محرر الأقباط متحدون
لمناسبة عيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين قداسا إلهيا في كاتدرائية مالاكال في جنوب السودان. وتوقف في عظته عند مريم العذراء كعلامة عزاء ورجاء في عالم ممتلئ بالشرور وأيضا كعلامة الانتصار على الشر والموت.
في إطار الجولة التي يقوم بها في القارة الأفريقية بدأ أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين الاثنين ١٤ آب أغسطس زيارة إلى جنوب السودان. وترأس أمس الثلاثاء ١٥ من الشهر في كاتدرائية ملكال قداسا إلهيا لمناسبة الاحتفال بعيد انتقال مريم العذراء بالجسد والنفس إلى السماء. وفي بداية عظته وجه الكاردينال بارولين تحية مفعمة بالمحبة الأخوية وذلك باسم قداسة البابا فرنسيس أيضا، وأكد أمين السر الذكريات الحية لدى الأب الأقدس من زيارته الرسولية إلى السودان '>جنوب السودان في شهر شباط فبراير الماضي، كما ويحمل البابا في قلبه هذا البلد وشعبه ومصاعبه وجراحه وأيضا آماله وتطلعاته حسبما ذكر الكاردينال بارولين. وأضاف أن البابا فرنسيس قد طلب منه أن يوكد قربه الروحي وصلاته وأن يحمل بركته، كما ويسأل قداسته الصلاة من أجله ومن أجل خدمته كخليفة للقديس بطرس. وتابع أمين السر مؤكدا شركة وتضامن الكنيسة الجامعة مضيفا أنه ليس هناك بمفرده لا مُعمَّد ولا جماعة مسيحية أينما كانوا، لأننا جميعا جزء من عائلة واحدة وجسد واحد أي الكنيسة، وحين يعاني أحد الأعضاء فهو يلقى الاهتمام والعناية والمحبة.
ثم انطلق الكاردينال بارولين في عزته من قراءة اليوم من رؤيا القديس يوحنا: "ثُمَّ ظَهَرَت آيَةٌ عَظيمَةٌ في السَّماء: اِمرَأَةٌ مُلتَحِفَةٌ بِالشَّمْس والقَمَرُ تَحتَ قَدَمَيها، وعلى رَأسِها إِكْليلٌ مِنِ اثَني عَشَرَ كَوكبًا"، فقال إن الكنيسة ترى في هذه المرأة التي يصفها القديس يوحنا مريم العذراء أم الله وأمنا، التي وعقب حياتها الأرضية لم تعرف فساد القبر بل انتقلت إلى السماء بالجسد والنفس. وأضاف أن حقيقة الإيمان هذه قد أعلنها البابا بيوس الثاني عشر سنة ١٩٥٠، واليوم نكرر كلمات صاحب المزامير "قامت ملكة عن يمينك بذهب أُوفير" وننظر إليها، إلى مريم الملكة التي تجلس عن يمين ابنها، فهي علامة العزاء والرجاء. وواصل أمين السر أننا في حاجة كبيرة إلى العزاء والرجاء حيث الشر موجود وفاعل في عالمنا، وأشار هنا إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا وإلى النزاع في السودان وغيره من الدول الأفريقية، كما وتحدث عن الحرب الأهلية التي عاشها سكان السودان '>جنوب السودان وعن الجراح التي يكافحون من أجل مداواتها. وإلى جانب الحروب والنزاعات فلنفكر في كل الأشكال الأخرى التي يظهر فيها الشر، قال أمين السر.
ثم تساءل أمين الكاردينال بارولين كم من الوقت علينا أن نعاني من هذه الشرور ومتى سيعود السلام والسكينة إلى جماعاتنا. وتوقف في عظته عند ما يُرفع إلى السماء من صرخات الأمهات ومعاناة الآلاف من النازحين بسبب نزاعات قديمة وحديثة. وأضاف أنه قد يبدو أن للشر الكلمة الأخيرة وأنه ينتصر دائما، ولكن هذا غير صحيح، قال الكاردينال بارولين. وتابع أن انتقال مريم العذراء يثبت لنا أن العنف لا ينتصر وأن سلطة مَن يزدري الآخرين ويسلبهم كرامتهم ويهيمن على حياتهم ستنتهي نهاية سيئة، وأن افتخار هؤلاء ليس سوى تراب ولن تنقذهم لا عنجهيتهم ولا أسلحتهم ولا أموالهم. وهذا ما تؤكده مريم في نشيدها: "كشَفَ عَن شِدَّةِ ساعِدِه فشَتَّتَ الـمُتَكَبِّرينَ في قُلوبِهم. حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش ورفَعَ الوُضَعاء. أشَبعَ الجِياعَ مِنَ الخَيرات والأَغنِياءُ صرَفَهم فارِغين".
وحتى آخر أعداء البشرية، الموت، والذي هو نتيجة الشر والخطيئة سيُهزم في النهاية، قال أمين السر، وتابع بل لقد هُزم بالفعل بموت وقيامة يسوع حسب ما جاء في قراءة اليوم من رسالة القديس بولس الأولى إلى أهل قورنتوس: "إنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات... وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح". وأضاف الكاردينال بارولين أن مريم العذراء قد شاركت بالفعل في انتصار ابنها يسوع على الموت وامتلأت بمجد القيامة، وفيها كشف الله قوته مثلما أعلن صوت جهير من السماء حسبما ذكر القديس يوحنا في الرؤيا "الآنَ حَصَلَ خَلاصُ إِلهِنا وقُدرَتُه ومُلكُه وسُلْطانُ مَسيحِه".