أمينة خيري
بصراحة شديدة، لو قيل لى منذ نعومة أظافرى إننى أرقى وأفضل وأقوى وأرجح وأذكى وأعقل وأسرع وأجدى وأهدأ وأنفع وأليق وأمثل وأنسب وأجدر وأبدع من الذكور، فسأشبُّ وأشيب وأنا ممسكة بتلابيب ما تربيت عليه، وسأدافع عنه حتى أموت.
ولو ذهبت إلى المدرسة، وحشا المعلم والمعلمة رأسى بأننى من أدافع عن الوطن وأقوم بكل المهام العظيمة العسيرة المعقدة المتشابكة، بينما الرجل المسكين قابع فى البيت أو يعمل فى التمريض أو الحياكة والتدريس فى المدارس لا الجامعات لأن إجازاتها كثيرة ولأنه ضعيف مسكين رقيق مهيض الجناح محدود القدرات، فسأنظر طيلة حياتى له باعتباره جديرًا بالشفقة، مستحقًا للرحمة، محتاجًا للطبطبة على كتفه على سبيل إظهار التعاطف وإبداء التراحم.
ولو زرعت فى الدراما والإعلانات حزمة من الأفكار قوامها أن الرجل مهمته أن يرتدى من الملابس أخلعها، ويضع من المكياج أزعقه، وأن معظم أدواره الفنية تتلخص فى الإغواء والإغراء ودغدغة الأحاسيس وتهييج المشاعر الحسية، فلن أنظر إلى رجل إلا وجزء من عقلى يضعه فى هذه المكانة مهما أبدى من مهارات ومَلكات ومواهب وقدرات لا تتعلق بالإغواء والإغراء.
ولو أخبرنى أهل الحكمة والخبرة والمعرفة أن تركيبتى التى خلقنى الله عليها عبارة عن مجموعة من الشهوات والغرائز والنهمات غير القابلة للسيطرة أو الخاضعة للتهذيب أو التشذيب، وأن هذه المشاعر الحسية والسلوكيات الحيوانية ما هى إلا جزء طبيعى فطرى من التركيبة البيولوجية.. لذا لا داعى لتأنيب نفسى أو توبيخ عقلى أو مراجعة تصرفاتى إن أنا أطلقت العنان لهذا الجانب الحسى فى الشارع أو المصنع أو المكتب أو المصعد، فستكون حتمًا جزءًا من تكوينى الذى أورّثه لأبنائى وبناتى وأحفادى من بعدى.
وحين يذيل أهل الحكمة والخبرة والمعرفة تنشئتهم تلك بقوائم من المُسلّمَات (بفتح اللام) قوامها أن المُلام فى حال هيمنت غرائزى وسيطرت شهواتى علىَّ هو الطرف الآخر، الذى عليه إما أن يحتجب أو يعتزل أو ينزوى أو يختفى لو أراد عدم التعرض لتصرفاتى الشهوانية التى لا أملك من أمرها شيئًا، بل هى مثار فخرى وزهوى واعتزازى، فسأمعن فى إطلاق العنان لهذا الجانب منى، ولِمَ لا والشارع كله فى صفّى، وأهل الخبرة جميعهم يبررون جموحى وجنوحى؟!.
وحين تتآلف وتتحد قوى المجتمع من أجل إخبارى بأن شريكى فى الحياة فى حال تقدم به العمر، أو طلع له كرش، أو أصابه مرض، أو ضربه نيزك، أو صدرت منه رائحة ثوم أو بصل، بينما يجهز لى الملوخية والمحشى والبصارة التى أمرته بإعدادها، أو حتى دون سبب واضح، بل إننى استيقظت ذات صباح فوجدت أننى أرغب فى الاقتران بغيره بلا كرش أو مرض أو ثوم أو بصل.. فحتمًا سأشعر أننى أمِنّ عليه حين أحتفظ به فى البيت وأنفق عليه، فهذا من أصلى.
بصراحة شديدة؛ الرجال مظلومون، وتصرفات بعضهم مبررة ومنطقية.
نقلا عن المصرى اليوم