الجزء الأول
Oliver كتبها
- قصتى طويلة.لا أعرف كيف أبدأها. دعونى أقدم لكم عائلتى. الأسماء عندنا نحن الشعب العبرانى ذات مغزى. كنبوات الأنبياء.تؤكدها الأحداث. لنا فيها أنصبة من الأفراح و الأحزان.هكذا نؤمن و هكذا نعيش. أنا  (فيديت) من سبط أشير. أحببت (أوشيريا) و قد تزوجنا حديثاً..أبى يروحام(مبارك) و أمى نيسا(آية إلهية) .فيديت معناه  (المحبوب جدا) أما  إسم أوشيريا فمعناه (التي باركها الله)..

-قرب ساحل البحر كنا نتمشى أنا و أوشيريا حتى نقترب من يافا ثم نعود و الضحكات تحوم حولنا كالفراشات.فى سهل شارون مدينة قانا الجليل حيث أسكن .قريب جداً من مدينة أفيق التى حارب يشوع النبي لكى يضمها إلى أرض الموعد.أخذها من الكنعانيين و بعضهم ما زال يعيش بيننا.الفلسطينيون يعبرون قدامنا كل يوم و فى قلوبهم رعب مما سمعوه عن إلهنا و ذراعه القوية في مصر.حين نجلس فى أمسياتنا نتغني بيشوع البار الذى جاء بنا إلى هنا  من سبعة أمم أخذناها و الرب وسع تخومنا بسببه.كأنه إشترى لى الدار.

-جلست لأرتاح بعد يوم حار مرهق.كانت أوشيريا كعادتها تغنى  أغنية الحبيب الذى أحب نرجس شارون.أنا أحب أغنيتها و أحب صوتها الجميل.حاولت النوم على نغماتها بلا جدوى بسبب الحر. عيناى تدمعان من العرق فجأة جاء  إلى سمعى صوت أبواق فظننت أن أغنيات أوشيريا أخذتنى إلى عالم آخر.لكنها فجأة توقفت عن الغناء.و صاحت أتسمع الأبواق يا فيديت؟ قلت أظن هكذا.هل صوت الأبواق متقطع أم متصل .قالت : الصوت متواصل .إنها أبواق حرب فإنتبهت.

-حتى هذا اليوم نحن شعب بلا جيش.لا نفهم فى القتال و القليل منا يعرفون إستخدام المقلاع , لكن فينا غيرة و ذراع الرب تحملنا.أنا لا أملك سوى فأسى و هكذا كل واحد يخرج بما لديه وقت القتال لكن الأهم عندنا أن نسمع من رؤساء القبائل أن الرب معنا.هم يعلنون لنا قبل الحرب ما يقوله النبي .فنحن لا نحارب بأسلحة بل بقوة الله وحده.

- أوصيت أوشيريا أن تعتني بأبواي و حملت فأسى و ركضت خلف الراكضين .داخلى يقين الانتصار ككل مرة.لم يقابلنى اى رئيس  فى طريقى فهرولت فى إتجاه المصفاة  على حدود سبط بنيامين كما تعودنا لكن بعد وقت قصير قابلنا رجل يلهث من رطوبة البحر و  أخبرنا أن الحرب مع الفلسطينيين.فغيرنا إتجاهنا و هرولنا نحو البحر لأن الفلسطينيين يسكنون أشدود و غزة و ما بعدها. لقد كسرناهم قبل شهر من الآن و لعلهم عادوا للإنتقام .الآن علمنا سبب الحرب.

-كلما إقتربنا من البحر سمعنا صراخ و هدير.كنا نعدو بجرأة جيش لا يقهر.لأننا لم ننكسر أبداً.حين إقتربنا جداً لم نفكر سوى فى القتال.حتماً سنغلب..رأيت فى الأفق طيالسة كهنة.و صراخ لمن يهتف فيهم أن يجلب التابوت لكى نكسرهم كسرة بغير قيامة.بدأنا نتحرك بفوضى.لا يعرف أحد ماذا يفعل.كانت فأسى تضارب الهواء.صرنا نتقلب كالأسماك فى مقلاة.صرنا نتراجع من إتجاه البحر إلى الداخل.لم نعد نحارب بالوجه بل بالقفا.حتى وجدتنى عدت إلى مدخل بلدتنا أفيق.هناك تسمرت بجانب حجر ثبته صموئيل النبي عندنا لما قهرنا الفلسطينيين فى الحرب  و أسماه حجر المعونة .يومها قال إلى هنا أعاننا الرب.لكننا اليوم لم نر الرب فى هذا القتال بعد و لا وجدنا المعونة.فإنكسرت داخلى بجوار الحجر.

إنطلق بعض الأشداء يستحثوننا على القتال دون جدوى.وقتها صاح فيهم أولاد عالى الكاهن أن يجلبوا تابوت العهد لكى ننتصر.حفني و فينحاس كانا يحاربان قدامنا.صرت أجرى و أقع و أتدحرج حتي وجدت نفسي بينهما.كانا يقولان كلاماً قاسياً للشعب وسط القتال و لا أدرى السبب.

- أنا لم أرى تابوت العهد أبداً.كان عالى الكاهن هو وحده الذى يراه مرة فى السنة.قليلا ما تجرأ أحدنا و سأل عن التابوت.نحن نخشى التابوت لذلك لا نكثر الكلام.نؤمن بعظمته و نشعر أننا سنموت إن رأيناه.مع أن عالى رئيس الكهنة يراه و لا يموت.ما أن هتف الشعب للتابوت حتى  تشددت كعباى كأنى كنت فى راحة منذ أيام.كنت أخبط دون تعب.و كان رجال قريتنا بجوارى.و كانت بعض النسوة تقفن من بعيد حاملات الجرار لنشرب .لم أعرف ماذا أفعل..صرنا نثرثر و نصيح  أكثر مما نحارب. لم نرى ضحايا من هؤلاء الفلسطينيين بعد.أما أنا فلم أعد أرى سوى الغبار يملأ عيني.لذلك سأكمل لكم قصتي لاحقاً.