كتب - محرر الاقباط متحدون
ترأس سيادة المطران جان ماري شامي، النائب البطريركي العام للروم الملكيين الكاثوليك بمصر والسودان وجنوب السودان، قداس اليوم السادس من أسبوع الاحتفال بعيد القديس مار شربل، الذي خصصته الكنيسة المارونية بمصر، بقيادة سيادة المطران جورج شيحان، وذلك بكاتدرائية القديس يوسف المارونية، بالظاهر.
وفي كلمة العظة، تحدث المطران شامي حول "القدّيس شربل الحبيس"، فبِرِفقَةِ شربل نتأمّل هذا القدّيس الذي عرف كيف يَصبُر وكيف يُطيع. كان شربل قد شعر بدعوة التنسّك، فطلب من رئيس الدير الإستحباس في محبسة دير عنّايا. وبدوره، طلب رئيس الدير من الله علامةً توضح له إرادته، فكانت معجزة السراج.
كان قد وُضعَ في سراج مار شربل ماءً بدلاً من الزيت، ورغم ذلك أضاء السراج لشربل ساعاتِ صلاتِهِ الليليّة. وما كان إلاّ أن أُذِنَ له عام ۱۸٧٥ أن يتنسّك، فقضى في صومعته ٢٣ سنة. من المنطقيّ أن تكون نار دعوة التنسّك قد أَلهبَتْ قلبَ شربل شوقًا، لكنّه صبر وأطاع. كلّ ذلك يشيرُ إلى تمرُّسه بفضيلتَيْ الصبر والطاعة.
فالصبر، كما نوّه المطران جان ماري شامي هو قوّة الإنسان، وهذا ما يعلّمنا إيّاه شربل، أن نعرف كيف نصبر. أين نحن من الصبر؟ نحن في موجة سرعةٍ خاطفة، نريد كلَّ شيءٍ بسرعة، حاجاتِنا... أشياءَنا... علينا أن نتمرّس على الصبر ونعيش الطاعة، الطاعة للكنيسة، يقول لنا الربّ من خلال الإنجيل أحبّوا، لا تخافوا... إنْ صَبَرنا، فمن المحتّم أن يأتيَ صَبرُنا بنتيجة.
وأشار المطران شامي إلى باكورة علاقته بمار شربل فقال: "أذكر أوّل لقاءٍ لي بالقدّيس شربل. في أواخر الستّينات رافقتُ أهلي في زيارةٍ لدير عنّايا وكنت طفلاً. لم أكن قد رأيت من قبل ميتًا، فوجدتُ نفسي أمام ضريح مار شربل، يفصلُني عنه لوحُ زجاج. وبما إنّي كنت طفلاً، كان مستوى القبر على نفس مستوى نظري.
نظرتُ إليه ولم أخف... كان نائمًا. بعدها دعيتُ ككاهنٍ لأذهبَ إلى عنّايا حيث كنتُ أمكث في كرسيّ الإعتراف لمدّة سبع ساعاتٍ تقريبًا، ثمّ في المحبسة لثلاث أو أربع ساعات، تلك المحبسة التي أخذ فيها مار شربل قراره بالبقاء مع يسوع المسيح سنده وقوّته.
هذا ما يدعونا إليه شربل، شربل الذي أطلق العنان في المحبسة للحياة التقشفيّة وزاد شغفه بالتأمّل والصلاة والإستغراق بالله، يجالسه ساعاتٍ وساعات. شربلُ الحبيس كان جليسَ الربّ، يفلح مع الربّ، يعمل مع الربّ، يصلّي مع الربّ، يأكل مع الربّ، وينام مع الربّ، أَوَليسَ الربّ من قال لنا: "ها أنا معكم كلّ الأيّام إلى انقضاء الدهر"، فلماذا نهتمّ بأمورٍ كثيرة والمطلوب واحد؟".
وتوجّه المطران جان ماري شامي إلى كلّ شخصٍ حاضرٍ يدعوه أن يدخل محبسته، على غرار مار شربل، تلك المحبسة التي هي في داخل كلٍّ منّا، فنُسكتَ كلَّ ضجيجٍ من حولنا حتّى نختليَ بالربّ، ونجالسَه، ونمضيَ وقتًا معه، ليس في الكنيسة فقط، بل في بيوتنا التي هي بمثابة كنيسةٍ صغيرة، فنسمعَ صوته في أعماقنا يردّدُ لنا: "أحبّكَ، لا تخف، أنا معك".
وأهدى المطران شيحان صورة القدّيس شربل للمطران شامي، قال هذا الأخير مبتسمًا: "كنت أحتفظ بنفس الصورة في لبنان وتركتها هناك يوم أتيتُ مصر، وها هي الصورة تعود إليّ من خلال هديّة المحبّة هذه".
أمّا البركة الأخيرة فكانت في زيّاح مار شربل، فشكرًا للربّ على عطاياه وهباته وللقدّيس شربل على حياته بالربّ!.