هاني صبري - المحامي
مقتل قناة تدعي " فرح محمد " في العقد الثاني من عمرها، على يد صديقتها " هبه ه "التي طعنتها طعنه نافذة ، ثم قامت بقطع قدميها، وتخلصت منها بوضعها في شيكارة وألقتها داخل أحد المصارف بدائرة مركز طنطا، ارتكبت المتهمة جريمتها الشنعاء بسبب طمعها في تليفون المجني عليها، ولَم تراعي حرمة الصداقة والعيش والملح الذي بينهما.

وقد تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية، من كشف ملابسات الحادث ، وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى المنشاوي العام. وأكدت  تحريات المباحث ارتكاب المتهمة لتلك الجريمة.  

وأحيلت المتهمة إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسها أربعة أيام على ذمة التحقيقات وجار استكمال التحقيق معها وندب الطب الشرعي لبيان الصفة التشريحية ومعرفة سبب الوفاة، وأمرت بدفن الجثمان.

في تقديري إن ما ارتكبته هذه القاتلة يعد جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وتلك الأفعال الإجرامية من قبل المتهمة تعد جريمة نكراء يندي لها الجبين وانعدمت منها الإنسانية والرحمة، وليس للقاتلة ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسانة بريئة مسالمة لا ذنب لها .

ويشكل ما اقترفته المتهمة جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد المعاقب عليها بالمواد "230، 231 ،  234 /3 " من  قانون العقوبات، وقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد، حيث تنص المادة "230" كل من قتل نفساً عمداً مع سبب الإصرار أو الترصد يعاقب بالإعدام.

 فقد فرق قانون العقوبات فى العقوبة بين القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد، وبين القتل دون سبق إصرار وترصد، فالأولى تصل عقوبتها للإعدام وفقاً للمادة 230 عقوبات، والثانية السجن المؤبد أو المشدد.

وتنص المادة 234 /3 من قانون العقوبات على أن: "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، حيث إن المتهمة ارتكبت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد المجنى عليها، واستخدمت المتهمة سلاحها وكبرياء ذاته فى قتل المجني عليها، ويجب عدم استخدام الشفقة أو الرحمة مع هذه القاتلة  .

وتجدر الإشارة أن سبق الإصرار والترصد هما ظرفان مشددان لجريمة القتل العمد:
1- توافر ظرف سبق الإصرار لدى الجاني بارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في هدوء وروية، ولمحكمة الموضوع أن تستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي تأتيها المتهمة وتنم عما تضمره فى نفسها، ووجود خلافات بين المتهمة والمجني عليها وإعداد سلاح لتنفيذ قصدها، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة.

ويقوم ظرف سبق الإصرار على عنصرين:-
الأول: نفسي وهي إمعانها التفكير فيما عزمت عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل فى الواقع ذات الإصرار.

والثاني: زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة فى ذهن المتهمة وعزمها عليه وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للمتهمة فى حالة من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال إنها ارتكبت الجريمة بعد تدبر، وفِي الجريمة الماثلة كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً فى ذهنها حيث قامت المتهمة بالتخطيط لجريمتها واستدرجت المجني عليها وما أن ظفرت بها حتى قامت بطعنها طعنة نافذة قاصده إزهاق روحها وقامت بالتمثيل بجثتها وتقطيعها وإخفاء معالم المجني عليها ومن ثم توافر ظرف سبق الإصرار قبل المتهمة.

2- توافر ظرف الترصد قبل المتهمة، والترصد معناه تربص المتهمة للمجني عليها فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومها إليه لتتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار المتهمة للمجني عليها لمباغتتها والغدر بها لدى وصولها لتحقيق غاية الإجرامية.   

ويتكون ظرف الترصد من عنصرين:-
أولهما: زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر.
ثانيهما: مكاني ويتطلب انتظار المتهمة للمجني عليها فى مكان ما.

 جدير بالذكر أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد يكفي لتشديد العقوبة للإعدام، والترصد يخضع فى إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وفِي الجريمة الماثلة اعترفت المتهمة بجربمتها، وأيضاً يثبت بشهادة الشهود، ولما كان المتهمة قد استدرجت وترصدت المجني عليها بالمكان الذي أيقن وجودها فيه لتنفيذ جريمته الشنعاء التي أحدثت حالة من الصدمة والحزن الشديدين لدي الكثيرين، وسوف ينال هذا القاتلة جزاء جريمتها البشعة .

وبناء عليه سوف يتم إحالة المتهمة  لمحاكمة جنائية عاجلة ، وإذا ثبتت عليها التهمة،  نطالب بتوقيع أقصى عقوبة مقررة عليها في القانون وهي الإعدام شنقاً، وذلك لتحقيق الردع العام، لمنع كل من تسول له نفسه العبث بحياة المواطنين الأبرياء، وحماية المجتمع من مثل هذه الأفعال الإجرامية التي قد تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع.