حمدي رزق
فى حقها المستحق، ومن الحديث الشريف قول محفوظ عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران». صدقت يا رسول الله، يا من أحببت أم حبيبك المسيح عيسى عليه السلام، فأحببناها على حبك طوعًا قلبيًا وامتثالًا.
وقرنها طيب الذكر شاعر العربية العظيم «جبران خليل جبران» بمصر: «عليك سلام الله يا مريم الطهر/ وفديت من أم وفديت من بكر/ حبلت بلا وزر وأنجبت الفدى مخلص هذا الخلق من ربقة الوزر/ وجئت به مصرا فرارا من الأذى/ فما زال أمن اللاجئين حمي مصر».
وتزينت صفحات الفيس بصور «أم النور»، العذراء مريم البتول، وهناك فى «دير درنكة» ملايين من المحبين يحتفلون بالمولد الكبير ويتبركون، وكنائس فى الأرجاء تحمل اسمها الطاهر.. وتتحدث ندرة منها بالظهورات المعجزات، وفى الذاكرة سطوع نورها فى ظلام النكسة الحالك فى كنيسة الزيتون (يوم ٢ أبريل ١٩٦٨).. إذا ألم بالمصريين قرح تنادوا إلى ظهورها.
المصريون فى حبهم مذاهب، يحبون مريم العذراء على اختلاف مشاربهم، مسلمون ومسيحيون على السواء، يشيّرون فى الفضاء الإلكترونى صورا بديعة للعذراء فى غلالة من نور، ودعوات مباركات وصلوات، وتراتيل وترانيم وآيات من الذكر الحكيم، «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ» (التحريم: 12)
ندرة من الطيبين من يعرفون مناسبة عيد صعود العذراء عند الأقباط، احتفال مسيحى بذكرى صعود جسدها إلى السماء، وفى العقيدة المسيحية «إذ سبَقَتنا وجلست عن يمين عريسها وابنها فى السماء هذا العيد يحمل شهادة قوية لحقيقة إيماننا بالحياة العتيدة».
وبعيدا عن العقائد التى يستوجب احترامها امتثالا، الطيبون من المصريين يحبون مريم البتول، وبلغ قدر محبتها عند المسلمين من المصريين أن يسموا إناثهم باسم مريم تبركًا.
إحصاء مصرى فريد قبل خمس سنوات، عام ٢٠١٨، يشير إلى أن اسم «محمد» احتل المركز الأول بين أسماء المواليد، وعدد الذين جرت تسميتهم باسم «محمد» فى ٢٠١٨ بلغ ٨١٠،١٩٨ ألف مولود، بينما احتل اسم «مريم» المركز الأول بين أسماء الإناث فقد وصل عدده لـ ٤٨ ألفا، واحتل اسم «مكة» المركز الثانى، واسم «ملك» احتل المركز الثالث بين الإناث فى ٢٠١٨.
ومن رمزيات الحلف عند الطيبين يحلفون هكذا طلبا للتصديق: «والعدرا..»، بالدال دون همزة تخففًا، وفى فتوى منسوبة للدكتور «على جمعة»، مفتى الديار المصرية السابق، يؤكد فيها جواز التوسل بالسيدة العذراء مريم بنت عمران، وغيرها من الصالحين والصديقين فى الدعاء.
المسلمون يحبون البتول مذكورة فى قرآنهم، ذكر الله تعالى اسم السيدة مريم، عليها السّلام، فى القرآن الكريم أربعًا وعشرين مرّةً، وقد ذُكرت وحدها إحدى عشرة مرّةً، وثلاث عشرة مرة بنسب ابنها عيسى، عليهما السّلام، لها.. وقد أثنى الله تعالى عليها فى كتابه العزيز كثيرًا؛ لذلك أكثر من ذِكرها وذِكر اسمها، كما انفردت سورة كاملة فى القرآن الكريم باسمها.
ونختم بخير الكلام، قال تعالى فى كتابه العزيز: «وصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وكُتُبِهِ وكَانَتْ مِنَ القَانِتينَ» (سورة التحريم: 12).
نقلا عن المصرى اليوم