باسم الجنوبي
مريم سمير فايز حكيم، خرّيجة ومعيدة في كلية الاقتصاد المنزلي بجامعة العريش، وتعمل على رسالة ماجستير بجامعة المنوفية. لذا لم يكن أمرًا غير معتادًا على أسرة "مريم" أن تغادر في يوم 29 يوليو الماضي من أجل السفر لجامعتها بالمنوفية، لكنها هذه المرة لم تكن عاقدة العزم على الذَّهاب للدراسة بالجامعة، بل توجهت إلى مجمع البحوث الإسلامية من أجل إشهار إسلامها، وهو ما تم بالفعل في اليوم التالي بتاريخ 30 يوليو 2023. وفي مساء نفس اليوم، تواصلت "مريم" مع أسرتها من محطة "المرج" بالقاهرة، لتخبرهم أنها أحبت مسلمًا وأنها تركت المسيحية من أجل الزواج به. ابتلعت أسرتها المفاجأة وطلبت منها العودة للعريش للوقوف على التفاصيل. سايرتهم "مريم" متظاهرة بالموافقة لكنها لم تعد. وعندما انقضى الوقت بطيئًا بلا عودة. أبلغت أسرتها السلطات المختصة عن اختفائها.
أؤمن بحرية الاعتقاد، وﻻ أفتّش عن مسائل ضميرية مثل أسباب التحول عن المعتقدات حتى وإن كان هذا التحول إلى الإلحاد. أعتبر الدين وممارساته (والزواج أيضًا) شأن شخصي، يهم أطرافه ﻻ المجتمع. لكن ومع كل هذه المنطلقات المتحررة في رأسي، تظل الحقوق الشخصية في مصر في مثل هذه الحالات، تصطدم ببنية قانونية وتشريعية دينية تمامًا، ليس فيها الشق المدني أو الشخصي إﻻ على سبيل الشعارات التي يدهسها المجتمع بشكل معادي للحقوق الشخصية للأفراد.
ماذا لو أحبت “مريم سمير” إنسانًا مسلمًا؟
لماذا ﻻ تتزوجه مع بقاءها على المسيحية؟
ربما تظن زواج المرأة المسلمة من رجل مسيحي مستحيلًا، في حين تظن زواج المرأة المسيحية من رجل مسلم سهلًا.
ﻻ، ليس سهلًا كما تظن.
يجوز الزواج من الكتابية بشروط:
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. وأما غير الكتابيات فلا يجوز الزواج منهن لقوله تعالى “ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن” أي الوثنيات، وأولى منهن بالمنع الملحدات، اللاتي لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بالآخرة. انتهى.
(د. يوسف القرضاوي، ضوابط الزواج من نساء أهل الكتاب)
يحتل رأي “القرضاوي” (وشروطه الأربعة) موقعًا وسطًا بين اﻵراء الفقهية عند أهل السنّة. هناك آراء أكثر تشددًا يطرحها الفقه الحجازي، والتابع للعقيدة الواسطة [الوهابية] مثل اشتراط إنكار التثليث (أن تؤمن [الزوجة الكتابية] في المسيح: “عبد الله ورسوله”، وليس ربًا أو أقنومًا متجسدًا)، وهو على ما يبدو المذهب الذي يعتنقه اليوتيوبر “محمود داود”، إذ حين طلب من “مريم سمير” ترديد الشهادتين خلفه، أضاف شهادة ثالثة: “أشهد أن المسيح عبد الله ورسوله”.
وكما قلنا، هناك آراء أكثر تساهلا من رأي “القرضاوي”، مثل المذهب الحنفي المقنن في مصر، الذي عبّر عنه مفتي الجمهورية السابق، فضيلة الشيخ “علي جمعة”، في إجاباته على السائلين في سبتمبر 2019.
في كل الأحوال، يظل أكثر اﻵراء تساهلًا يشترط موافقة الوليّ غير المسلم، وهو هنا في حالة “مريم”، موافقة والدها، السيد “سمير فايز حكيم”، أما لو توسعت في التفاصيل غير المتساهلة، وأتكلم هنا عن نفسي، فقد رأيت في فتاوى أخرى غير مصرية (نجديّة وحجازية كما بفضل اليوتيوبر، من أمثلة ما يمتلئ به موقع سماحة الشيخ “ابن باز”) حيث ارتأى في إحدى فتاويه وجوب موافقة أحد الأساقفة في حال عدم وجود وليّ للكتابية. أي وكأنه استوجب موافقة الكنيسة قبل الزواج المختلط!
باختصار عنصر الرضا -في جميع المذاهب الإسلامية المعتبرة- غير موقوف على الزوجة وحدها، بل يتخطاها لذويها وأهلها، وإﻻ صارت بحكم القرآن: مأخوذة (مخطوفة/ مملوكة)
“فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ”
(سورة النساء، آية ٢٥)
هل يُعد الزواج المختلط سببًا لتحول النساء إلى الإسلام؟
وما الداعي لإباحة زواج الذكر المسلم من الأنثى الكتابية إذن؟
كإجابة مختصرة: نعم، وتتشارك السلطة الدينية في كلَا المؤسستين، المسيحية والإسلام، المسؤولية في صناعة بيئة طاردة للفتيات من المسيحية ودافعة نحو الأسلمة.
فالكنيسة المصرية مسؤولة عن إفساد البيئة المنظمة للأحوال الشخصية، حتى وصل الأمر لعدم إمكانية الزواج خارج الكنيسة. وﻻ زواج داخل الكنيسة إﻻ بشهادة الكنيسة (خلو موانع/ تصريح زواج). أي إن الكنيسة المصرية استأسدت لجعل الأصل في الحق المدني هو الحظر، ﻻ الإباحة. الزواج القبطي ليس مسألة شخصية إذن. ثم أن الكنيسة منذ الاحتلال الانجليزي وهي تقيّد الحق المدني في الإجبار على نفس الطائفة فقط، وتحرّم الزواج المختلط بغير الأرثوذكس. (ومش أي أرثوذكس كمان، الأرثوذكس اليعاقبة فقط).
أيضًا تنازل الكنيسة عن المساواة بين الجنسين في المواريث يشكّل بيئة ضغط مضاعف على المرأة القبطية التي فقدت ميزاتها الحقوقية المكتسبة بكونها مسيحية. فضلًا على أزمة منع الطلاق نهائيًا، واحتكار التطليق ومنعه إﻻ في حالة الزنا، حتى رأينا أفرادًا يعترفون كذبًا بالخيانة فرفضت الكنيسة فضائحهم وطالبتهم بأدلة أقوى لجعل الفضائح الاجتماعية أكبر، والطريف أن من ينجح فعلًا في فضح نفسه بجريمة زنا، لن يستخرج “تصريح زواج” مطلقًا حتى ﻻ يكافئون البعض الذي افتعل الأدلة كذبًا أو الذي زنا صدقًا! والأسوأ على الإطلاق هي ظروف النساء والفتيات من عائلات الكهنة، إذ مع تقييد التطليق لغير الزنا، ستصير الفضيحة الاجتماعية ماسة بالكاهن نفسه وبرعايته لأهل بيته في ظل وجود نص ديني يقول: “إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟” (1 تي 3: 5)
كل هذه العوامل تتسبب في عوار اجتماعي خانق للحقوق الشخصية، ويشكّل بيئة ﻻفظة، والنساء ليسوا استثناء بل ربما يكسبهن التحول للإسلام ميزات اقتصادية أو اجتماعية كما سيتضح بشكل أعمق ﻻحقًا.
أما عن السلطة الدينية في الإسلام، فمن الواضح أنها تحض الزوج على استمالة زوجته الكتابية لاعتناق الإسلام، لا قَبُول بقاءها على دينها فعلًا. والأمر هنا يتخطى محاولات الهداية المعتادة، إذ بمراجعة مئات الفتاوى المتعلقة بالزواج المختلط، وبعده (فيمَا يتعلق بتربية الأطفال تربية دينية قويمة مثلًا)، ﻻ تخلو فتوى واحدة من حثا دينيًا واضحًا للزوج على أسلمة زوجته الكتابية، قبل وأثناء وبعد الزواج. ومن هنا يمكننا الوصول أن الزواج المختلط مع الكتابيات ليس مسألة قَبُول حقيقية وإنما أسلمة ناعمة.
يظل الملموس بشكل عملي هو القوانين التمييزية الواضحة، والبيئة التشريعية التي تفرّق بين الزوجة المسلمة والكتابية في مسألة المواريث. فالكتابية ﻻ ترث من زوجها المسلم، وﻻ تأخذ نفقة أو مؤخر وﻻ مستحقات لها في حالة حدوث طلاق، وجميع أطفالها ذكورًا وإناثًا يولدون مسلمين وﻻ حضانة أو وصاية لها على أطفالها القصّر.
إن حظر الزيجات المختلطة بين المسلمات وغير المسلمين يؤدي وظيفة سياسية أيضًا، إذ إن هذا الحظر يمنح الرجال المسلمين فقط حق الزواج من غير المسلمات، وبذلك يكون أطفالهم تلقائيًا جزءًا من المجتمع الإسلامي. ووفقًا لأحكام الشريعة، لا ترث الزوجةُ غير المسلمة زوجها المسلم. ترثه فقط إذا اعتنقت الإسلام! وهذا يعني أن الكثيرات سيقمن بذلك لأسباب عملية واضحة.
(د. إلهام مانع، دكتوراة العلوم السياسية بجامعة زيورخ، التعددية للضغط على الأقليات)
ربما تظن د. إلهام مانع تتحدث في أمور الدين، وفي الحقيقة هي تتحدث في تخصصها: “العلوم السياسية”، والاقتباس السابق هو من كتاب لها صدر في بريطانيا عام 2016 عن “التعددية القانونية” وخطرها على المواطنة. والتعددية القانونية تعني وجود عدة قوانين متوازية في نفس الدولة يطبق كل قانون على فئة أو طائفة معينة تخضع له. مثل أن تكون هناك عدة قوانين مختلفة للأحوال الشخصية في مصر، فقوانين المسيحيين مختلفة عن المسلمين، وقوانين المسلمين السنّة تختلف عن المسلمين الشيعة، وقوانين المسلمين السنة على المذهب الحنبلي متباينة عن المالكي أو الشافعي وهكذا. ونفس الأمر يمكن أن يقال عن الفوارق غير الموحّدة بين الكاثوليك والأرثوذكس، أو بين الأرثوذكس الأقباط والأرثوذكس الروم وهكذا.
التعددية القانونية” تُعتبَرُ جزءًا من تركة الحكم العثماني، بخاصة “نظام الملل” العثماني في دول مثل مصر، العراق، وأقاليم سوريا الكبرى [والتي شملت حينها سوريا، الأردن، لبنان، وفلسطين]
حسب نظام الملل العثماني، تم تنظيم الأقليات الدينية “المعترف بها”، كالمسيحيين، في مجتمعات تتمتع بحكم شبه ذاتي، ويشرف عليها قائدٌ ديني؛ وتعمل طبقًا لقوانينها وعاداتها الدينية الخاصة بها، وتتولى وظائف اجتماعية وإدارية تشمل عددًا من المسائل، أهمها الزواج والطلاق.
(د. إلهام مانع، كتاب: “فخ الدول المستبدة”، بريطانيا 2011)
“هذا النظام لعب دورًا فاعلًا في أسلمة المجتمعات التي تعيش فيها أقليات دينية أخرى، وهذا يعني ببساطة سيادة القانون الإسلامي في مسائل الميراث والوصاية وفي حال حدوث خلاف بين المذاهب أو الديانات، أدت إلى آثار متراكمة دفعت غير المسلمين دفعًا إلى اعتناق الإسلام”
(د. إلهام مانع، إدماج الشريعة الإسلامية في منظومات الغرب القانونية)
ثالوث الضعف المصري والاستغلال الاجتماعي
يجتمع في “مريم سمير” ثالوث الضعف المصري، فهي أنثى (أقلية اجتماعية) ومسيحية (أقلية دينية) بالإضافة لكونها عريشية فقيرة، لذا فور تحولها للإسلام، تقاذفتها فلوات الرياح.
بداية الاستغلال الاجتماعي بدأت مع اليوتيوبر “محمود داود”، الذي كان يعلم أن مسألة تحولها الديني كانت إحدى مسوغات الزواج وكلاهما شأن شخصي، لكنه قرر عرض الأولى وإخفاء الثانية وإضافة على الشهادتين بالثالثة، كي يحصل المشاهد على تحول ديني (نظيف). فالمهم هنا هو إحراز هدف في مرمى فريق الصليب ومن المهم أن يكون هدفًا نظيفًا. لكن من المهم هنا الإشارة لإرادة “مريم” ذاتها، إذ من المنطقي لها هي أيضًا أن توافقه إخفاء الجزء الرومانسي لتجنب مجتمع يحترم الأديان ويعدها مسألة حساسة، ولن يحترم العواطف إذا ما تسببت في تحول في الأديان. ومن المهم أيضا الإشارة إلى أن السُّعُودية ومصر قد قدمتا تحفظا على المادة التي تعطي الإنسان الحق في الزواج المختلط لتعارضه مع الشريعة الإسلامية
.
للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين.
(نص المادة ١٦-أ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- التي قدمت السعودية ومصر تحفظا عليها)
على الجانب الآخر من الواقع، كانت أسرة الشاب المسلم، التي لم توافق على زواج ابنها من “مريم” التي اعتنقت الإسلام عن سبب عاطفي ﻻ عن قناعة دينية. وبصدق شديد لم يفاجئني هذا الموقف من الأسرة، لأن أحد أصدقائي (مسيحي) قد مر بتجربة مماثلة عقب تخرجه من الجامعة وتقدم ﻹحدى الزميلات (مسلمة) ودخل البيت من بابه، وأعلن استعداده لتغيير دينه مؤكدًا أنه متطوع تمامًا بهذا حتى ﻻ تظن الأسرة أنه ينوي تنصير ابنتها مستقبلًا. وعلى الرغم من موافقة الفتاة، رفضت الأسرة هذا العرض برمته أيضا وارتأت فيه: طيش شباب!
قبل رجوع مريم بليلة [تحديدا الساعة ٢ بالليل] جالي اتصال من مصدر ليً:
رامي.. مريم والواد اللي كانت بترتب للجواز معاه في أمن الدولة دلوقت
ليه؟
مفيش يا عم، استكمال للمحضر المتقدم باختفائها، وأهل الولد ضغطوا عليه عشان يبعد عن اللبش ده كله، قام باعها وقال ماليش دعوة بيها
(نقلا عن الناشط القبطي “رامي كامل”، عن صفحته الشخصية)
“مريم”، الفتاة التي تمر بتجارب شخصية صعبة، تجد نفسها في مأزق مجتمع يحكمه القوانين الدينية والعصب القبلية، وقراراتها الشخصية تعتبر انتهاكًا لتلك القوانين. لم يكن أمام “مريم” أية خيارات شخصية، اصطدمت تنازلاتها -الثمينة عند فريق الصليب- بكونها ﻻ تساوي قبولًا عند فريق الهلال لأنها تحولات ذات هوى. وﻻ يمكن لوم الأسرة المسلمة التي دققت طيش ابنها وردعته، فالدين بالنسبة لهم ليس مسألة شخصية يمكنك تجاوزها شفويًا، بل مسألة ضمير وهوية. وفي مجتمع مصري تسود فيه التعصبات الدينية، يجب على “مريم” اختيار الطريق الذي يتناسب مع هويتها الاجتماعية.
من وجب لومه، وربما محاسبته، هو المستشار “نجيب جبرائيل” الذي ترك مهنيته بصفة محام، وذهب بمريم وأسرتها إلى كنيسة العذراء بمسطرد، مصرًا على بث فيديوي ليعلن خسارة فريق الهلال أمام فريق الصليب في الضربات الترجيحية، فيديو قمة في الاستخفاف بالجميع، الاستخفاف بالحالة النفسية لصاحبة الخسارة العاطفية التي لم تفق من صدمتها، وبدلا من تقديم الدعم النفسي بعيدًا عن دائرة الضوء، يظهر تحت الأضواء الكاشفة ملقنًا إياها كلمات توجيهية جاوبتها جميعا بالصمت، وأيضًا الاستخفاف بالمشاهد الذي ﻻ يعلم شيئا وينتظر توضيحًا قانونيًا يوحد ربنا منه كمحاميها، هل كانت مخطوفة أم متغيبة أم هاربة وكيف ولماذا عادت؟ فلا يجد إﻻ كلامًا عن بركات العذراء واحمدوا ربنا ومتسألوش!
ومن ﻻ يجب لومه بل محاسبته، هو اليوتيوبر اللاجئ للولايات المتحدة “علي حسين مهدي”، الذي قدم خطابًا إلى الأمة الإسلامية يحرض فيه على ممارسات العنف الجماعي ضد المسيحيين، وشاتمًا المسلمين وواصفًا إياهم بانعدام النخوة والشرف إن لم يستعيدوا أختهم المسلمة “مريم” بالقّوة وخارج إطار القانون. يجب على الجميع أن يتعاملوا مع هذه الأفعال بمسؤولية وأن يتم تحميله المسؤولية عن تصريحاته العنصرية الداعية للاقتتال الجماعي.
“التعددية القانونية استُخدمت كأداة لإدامة الانقسامات الاجتماعية في المجتمعات العربية، فهي أعاقت التزاوج بين السنة والشيعة، أو بين المسيحيين والمسلمين واليهود، أو بين القبائل الأصيلة والمستوطنة أو غيرها من ذوي الأصول المتدنية [على حسب تعريف هذه القبائل]. وبهذا فقد تحولت بالفعل إلى عائق جدي لبناء وحدة وطنية، وهوية وطنية متماسكة”
(د. إلهام مانع، إدماج الشريعة الإسلامية في منظومات الغرب القانونية)
حكاية مريم هي حكاية عادية لبنت لا تعرف دين ومستحيل تكون قرأت فهرس كتاب في أي عقيدة، هي بس هربت من مشاكل بيتها إلى جنة موعودة في حضن فارس على حصان أبيض وصحيت من حلمها على كابوس إنها بتترمي في الشارع وبيتاجر بيها من كل الأطراف، والأرض هتتحرق طائفيًا بسبب الرقص على جثتها.
ممكن نفوق قبل السقوط في فخ الفتنة؟ ولا لسه عشاق اللقطة مشبعوش؟
(الناشط القبطي “رامي كامل”، على صفحته الشخصية)
حكاية “مريم” تظهر تحديات شخصية وفردية في مجتمع معقد ومتنوع ولا يسمح بالاستقلالية ويدار بشكل تكتلات اجتماعية. يجب أن نسعى جميعًا إلى تعزيز التعايش والتسامح وبناء وحدة قانونية قائمة على ندية المواطنة والحقوق المدنية والمسؤولية المتبادلة والمشتركة بين الجنسين. أما “التعددية القانونية” فتقف عائقًا عن بناء هوية وطنية متماسكة وتزيد من الانقسامات الاجتماعية بطوائفية وعصب اجتماعية، ﻻ يصبح بعدها المواطنين أمام القانون سواء.