الأقباط متحدون - دستور الحرب الأهلية
أخر تحديث ١٩:٥٧ | الخميس ١٥ نوفمبر ٢٠١٢ | ٥ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٤٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

دستور الحرب الأهلية

 بقلم: إسماعيل حسني


لم يتوقع أحد أن تخرج علينا لجنة مشبوهة بدستور يتفق مع المعايير والمواثيق الدولية، إلا أن ما حفلت به مسودة الدستور من سقطات تعتبر جرائم ضد الوطن وضد الإنسانية قد فاق كل تصور وخيال.
 
فبينما يفترض أن يكون الدستور أداة لنشر السلام الإجتماعي، وإعلاء سيادة القانون، وحماية الأقليات من هيمنة الأغلبية، ووضع كافة أجهزة الدولة في خدمة الإنسان، أخرجت لنا هذه اللجنة مشروعا لتفجير الوطن، وتدجين القضاء، واستعباد الأقليات، وسحق الإنسان تحت أقدام أجهزة الدولة التنفيذية. 
 
إن مصر التي قدمت للعالم العديد من عجائب الدنيا السبع سوف تتحول هي وشعبها إلى أعجوبة القرن الواحد والعشرين، عندما يرى العالم أنها تحكم بعد ثورة كبرى بدستور يحمل كل سمات القرون الوسطى من عنصرية وتمييز واستبداد واحتقار للإنسان.
 
لقد اشتملت هذه المسودة على مواد مجرمة تمت صياغتها من عبارات إنشائية، مطاطة، لتفتح علينا أبواب جهنم وتحرق الأخضر واليابس في ربوع هذا الوطن، وكأنها مخطط لإشعال حرب أهلية في البلاد، وحسبنا هنا الإشارة إلى أخطر مادتين في هذا الدستور الأخرق:
 
المادة الأولى : " تلتزم الدولة و"المجتمع" برعاية الأخلاق والآداب العامة وحمايتها، والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة، ومراعاة المستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية والحقائق العلمية، والثقافة العربية والتراث التاريخى والحضارى للشعب، وذلك وفقا لما ينظمه القانون". 
 
المادة الثانية: "يقوم المجتمع المصرى على العدل والمساواة والحرية والتراحم والتكافل الاجتماعى والتضامن بين "أفراده" فى حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين فى حدود القانون ".
 
هاتان المادتان تبيحان وتسهلان للمواطنين ذبح بعضهم البعض في الشوارع، حيث أنهما تقننان جريمة الأمر بالمعروف، وتوكلان للمجتمع والأفراد مهمة حماية الأخلاق والآداب العامة والتقاليد المصرية الأصيلة، مما يفتح المجال أمام تشكيل مليشيات وعصابات إجرامية تهدد أمن المواطنين وتنتهك حرماتهم ومنازلهم وحرياتهم الشخصية، وتتجسس على الناس وتعتدي عليهم في الطرقات والأسواق ووسائل المواصلات العامة.
 
كما قام المجرمون من أعضاء هذه التأسيسية بتفخيخ جميع مواد الدستور الأخرى لتتحول مصر إلى قندهار الشرق الأوسط، فقاموا بتقييد حرية العقيدة وقصر الحق في إقامة الشعائر الدينية على بعض المواطنين دون غيرهم، وأفرطوا في التمييز ضد المرأة والأقليات الدينية، وأخير وليس آخرا عمدوا إلى تقليل سن الطفولة عن 18 سنة لتسهيل المتاجرة بالأطفال وتزويجهم وتجنيدهم وتوقيع أقصى العقوبات عليهم.
 
إننا نتعجب أن يبقى مصريا واحد في بيته بعد إعلان هذه المسودة السوداء دون أن يخرج إلى الشارع صارخا ومنددا بهؤلاء المجرمين وبلجنتهم المجرمة.
إن تقاعس زعامات القوى والأحزاب المدنية عن حشد الجماهير ودعوتها للنزول إلى الشارع لإسقاط هذه التأسيسية هو انتحار سياسي لهم جميعا، حيث أن التقاعس هنا ليس سوى خيانة للأمة لن يغفرها لهم الشعب، وستبقى أبد الدهر نقطة سوداء في تاريخهم.
 
إن تمرير هذا الدستور يعني القضاء على كل الإنجازات الحضارية التي حققها شعبنا عبر تاريخه الطويل، وهو تهديد مباشر لأمن الوطن ومستقبل أبنائه، والإستشهاد في سبيل إسقاطه أسمى أمانينا.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter