أشرف حلمي
مع كل حالة إختفاء أو خطف أحد أفراد شعبنا القبطي خاصة الفتيات والسيدات ، والتي زادت فى الآونة الأخيرة ، يعقبه شهادة أسلمة مصحوبه بفيديو لصاحبة بعض الحالات ، غالباً تحت ضغط وتلقين من جانب أعداء الإنسانية والمضللين ، مع التهديد بعدم التعرض لها ، بالتزامن مع إشتعال مواقع التواصل الإجتماعي وصمت تام من جانب القيادات الدينية والأمنية ، سيظل السؤال الذي يبحث عن إجابة " من يقف خلف حالات الإختفاء والخطف ؟ ومع عودة العديد من الحالات لن نعرف الأسباب الحقيقة وما هي الجهات المسئولة عن الخطف وطبيعة عصابات الخطف والأسلمة ومن خلفهم " وللرد علي هذا السؤال علينا أن نتناول أهم الأحداث ومخططات السادات عقب ثورة ٥٢ بقيادة الضباط الاحرار من الأخوان المسلمين التي مجرى الحياة الاجتماعيه والسياسية وتحولها إلى دولة دينية وأهمها :
١ - مؤتمر كراتشي الإسلامي في باكستان في ١٠ مايو ١٩٥٢ بمشاركة مصر والذي أسفر عن إنشاء منظمة الشعوب الإسلامية التي من أغراضها، تمكين العقيدة، وتحرير الشعوب الإسلامية من السيطرة الأجنبية ورفع المستوى الأدبي و المادي للأفراد، والتوسع في تعليم اللغات، والسعي لتقوية الروابط الاقتصادية و الأدبية بين البلاد الإسلامية ومن ثم قامت ثورة يوليو فى مصر .
٢- تولى السادات منصب السكرتير العام لدى إعلان قيام منظمة المؤتمر الإسلامي فى يناير عام ١٩٥٥ ، وأستغل منصبه لتنفيذ مخططه وأهدافه وتحويل مصر الي دولة دينية إسلامية كما وعد فى مؤتمر مكة عام ١٩٥٦ بتركيع مسيحي مصر وتحويلهم الى الإسلام خلال ١٠ سنوات او جعلهم ماسحى أحذية وشحاتين .
٣ - تلاعبت المخابرات السعودية برعاية مستشار الملك فيصل بعقل الرئيس السادات بعد قيادته البلاد عام ١٩٧١ ، بضرورة إحياء النزعة الإسلامية ، بالاستعانة والإتصال بالخونة قيادات الأخوان المسلمين الهاربين خارج البلاد ومنهم الإرهابي يوسف القرضاوى وأحمد العسال وعبد الرؤوف مشهور، وعبد المنعم مشهور وسالم نجم وعودتهم الي مصر والإفراج عن قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين فى السجون ، ولم يكتفي السادات بذلك بل وضع يده فى أياديهم وعقد الصفقات معهم وترك الشارع لهم وهذا ما أشار له الأمير محمد بن سلمان .
٤- وضع السادات أولي خطواته العملية بصفته رئيس الجمهورية لأسلمة الدولة ، ووضع المادة الثانية للدستور المصرى عام ١٩٧١ وتم تقويتها عام ١٩٨١ وما ترتب عليها ، لضمان إضطهاد المسيحيين ، ازدراء الدين المسيحي ، والتي تنص علي " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع " التي يستخدمها نظامه ومؤسسات الدولة زريعة لإرهاب الأقباط ضاربين بعرض الحائط مبادي، قرارات ودساتير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان .
٥- سخر السادات معظم مؤسسات الدولة خاصة الإعلامية لنشر الثقافة الوهابية وسعودة مصر من خلال جلب قيادات متشددة فى برامج تليفزيونية أهمها “نور على نور” للإخوانى أحمد فراج ، وحديث الشيخ "محمد متولي الشعراوي" ، بالتزامن مع عودة العمال والموظفين من دول الجزيرة العربية حاملين معهم الثقافة والأزياء الوهابية .
٦- بدايه الفتن الطائفية عام ١٩٧٢ في حادث الخانكة ، بإحراق جمعية الكتاب المقدس بحجة تحويلها إلى كنيسة ، كما أزالت وزارة الداخلية التابعة لنظام السادات حينها بعض المباني التابعة للجمعية ، واستمرت دون انقطاع حتي بلغت ذروتها عام ١٩٨١ بحادث ومجزرة الزاوية الحمراء التي أودت بحياة أكثر من ٨٠ شهيداً .
٧- السادات أظهر اضطهاده المباشر للأقباط بكل فجور ، بقراراته السوداء فى سبتمبر عام ١٩٨١ بالتحفظ علي مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث واعتقال أكثر من ١٠٠ قبطى بينهم مطارنة ، أساقفة وكهنة أفاضل ، أمام العالم ولم يكتفي بذلك بل قام بالتهكم علي البابا شنودة فى خطابه بعد التحفظ عليه وإعلان مصر دولة دينية إسلامية فى خطابه الشهير الذى قال فيه " أنا رئيس مسلم لدولة إسلامية " وقد أدى ذلك الي ازدياد حالة الغليان فى الشعب القبطي .
٨ - دفع السادات ثمن أفعاله السوداء بالتحالف مع الجماعات الإرهابية فى يوم عرسه ، وتم اغتياله علي يد ضباط من الأخوان المسلمين بالقوات المسلحة المصرية أمام العالم بالعرض العسكرى يوم ٦ أكتوبر عام ١٩٨١ ، ليعد درساً قوياً لجميع رؤساء العالم المتحالفين مع جماعات الإسلام السياسي .
٩- ورث الرئيس محمد حسني مبارك دستور وقوانين السادات دون تغيير ، واستمر الحال كما هو عليه بل أصبح من سئ لأسوأ ، وكان عهده ملئ بمئات العمليات الإرهابية " قتل ، حرق ، تفجير بيوت ومحلات وكنائس ، خطف وأسلمة مئات القبطيات " إضافة إلى ذلك قام بإلغاء جلسات النصح والإرشاد , التي كانت تقام داخل مقرات وزارة الداخلية برعاية قوى الأمن ، وذلك عقب عملية خطف السيدة وفاء قسطنطين عام ٢٠٠٨ فى أحد خطواته لمغازلة السلفيين أعداء الوطن والمدنية الذين أصبحوا
أحد الفزاعات الأمنية ضد الأقباط وازدراء الدين المسيحي والتهكم علي القيادات الدينية المسيحية وسط صمت تام للأجهزة الأمنية .
١٠ - زادت حالة الغضب لدى أقباط مصر بعد توغل الفكر السلفي والإخواني فى الشارع المصرى خلال السنوات الأخيرة لحكم مبارك خاصة أخر عامين فى أعقاب وقوف الجهات الأمنية أمام ترميم الكنائس وتخاذلها تجاه الهجوم علي الكنائس بالاسلحة وتفجيرها مما أدى إلى رفض الأقباط لسياسة مبارك ووزارة الداخلية التي ووصلت إلى ذروتها عقب تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ، مما أدى إلى الإسراع فى ثورة يناير التي نادت بالحرية والعدالة الإجتماعية ، إلا أن أوضاع الأقباط لن تتغير في مرحلة حكم المجلس العسكرى التي شهدت مذبحة وفضيحة ماسبيرو أمام دول العالم ، وانتهت بالإنتخابات الرئاسية وسرقة الثورة بواسطة جهات خارجية لصالح الأخوان المسلمين لإعلان الدولة الإسلامية .
١١- استغلت قيادات جماعة الأخوان الإرهابية الحكم ، وقامت علي إستكمال خطة السادات ، لإعلان مصر دولة إسلامية ، يحكمها شيخ الأزهر بسلطة أعلي من رئيس الجمهورية و المحصن والغير قابل للعزل بحسب المادة السابعة للدستور ، التي تنص علي " الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم . وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء " .
١٢ - عرف الشعب مصيرة الأسود خلال عام حكم مرشد الأخوان المسلمين ، وقام بثورة يونيو بدعم جيش مصر العظيم بقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي " وزير الدفاع وقتئذ " لقيام دولة مدينة ، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن ، فبدلاً من إسقاط الدستور بسقوط رئيس الجمهورية الإسلامي ، قام رئيس لجنة الخمسين عمرو موسي بإشراك السلفيين ضمن اللجنة لضمان الحفاظ علي المواد الدستورية الدينية " الثانية والسابعة " التي وضعها السادات والأخوان المسلمين للسير قدماً فى إستمرار خطة السادات لإذلال أقباط مصر .
فى النهاية هل يمكن عودة جلسات النصح والإرشاد التي تطالب بها القيادات الكنيسة " شرط أن تكون بعيدة عن الجهات والمقرات الحكومية ؟!!! " و لابد أن تعترف بحقيقة هامة وهي " لن تقوم دولة مدنية علي وجه الأرض بعض مواد دستورها ديني " ولن ينعم الشعب بالمواطنة فى ظل عدم المساواة والعدالة فى القوانين وفقدان الحريات الدينية .