ياسر أيوب
فى 20 ديسمبر 1944.. أقيمت مباراة كروية كبرى بين الجيش المصرى وفريق واندررز الإنجليزى.. ولم تكن هناك تذاكر لحضور هذه المباراة واقتصر الأمر على حاملى الدعوات فقط، سواء مصريين أو إنجليز.. ونتيجة لتساؤلات كثيرة عن سبب ذلك اضطرت جريدة الأهرام للتفسير والتأكيد على أن الملعب الذى استضاف المباراة ليس كملاعب القاهرة والإسكندرية ولا يتسع إلا عددا محدودا من الجماهير.
فالمباراة أقيمت فى ملعب العلمين الذى قام الإنجليز ببنائه حين أصبحت العلمين إحدى عواصم كرة القدم فى مصر.. وهذا الوجه الكروى هو الوحيد المجهول وسط أوجه كثيرة وشهيرة لمدينة العلمين التى يختلف ماضيها عن حاضرها.. ففى الماضى كانت العلمين أحد المعارك الفاصلة فى الحرب العالمية الثانية وكانت بداية انتصار الحلفاء وهزيمة هتلر.
حتى إن ونستون تشرشل القائد البريطانى الشهير قال فى أحد خطاباته إن أهمية ومكانة العلمين يمكن اختصارها فى أن الحلفاء لم ينتصروا مطلقا على الألمان قبل العلمين ولم يخسروا أمامهم أبدا بعد العلمين.. وبعد الحرب ورحيل الجيوش المتحاربة بقت الألغام المغروسة حول العلمين فاكتسبت لقب حدائق الشيطان.. ثم أصبحت اليوم مدينة للسياحة والحفلات والمهرجانات والبطولات الرياضية.
وبدأت العلمين تكتسب أهميتها الكروية أثناء الحرب نفسها حين أدرك الإنجليز حاجة الجنود للترفيه الكروى، فأقيم ملعب للكرة كانت تزيد مساحته يوما بعد يوم.. خاصة بعد اختيار مونتجمرى قائدا لقوات الحلفاء فى شمال إفريقيا فى أغسطس 1942.. وكان مونتجمرى إلى جانب شهرته وبراعته العسكرية من المهتمين بكرة القدم وكان رئيسا لنادى بورتسموث من 1944 إلى 1961.
وبعد انتصار الحلفاء بقيادة مونتجمرى فى معركة العلمين الثانية.. لم يعد لعب الكرة مقصورا على جنود الحلفاء وحدهم، سواء بريطانيين أو أستراليين وأفارقة، إنما بدأ يلعب أيضا الأسرى الإيطاليون بالتحديد.. وشكل الإيطاليون فريقا كرويا يلعب كل يوم فى العلمين ضد الحراس والجنود الإنجليز.. وتطوع السيرجنت الإنجليزى والتر كيليت لتدريب فريق الأسرى الإيطاليين وقيادته ضد الإنجليز فى حكاية احتفظ بها تاريخ الكرة العالمية كشهادة لقدرة كرة القدم على إذابة حواجز الكراهية والعداء.
واستمرت المباريات فى العلمين حتى نهاية الحرب 1945.. وفى كتابهما بعنوان.. الرياضة والعسكرية ـ القوات المسلحة البريطانية من 1880 إلى 1960.. تحدث تونى ميسون وإليزا ريدى عن مباريات كثيرة لعبها فريق الواندررز البريطانى فى مصر فى 1944 و1945.
ففى بداية الحرب تطوع خمسة عشر لاعبا من فريق بولتون واندررز بقيادة الكابتن هارى جوسلين للخدمة فى الجيش البريطانى وتكون من هؤلاء اللاعبين وغيرهم فريق الواندررز الذى باتت مهمته أثناء الحرب العالمية الثانية اللعب، سواء مع الفرق العسكرية البريطانية الأخرى أو مع أندية ومنتخبات محلية فى البلدان التى تتواجد فيها الجيوش البريطانية وحلفاؤها.
وكانت مصر واحدة من هذه البلدان.. وفى العلمين وغيرها لعب هذا الفريق مباريات كثيرة مع الأندية المصرية ومع الجيش المصرى أيضا تلك المباراة الشهيرة التى فاز فيها الجيش المصرى بعد وقت إضافى.
نقلا عن المصرى اليوم