محرر الأقباط متحدون
"إذا دعاك الله باسمك فهذا يعني أنك بالنسبة له لست رقمًا، بل وجهًا وقلبًا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس للشباب في حفل الاستقبال بمناسبة اليوم العالمي السابع والثلاثين للشباب
في إطار اليوم العالمي للشباب توجّه قداسة البابا فرنسيس مساء الخميس إلى منتزه إدواردو السابع في لشبونة حيث ترأس حفل استقبال الشباب المشاركين في اليوم العالمي السابع والثلاثين للشباب، وبعد كلمة ترحيب بطريرك لشبونة وجّه الأب الأقدس كلمة قال فيها أهلا وسهلا بكم وشكرًا لحضوركم هنا، أنا سعيد برؤيتكم! وسعيد بالإصغاء إلى الضوضاء اللطيفة التي تصدرونها ولأنكم تعدوني بفرحكم. من الجميل أن نكون معًا في لشبونة: لقد تمّت دعوتكم إلى هنا من قبلي، ومن قبل البطريرك، الذي أشكره على كلماته، ومن قبل أساقفتكم، وكهنتكم، وأساتذة التعليم المسيحي خاصتكم، والمنشِّطين. نشكر جميع الذين دعوكم وجميع الذين عملوا لجعل هذا اللقاء ممكنًا، ولنقم بذلك بتصفيق قوي! ولكنّ الذي دعاكم بشكل خاص هو يسوع: فلنشكر يسوع بتصفيق قوي آخر!
تابع البابا فرنسيس يقول أنتم لستم هنا من باب الصدفة. لقد دعاكم الرب وليس في هذه الأيام فقط، بل منذ بداية أيامكم. نعم، لقد دعاك بأسمائكم. لقد دُعيتم بأسمائكم: حاولوا أن تتخيلوا هذه الكلمات الثلاث مكتوبة بأحرف كبيرة؛ ومن ثمَّ فكّروا أنها مكتوبة في داخلكم، في قلوبكم، وكأنها تشكل عنوانًا لحياتكم، ومعنى ما أنتم عليه: أنت مدعوٌّ باسمك، أنت وأنت وجميعنا نحن الموجودون هنا قد دُعينا بأسمائنا. نحن لم نُدعى بشكل أوتوماتيكي؛ لقد دُعينا بأسمائنا. دعونا نفكر في هذا: يسوع قد دعاني باسمي. إنها كلمات مكتوبة في القلب. ومن ثم لنفكر أنها مكتوبة داخل كل فردٍ منا ، في قلوبنا، وتشكل نوعًا ما عنوان حياتك، ومعنى ما نحن عليه،: لقد دُعيت بالاسم؛ لا أحد منا هو مسيحي بالصدفة: لقد دُعينا جميعًا بالاسم. في بداية حبكة الحياة، قبل المواهب التي لدينا وقبل الظلال والجراح التي نحملها في داخلنا نحن قد دُعينا لأننا محبوبين. نحن في عيني الله أبناء ثمينين يدعوهم كل يوم لكي يعانقهم ويشجّعهم؛ ولكي يجعل من كل واحد منا تحفةً فريدة ومميّزة لا يسعنا إلا أن نلمح جمالها.
أضاف الأب الأقدس يقول أيها في هذا اليوم العالمي للشباب، لنساعد بعضنا البعض على التعرف على هذه الحقيقة: ولتكن هذه الأيام أصداء نابضة لدعوة الله للحب هذه، لأننا ثمينون في عينيه، على الرغم مما تراه أحيانًا أعيننا، التي تُغشِّيها السلبية ويبهرها الكثير من الإلتهاء. لتكن أيام يتردد فيها صدى اسمك، من خلال إخوة وأخوات من لغات وأمم عديدة يلفظونه بصداقة، كخبر فريد في التاريخ، لأنّه فريدٌ أيضًا نبض قلب الله لك. لتكن أيام نُثبِّتُ فيها في قلوبنا أننا محبوبون كما نحن. هذه هي نقطة البداية لليوم العالمي للشباب وإنما وبشكل خاص للحياة.
مدعوون بأسمائنا. تابع البابا فرنسيس يقول إنها ليست مقولة سائدة، إنها كلمة الله. أيها الصديق، أيتها الصديقة، إذا دعاك الله باسمك فهذا يعني أنك بالنسبة له لست رقمًا، بل وجهًا وقلبًا. وأود أن يلاحظ كلُّ فرد منكم شيئًا: كثيرون اليوم يعرفون اسمك، ولكنهم لا ينادوك باسمك. إنَّ اسمك في الواقع، معروف، ويظهر على شبكات التواصل الاجتماعية، وتتم معالجته بواسطة خوارزميات تربطه بالأذواق والتفضيلات. ومع ذلك، هذا كلّه لا يُسائل فرادتكَ وإنما فائدتك لأبحاث السوق. كم من الذئاب يختبئون وراء ابتسامات صلاح زائف، يقولون إنهم يعرفون من أنت ولكنهم لا يحبونك، ويلمِّحون بأنهم يؤمنون بك ويعدونك بأنك ستصبح شخصًا مهمًّا، ليتركوك بعدها بمفردك عندما لا تعود مهمًّا لهم. إنها أوهام الافتراضية وعلينا أن نكون متنبّهين لكي لا نسمح لها بأن تخدعنا، لأن العديد من الحقائق التي تجذبنا وتعِد بالسعادة تُظهر بعدها نفسها على حقيقتها: أشياء تافهة، لا لزوم لها، وتترك الفراغ في داخلنا. أما يسوع فلا! هو يثق بك، وأنت مهمٌّ بالنسبة له.
أضاف الحبر الأعظم يقول وهكذا نحن، كنيسته، جماعة المدعوين: لا جماعة الأفضل – لا لأننا جميعنا خطأة - بل الذين دعوا كما نحن، لنفكر قليلاً في هذا، في قلوبنا: نحن مدعوون كما نحن، بالمشاكل التي نواجهها، بمحدودياتنا، بفرحنا الغامر، برغبتنا في أن نكون أفضل، وبرغبتنا في الفوز. نحن مدعوون هكذا كما نحن. فكروا في هذا الأمر. يسوع يدعوني هكذا كما أنا، وليس كما يطيب لي أن أكون. نحن جماعة إخوة وأخوات يسوع، أبناء وبنات الآب عينه. أيها الأصدقاء، أود أن أكون واضحًا معكم، أنتم الذين لديكم حساسية من الأكاذيب والكلمات الفارغة: هناك مكان في الكنيسة للجميع، لا أحد عديم الفائدة، لا أحد لا لزوم له، هناك متسع للجميع. هكذا كما نحن، جميعًا. وهذا ما قاله يسوع بوضوح عندما أرسل الرسل لكي يدعوا إلى وليمة ذلك الرجل الذي أعدها، قال: "اذهبوا وأحضروا الجميع، صغارًا وكبارًا، سليمين ومرضى، أبرارًا وخطأة: الجميع". والكنيسة هي مكان للجميع. هذه هي الكنيسة، أم الجميع وهناك مكان للجميع. إنَّ الرب لا يوجه إصبع الاتهام، بل يفتح ذراعيه: وهذا ما يُظهره لنا يسوع على الصليب. هو لا يغلق الباب بل يدعونا لكي ندخل. لننقل في هذه الأيام لغة الحب الخاصة بيسوع: "الله يحبك، الله يدعوك".
تابع الأب الاقدس يقول لقد سألتموني الليلة أيضًا أسئلة، أسئلة كثيرة. لا تتعبوا أبدًا من طرح الأسئلة؛ إن طرح الأسئلة هو أمر صحيح، لا بل هو غالبًا أفضل من إعطاء الإجابات، لكي يبقى الذي يسأل "قلقًا"، والقلق هو أفضل علاج ضدَّ العادة، وتلك الحالة الطبيعية التافهة التي تخدر الروح. كل واحد منا لديه مخاوفه الخاصة في داخله. لنحمل هذه الهموم معنا ولنحملها في الحوار بين بعضنا البعض، لنحملها معنا عندما نصلي أمام الله، وهذه الأسئلة ستصبح مع الحياة أجوبة، يجب علينا فقط أن ننتظر. هناك شيء مثير للاهتمام: الله يحب بشكل مفاجئ، هو ليس مبرمجًا، ومحبة الله هي مفاجأة. هو يفاجئنا على الدوام، يبقينا متنبهين على الدوام ويفاجئنا. أعزائي الشباب، أدعوكم لكي تفكروا في هذا الشيء الجميل: أن الله يحبنا، والله يحبنا كما نحن، وليس كما نود أن نكون أو كما يريدنا المجتمع أن نكون: هو يحبنا بما نحن عليه. يحبنا بعيوبنا ومحدودياتنا وبرغبتنا في المضي قدمًا في الحياة.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول هكذا يدعونا الله: ثقوا لأن الله أب، وهو أب يحبنا. هذا ليس أمرًا سهلاً، ولهذا لدينا عونًا كبيرًا في أمِّ الله وهي أيضًا أمنا. هي أمنا. هذا فقط ما أردت أن أقوله لكم؛ لا تخافوا، تحلوا بالشجاعة، امضوا قدمًا عالمين أنَّ محبّة الله تحمينا!