ووالدتى لم تعرف برهبنته إلا بعد شهر وأنا الوحيدة التى كانت تعلم.. ولم يفكر فى الحب
"هدى صبحى باقى"الشقيقة الوسطى للبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تصغره بثلاثة أعوام وتعمل مهندسة فى شركة كهرباء غرب الدلتا، وتعيش فى منطقة سموحة بالإسكندرية، وتصف البابا الجديد بأنه "رفيق العمر».
"هدى"كشفت فى حوارها لـ"اليوم السابع"كيف نشأ البابا تواضروس محبا للقراءة ومتفوقا فى دراسته، كما كان طفلا شقيا يحب اللعب والتصوير، إلا أنه كان يخاف من السجن الذى كان قريبا من منزلهم بمدينة المنصورة، وسردت محطات مهمة من طفولته ونشأته، منها موقف وفاة والده صباح امتحانه فى الصف الأول الإعدادى، وكيف أخفت الأسرة نبأ الوفاة عنه حتى يكمل امتحانه، وكذلك المحافظات التى تنقلت بينها الأسرة نتيجة طبيعة عمل الوالد صبحى باقى من مدينة المنصورة بالدقهلية وسوهاج ودمنهور بالبحيرة.
وقالت هدى إن البابا لم يفكر فى الحب أو الزواج، ولم يطرح ذلك الأمر فى محيط الأسرة، وإلى
نص الحوار:
◄نريد أن نعرف طبيعة الأسرة التى نشأ فيها البابا تواضروس
◄الأسرة تتكون من الأب "باقى"الذى كان يعمل مهندسا بالمساحة وتوفى فى 3 يونيو 1967 والأم سامية عمرها 81 عاما الآن ووجيه – البابا تواضروس- وأنا، وشقيقتى الأخرى إيمان متوفية منذ أربع سنوات وكانت أصغر من البابا بـ11 عاما، وأبنائها يوسف فى إعدادى هندسة الإسكندرية، ومريم فى الصف الثالث الإعدادى، وباقى العائلة هم أعمام البابا وهم القمص أنطونيوس باقى المتنيح وكان أول كاهن يخدم فى أمريكا والقمص يوحنا باقى كاهن كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة، وابن عمهم القمص أنطونيوس محب فى الزقازيق، وابن عمتهم القمص يوحنا زكريا كاهن فى الشارقة بالإمارات، ولدينا خال واحد على قيد الحياة وهو الدكتور ميخائيل نسيم.
◄أين عاشت الأسرة.. وما المناخ الذى نشأ فيه البابا تواضروس؟
◄ولدنا جميعا فى المنصورة بمنطقة السكة الجديدة وعشنا بها لمدة خمس سنوات ونصف، وكان أكثر شىء يضايق وجيه وجود سجن على الطريق المؤدى إلى المدرسة وكان دائما يقول "المدرسة حلوة بس لولا السجن ده»، فوالدى فكر فى احتوائه للخروج من ذلك الحزن فقام باصطحابنا عن طريق صديق له يعمل بالسجن وأخذنا يوما إلى هناك وقضينا يوما كاملا فى السجن وأكلنا من أكل المساجين وكانت هناك حديقة ولعبنا بها فبعد الزيارة انكسر حاجز الخوف والحاجز النفسى لدى وجيه، وكان وجيه يضيق من طريقة التعليم فكان يرى بها سلبيات ولكنه كان ذكيا ومتميزا.
ثم بعد ذلك انتقلنا جميعا إلى محافظة سوهاج لظروف عمل الوالد واستقررنا بها لمدة ثلاث سنوات ودخل وجيه مدرسة عبدالله وهبى الابتدائية وكانت مدرسة والد يوسف وهبى الممثل، وارتبط وجيه ارتباطا كبيرا بالكنيسة التى كانت بجوار المنزل خاصة بالقمص شنودة كاهن الكنيسة وأثر فيه جدا فكان يهتم بنا وكان حنونا ويأخذنا لحضور مدارس الأحد وكان يمتلك سيارة كان يجعلنا نلعب بها فارتبطنا به.
◄إلى متى ظللتم فى سوهاج؟
◄انتقلنا إلى مدينة دمنهور فى عام 1961 وعشنا فى منزل فى شارع "أبوعبدالله»، قضينا معظم حياتنا هناك حتى وصول وجيه إلى الدير، وكان بجوارنا كنيسة الملاك ميخائيل، وكاهن الكنيسة كان يزورنا ويفتقدنا وكنا نذهب كثيرا إلى الكنيسة وارتبطنا بشدة بأمين الخدمة هناك الأستاذ زاهر عزير وحاليا الكاهن لويس عزيز بكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدوار وتأثر وجيه به جدا، وكان يراه محبا ومثالا للخادم كما ينبغى أن يكون فكان يأتى ليأخذنا إلى مدارس الأحد ويتعامل معنا بكل حب.
ودخل وجيه هناك فى الصف الرابع الابتدائى بمدرسة "الأقباط الخيرية"بشارع المحبة الذى أصبح عرابى الآن، وكانت شقيقتا البابا كيرلس السادس تعملان فى نفس المدرسة الأولى الأستاذة شفيقة ناظرة المدرسة وأختها عزيزة مدرسة بنفس المدرسة، وجمعت الصداقة بين والدتى و"شفيقة"وكانا يذهبان سويا فى تلك الفترة إبان ظهور السيدة العذراء للسهر سويا لمشاهدة الظهورات وكذلك فى زيارات للبابا كيرلس السادس.
◄ما أهم المحطات الخاصة بالأسرة فى هذه المرحلة؟
◄ فى بداية المرحلة الإعدادية والدى توفى أول يوم بامتحانات الإعدادية لوجيه فى 3 يونيو 1967 بعد خروج وجيه للامتحان صباح هذا اليوم، فذهب وجيه للامتحان ولم يعلم، وفضل عمى عدم معرفته فأخذه عمى نبيل أستاذ فى كلية الطب بجامعة القاهرة إلى منزل صديقه وقالوا له "بابا وماما اضطروا يسافروا»، ومن طبيعة وجيه حب قراءة الجرائد من الصغر لذا عندما جاءت صحيفة الأهرام آنذاك نشر نعى الوفاة فقام صديق عمى بقص النعى وتساءل وجيه عن السبب عندما رأى الجرنال فقالوا له "فيها إعلان إحنا قصناه»، وقال لى بعدما علم بالوفاه إنه شك فكيف يكون إعلان فى صفحة الوفيات، وتكرر الموقف ثانى يوم وتم قص نعى آخر فشك أكثر، وامتحن ثلاثة أيام فقط وتم تأجيل الامتحان بسبب ظروف الحرب ثم عاد لمنزلنا وعلم فدخل فى نوبة حزن ولكنه كان صغيرا ولم يفعل شيئا ملفتا.
ودخل وجيه مدرسة عمر مكرم الثانوية بدمنهور وكان متفوقا، وبدأ فى الخدمة بكنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور، وقبيل الامتحانات ذهبت والدتى مع صديقاتها إلى البابا كيرلس السادس لأخذ البركة وطلبت منه الدعاء لوجيه لكى يخوض امتحانات الثانوية العامة بنجاح، فرد عليها البابا: "متقلقيش عليه هيبقى له شأن عظيم»، ففرحت، واعتقدنا أن ذلك سيكون فى الدراسة أو العمل ولم يتوقعوا أبدا أن يكون بطريركا.
وبعدها أصبح وجيه أمين الخدمة بالكنيسة، كان يجمع شبابا من الكنيسة ويقضون يومين أو ثلاثة ويقومون بتنظيف الكنيسة، ودخل بعدها كلية الصيدلة بالإسكندرية وتخرج سنة 1975 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وكان يتميز بأنه شخص نشيط ويبتكر أشياء مختلفة مثل عمل وسائل إيضاح للخدمة بالكنيسة.
◄وماذا عن حياة البابا العاطفية؟
◄وجيه لم يفكر فى الحب أو الزواج ولم يطرح ذلك فى المنزل نهائيا.
◄كيف تقيمين شخصية البابا وجوانبها البارزة قبل أن ينضم لسلك رجال الدين؟
◄ عندما كان وجيه فى المرحلة الابتدائية والإعدادية دائما كان يقول عايز أطلع كيميائى لأنه تأثر بالصيدليات القديمة حيث كانت معامل لتركيب الأدوية فرغب أن يكون واحدا مثلهم وعندما دخل الثانوية تبلورت الفكرة فى نفسة ليكون صيدليا.
كما أنه كان متحركا وشقيا فى طفولته وكانت شقاوته حركة وابتكارا ويركب أشياء ويفك أخرى فمثلا يقوم بفك جهاز ما لمعرفة ما بداخله، وفى مرحلة الإعدادى يقول "عايزين نعمل تليفون فيحضر كوبايتين ويخرمهم ويربطهم بحبل ويعطينى طرف وهو الآخر ونتحدث»، وذات مرة أيضا قام بعمل شبه بروجيكتور فقام بإحضار "ملاية"ووضعها على الحائط ولصق بها الصور وقام بإطفاء النور لنشاهدها فكانت أفكاره من هذا القبيل».
◄وماذا عن هواياته المفضلة وهو صغير؟
◄كان مهتما جدا بالقراءة فى جميع التخصصات ومعرفة الأخبار لدرجة أنه عند وفاة "إيزنهاور"رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كان فى المرحلة الابتدائية وكنا نسكن فى عزبة القديسة دميانة وكنا فى المنزل فجاء بأعلى صوته من مدخل العزبة ليصرخ "إيزنهاور مات.. إيزنهاور مات»، وكنا أطفالا لا نعرف من هو إيزنهاور، فكان يهتم جدا بالأخبار، وحينما كبر فى مرحلة الإعدادية كان يحب الاطلاع على فقرة الأخبار فى التليفزيون وليس المسلسلات، إضافة إلى مشاهدة الإعلانات التليفزيوينة»، ومن هواياته المفضلة التصوير فكان يحب التقاط الصور جدا.
◄من هى الشخصيات التى تأثرت بها شخصية البابا؟
◄تأثر البابا منذ نعومة أظافرة بوالده ووالدته وشكلوا شخصيته، والدنا لم يضربنا فكان تقدميا فى ذهنه من حيث التربية وأصولها وإن أخطأ أحدنا كان يفهمنا الخطأ بهدوء، وعندما كنا نذهب إلى نادى كنسية مار جرجس كان يحثنا على الالتزام بالمواعيد، فلا يجب أن نتأخر عن 10 مساء، وكذلك كان هناك نظام خاصة توقيت الغداء ودائما والدى يحكى لنا عن نماذج للشخصيات الناجحة وعندما نترك المذاكرة يحدثنا عن الإيجابيات التى لدينا، يقول لدينا منزل وكهرباء وهناك من يذاكر تحت أعمدة الإضاءة فى الشوارع وهكذا، وكذلك والدتنا التى لها الدور الأكبر فى نشأتنا بعد وفاة الوالد، فتولت مسؤولية التربية والتعليم لذا استمرت فى نهجه فى حثنا على المذاكرة بجدية وكانت تجلس معه كثيرا أثناء المذاكرة، كما تأثرنا بجدى وجدتى فكانوا شخصيات مؤثرة من حيث النواحى العلمية والروحانية وأعمامى حماسهم والتزامهم بالعمل ومواعيد النوم والاستيقاظ، والأطفال عندما ينمون وسط عائلة بها شخصيات بارزة وقوية فهذا يؤثر على الشخصية.
◄هل كان البابا تواضروس اجتماعيا؟
◄عندما كان وجيه طفلا صغيرا جدا كان يبكى عندما يرى الناس ولكنه فى شبابه كان اجتماعيا ومندمجا وله صداقات كثيرة، وله قفشات كثيرة يحب مداعبة الحضور، الوقت بالنسبة له ثمين جدا، وكان محبا جدا للأطفال-كان البابا عضو لجنة الطفولة بالمجمع المقدس - وشعرت مريم – بالمرحلة الإعدادية - ابنة شقيقته إيمان بحزن شديد من اختياره فى القرعة الهيكلية لدرجة أنها صامت من أجل عدم فوزه حتى يتسنى لها رؤيته ومداعبته مثلما كان يفعل.
◄ما هى أهم المحطات البارزة فى الحياة العملية للبابا؟
◄حصل وجيه على بكالوريوس الصيدلة جامعة الإسكندرية فى يونيو 1975، ثم زمالة هيئة الصحة العالمية بإنجلترا فى يونيو 1985، كما حصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية فى نوفمبر 1983 وبعدها عمل مُديرًا لمصنع أدوية بدمنهور تابع لوزارة الصحة قبل الرهبنة، حيث ذهب الأنبا تواضروس إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون فى 20 أغسطس1986، وترهبن فى 31 يوليو 1988، وتمت رسامته قسًا فى 23 ديسمبر 1989، ثم انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة فى 15 فبراير 1990، ثم نال درجة الأسقفية فى 15 يونيو 1997.
وحبه الشديد للقراءة والتنظيم والدقة أثر على حياته فكان منظما ويعمل دائما ويدخل مكتبه ليقرأ ويجهز سواء للخدمة الكنسية والعمل، فموهبته هى القراءة بالوراثة لأن الوالد والوالدة كانا دائمى القراءة ولدينا مكتبة كبيرة كان يقرأ فيها منذ الصغر.
◄ما هى قصة رهبنة البابا الـ118 أو شقيقك وجيه؟
◄عندما ذهب للدير وقرر أن يترهبن لم يقل لوالدته إذ كان مدير عام مصنع أدوية فى دمنهور آنذاك وقرر الذهاب للدير ولم يعلم هل سيقبلونه أم لا؟ ففضل عدم إعلام والدته وقال لى أنا فقط.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.