الأقباط متحدون - دُقــُّـوا طبـُـول الحَـرب.. واخربُـوها
أخر تحديث ٠٥:٤٥ | الجمعة ١٦ نوفمبر ٢٠١٢ | ٧ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٤٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

دُقــُّـوا طبـُـول الحَـرب.. واخربُـوها

 بقلم: مهندس عزمي إبراهيم

 
دُقـُّـوا طبـُـول الحرب.. واخربـُـوها أكتر ما هي خربــانة!!
مصر لا ينقصها خراب ودمار وفقر ومرض وجوع وفوضى وبطالة أكثر مما فيها، أو أكثر مما هي فيه اليوم. كونوا حكماء، ولا تعيدوا نكسة 1967 المشينة فقد دفعنا الثمن باهظاً من أرض الوطن!! ودفعناه من اقتصادنا وأعمالنا واستقرارنا وحالتنا النفسية والأمنية، بل ومن مودتنا بعضنا لبعض كمواطنين داخل مصر. كما فقدنا احترام العالم فكنا سخرية الكوميديين وبرامج "التوك شو" بالخارج. كانت هزيمة 1967، وَصمَة عار مخجلة مخزية للمقيمين منا خارج مصر حتى اليوم.
 
وكانت حرب 1967، أو نكسة 1967، نتيجة كلام مثل ما نسمعه اليوم من كلام وهتافات وصريخ ومقالات تصعيد ودق طبول جوفاء. "كلام ما كنـَّاش قَـدُّه"، واليوم أكتر من حينئذٍ "ماحناش قَـدُّه". لأن مصر وقتها أو بالأصح قبلها كانت أفضل حالا بكثيــــــــــــر من حالها وحالنا اليوم.
حرب 1967، كانت نتيجة طيش وحماقة ورعونة لم نكن مستعدين لها. وربما لأننا لم نتعلم في تعاملاتنا وسياساتنا أن نقصد مانقول، وأن لا نقول إلا ما نقصد فعلا.  لم نكن نقصد ما كنا نقول وقتها أو بالأصح قبلها. وفي طيشنا وعجرفتنا الجوفاء كالعادة لم نكن ندري أو نقـدِّر أن لكل فعـلٍ رَدّ فعـل.. قد يكون أسوأ وأقسى من الفعل نفسه.
 
دُقـُّـوا طبـُـول الحرب يا زبانيــة الخـراب واخربــوها أكتر ما هي خربــانة!!
 
لم تعد الحروب وسيلة التعامل بين الدول في عصر الحضارات. وليست الحرب هي الحل الوحيد لحل مشاكل الدول المتصارعة والشعوب المتنازعة. بل تُحَـلُّ المشاكل بالحِذق والخبرة في فن السياسة الداخلية والإقليمية والعالمية، وبالحوار والمنطق مع الأطراف المعنية بالقضية، وبالتواصل مع الأطراف الغير متداخة في القضية.  ولا بد أن نعلم، وأن نتعلم ان لم نكن تعلمنا من الماضي، أن لكل فعـل رَدّ فعـل.. قد يكون خطير وباهظ الثمن وسيء النتائج.
لسنا في وضع يسمح لنا بالحرب. أقول هذا ليس هذا خوفاً من بطش اسرائيل، ولا حباً في سواد عيون اسرائيل، ولا موافقة على ما تعمله إسرائيل، بل حباً في مصر وخوفاً على مصر.
 
بمقالتي هذه، لا أنقص جيشنا الباسل حَقــَّه، ولا أنكر على رجاله شجاعة وحمية ووفاء ومقدرة على حماية الوطن. ولكن الحرب حربٌ، وليست لعب عيال أو ماتش كورة. فلكل حرب ثمن، وثمن باهظ، مهما صغر حجم الحرب.. حتى على أغنى الدول وأقواها جيشاً وأصلدها اقتصاداً ومجتمعاً وحكومة.
 
فرغم أن ايماننا صادق وخالص في قوة جيشنا، فاعتقادنا أكثر وأشد صدقاً في عدم صلابة اقتصادنا.  فاقتصادنا ليس ضعيف فقط، بل هو معدوم، ليس له وجود ولا قدر ولا وزن.  كما أن مجتمعنا مجتمع مفكك متنازع غير متماسك النسيج، بل ممزق الأشلاء بكل المقاييس. وحكومتنا ضعيفة ولها من الأغراض ما هو ليس في صالح الوطن، علاوة على أنها غير خبيرة سياسياً وإدارياً وخاصة تجاه حرب لا يعلم مداها إلا الله.
 
قبل أن يأخذنا "الحماس" أو تدفعنا "حماس" وأذنابها وعاشقيها لدق طبول الحرب لمناواشاتها مع اسرائيل أو مناوشات اسرائيل معها، لأسباب وأهداف لدى الطرفين، يظنون أنها دفينة لكنها واضحة ومعلومة لمن لا يغمض عينيه عمداً. أهداف غير شريفة. أهداف لا صالح لمصر فيها قدر ذرة.  بل أقولها صريحة جريئة عالية هي أهداف لا صالح لفلسطين ولا لغزة فيها قدر ذرة.
 
فالهدف الأوحد لدى اسرائيل وحماس معاً هو أن تستقر حماس على صدر غزة فتصير "غزة حماس" وموطنهم. وأن يَرحَل أو يُرَحَّل أهل غزة إلى سيناء مصر فيستقروا على صدرها الحنون ويستقلوا بها ويمتلكونها وطناً بديلا.  وهذا ما تتمناه حماس ولا تعارضه اسرائيل وتباركه أمريكا وقطر والسعودية... ليرتاح الجمبع من "صداع" فلسطين".
 
الهدف إذاً هو اغتصاب وانتزاع سيناء من حضن أمها الشرعية مصر. وتقديمها هدية لأهل غزة. فتصير غزة وطناً لحماس وتُعقَد الصفقات السرية بين حماس واسرائيل تحت مباركة قطر والسعودية وأمريكا. وأخشى أن أقول أن الحكومة الأخوانية اللون والفكر والهدف بمصر لها أصابع في ذلك المخطط الأسود.
إنه اغتصاب، أو مخطط اغتصاب، من ضمن ما تعودناه حديثا من أنواع الاغتصابات العديدة التي تمر بنا وبمصر. فقد أصبحت مصر ساحة لأغراض التيارات الاسلامية أو المتأسلمة المتشعلقة على مركبة الدين، والمتسلقة على سلم الدين، والمستترة خلف ستار الدين، والمستعبطة للبسطاء باسم الدين.. بلا خجل أو خشية من رب أو خشوع لجلاله مما يفعلوه في أرض الكنانة.
 
قبل أن يأخذنا "الحماس" أو تدفعنا "حماس" وأذنابها لدق طبول الحرب فلندرك أن الخطر المشرئب ليس على غزة يا مصريين.. بل على سيناء ابنة مصر الغالية. والتخطيط لذلك واضح لا يخفى على أعمى أو غبي.
 
آخر ما يريدة شعب أو دولة مهما كانت متأكدة من قوتها وثرائها هو الحرب. وآخر ما تريده اليوم مصر هو التورط في حرب. لا عن خوف ولكن عن حكمة وبصيرة. وحتى لو كان تجنب الحرب عن خوفٍ، فلا عيب في ذلك.. فخوفٌ حكيم أفضل ألفَ مرة من شجاعةٍ حمقاء. إن سيناء قطعة غالية من أرض الوطن مصر، لا يجب نضحي بها استجابة لشعارات جوفاء وتظاهرات نارية حمقاء يشعلها من لا يدرون نتيجة ما يفعلون أو ما يرغبون.
 
أقول للسيد رئيس جمهورية مصر، الدكتور محمد مرسي، لقد أقسمت يوم توليت مسئولية ادارة مصر هذا القسم: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعايةً كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه."
 
فأنت مسئول أمام الله وأمام شعب مصر وأمام التاريخ بهذا القسم عن "استقلال الوطن وسلامة أراضيه". إن الحرب كما تعلم خطر على سلامة جزءٍ غال من أرض مصر.. بل الحرب خطر على أرض مصر نفسها وعلى شعبها وحيوياتها. فلا تستمع ولا تستجيب للهتافات الخاوية والنعرات الجوفاء التي تسوقنا بغباء وحماس أجوف وتنحدر بنا وبك وبمصر إلى هاوية لا قيام منها.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter