوم عليها الصورة الملكيّة..
+ نحن الذين سقطنا، وفُقِدنا، قد وَجَدَنا المسيحُ، وقد تغيّرنا بالقداسة والبِرّ إلى صورته.. كتب الرسول بولس هكذا: "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ" (2كو3: 18). وهو يرسل إلى الغلاطيّين أيضًا قائلاً لهم: "يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ" (غل4: 19).
+ إذن فقد حدث البحث والتفتيش عن ذلك الذي فُقِدَ، ومن أجل ذلك أوقَدَت المرأة سراجًا، وكما قلتُ إنّنا قد وُجِدنا من الضلال بواسطة حكمة الله الآب، التي هي الابن، وذلك حينما أشرق علينا النور الإلهي والعقلي، واشرقت الشمس، "وطلع كوكب الصبح وانفجر النهار" حسب الكتُب (2بط1: 19).
+ فإنّ الله قد قال أيضًا بواسطة أحد الأنبياء، الذين تنبأوا عن المسيح: "بِرّي يقترب سريعًا، وتظهر رحمتي، ويتّقِد خلاصي كمصباح" (إش62: 1). وهو يقول عن نفسه مَرّةً: "أنا هو نور العالم، مَن يتبعني فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو12: 46).
+ إذن فإنّ الذي فُقِدَ قد خَلُصَ بواسطة النور، وكان هناك فرح بين القوّات العُلويّة. لأنّهم كانوا يفرحون بخاطئ يتوب، كما علَّمنا الذي يعرف جميع الأشياء. لذلك فإن كانوا يفرحون معًا -متناغمين مع القصد الإلهي- بواحد فقط قد خَلُصَ، ويمجّدون رحمة المخلّص بتسابيح لا تنقطع، فبأيّ فرحٍ يمتلئون حينما يخلُص جميع الذين تحت السماء، ويُدعَون للإيمان بالمسيح، ويعترفون بالحقّ، ويَخلعون أدناس الخطيّة، وتتحرّر رقابهم من رباطات الموت.. فإنّنا نحصل على جميع هذه الأشياء في المسيح..
[عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 106) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]
القمص يوحنا نصيف