( 1867- 1934 )
إعداد / ماجد كامل
يمثل العالم الجليل أحمد باشا زكي ( 1867- 1934 ) أهمية كبيرة في الثقافة المصرية والعربية . اما عن أحمد زكي نفسه ؛ فأسمه بالكامل " أحمد زكي بن إبراهيم بن عبد الله النجار . ولد بالاسكندرية ؛ ثم انتقل للقاهرة ؛حيث التحق بمدرسة الحقوق وتخرج فيها عام 1887 . ودرس الترجمة حيث كان يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة ؛كما كان له بعض الالمام بالانجليزية والإيطالية وله بعض المعرفة باللاتينية . وعمل بعدها مترجما في مجلس النظار ( ما يقابل مجلس الوزراء حاليا ) وتدرج في المناصب حتي وصل الي منصب سكرتير مجلس النظار عام 1911 ؛ وظل في منصبه هذا حتي أحيل إلي التقاعد بعد عشر سنوات . ثم روادته فكرة رائدة وهي ضرورة إحياء التراث العربي ؛ وقدم بذلك مذكرة إلي مجلس الوزراء ؛ وكان رئيس المجلس وقتها الخديوي "عباس حلمي " وكان ذلك بتاريخ 24 أكتوبر 1910 الذي أعتمد مبلغ 9392 جنيها مصريا – وكان يعتبر مبلغ كبير في ذلك الوقت - وكانت الجهة المشرفة علي المشروع هي " المجلس الأعلي لدار الكتب المصرية " وبفضل هذا المشروع تمت طباعة العديد من الكتب بتحقيق أحمد زكي مثل ( نكت الهيمان في نكت العميان للصلاح الصفدي – الأصنام للكلبي – الادب الصغير لابن المقفع - التاج في أخلاق الملوك المنسوب للجاحظ – الجزء الأول من كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ) . ولقد توفي في 5 يوليو 1934 إثر نزلة برد حادة عن عمر يناهز 67 عاما .
أما عن القيمة العلمية والأدبية لأحمد باشا زكي ؛ فلقد لخصها الأستاذ أنور الجندي في كتاب كتبه عنه بعنوان " أحمد زكي باشا شيخ العروبة " في ثلاث مراحل :-
1-مرحلة جمع التراث العربي من مكتبات الآستانة وأوربا والمشرق وتصويره فوتغرافيا ومراجعته والتعليق عليه ونشره .
2-مراجعة هذا التراث ودراسته وتكوين خزانته الزكية والتعليق علي ما بها من مؤلفات ؛ مع إعداد الجذاذات في مختلف فنون الأدب والتاريخ والجغرافيا ؛ مع الاتصال بالباحيثين مراجعتهم .
3-المرحلة الأخيرة تبدأ بعد إحالته للتقاعدعام 1921 وحتي وفاته ؛ وهي تعتبر أخصب فترات حياته ؛ حيث نشر عشرات المقالات والأبحاث .
وكان أيضا من بين الأعمال الجليلة التي قام بها أحمد باشا زكي هي اختصاره لحروف الطباعة من 905 شكل إلي 132 شكل فقط .
كما طلب منه وزير المعارف وقتها " أحمد حشمت " (1858- 1926 م) إدخال علامات الترقيم إلي اللغة العربية ووضع أسسها وقواعدها ؛ ولقد قال أحمد زكي عن سبب نقله لعلامات اترقيم للعربية ؛فقال " دلت المشاهدة وعززها الاختبار علي أن السامع والقاريء يكونان علي الدوام في أشد الاحتباج إلي نبرات خاصة في الصوت أو رموز مرقومة في الكتابة يحصل بها تسهيل الفهم والإدراك " .
أما أهم علامات الترقيم التي وضعها أحمد باشا زكي بلفظها ورسمها فهي :-
1-الفاصلة ؛.
2-النقطة . .
3-علامة الاستهام ؟.
4-النقطتان : .
5-علامة التعجب !
6-الشرطة – .
7-القوسان ( ) .
وخلال رحلة حياته العلمية ؛ شغل العالم الكبير العديد من المناصب والعضويات الشرفية للعديد من الجمعيات العلمية مثل :-
1-زميل المعهد العلمي المصري .
2-الجمعية الجغرافية الملكية .
3-الجمعية الملكية الآسيوية في لندن .
4-عمل في المجالس الإدارية للعديد من الهيئات العلمية مثل ( الأزهر الشريف – الجامعة المصرية – دار الكتب المصرية
ولقد أثري العالم الكبير المكتبة الثقافية بالعديد من الكتب والمؤلفات القيمة ؛ أذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1-السفر إلي المؤتمر :- وهو وصف للرحلة التي قام بها سنة 1892 إلي أوربا لحضور مؤتمر المستشرقين التاسع الذي عقد في لندن في الفترة من 5- 12 سبتمبر 1892 . وبعد المؤتمر قام بجولة في بلاد ( روما – باريس – لندن – مدريد – لشبونة ) .ولقد شارك في المؤتمر معه الشيخ محمد راشد ؛ والمستشرق الألماني كارل فولروس Karl Vollers ( 1857- 1909 م ) حيث كان يعمل مدير المكتبة الخديوية في ذلك الوقت ( دار الكتب المصرية حاليا ) .
2- أسرار الترجمة .
3-قاموس الجغرافية القديمة .
4-موسوعات العلوم العربية .
5-ذيل الأغاني .
6-نتاج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام .
7-تاريخ المشرق .
8-الدنيا في باريس .
وبالجملة ركز العالم الكبير أحمد باشا زكي جهوده العلمية في ثلاثة ميادين رئيسية هي :-
1-إحياء التراث العربي وتحقيق ونشر مخطوطاته .
2-العناية بالآثار العربية والبحث عن القبور والمواقع المندثرة والدعوة لتكريم أصحابها .
3- تحقيق أسماء الأعلام والبلدان والوقائع والأحداث في مجال اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا .
وإذا ما قرأنا فهرست محتويا كتابه " السفر إلي المؤتمر " حيث قام بتقديم وصف مفصل لوقائع المؤتمر ؛ حيث افتتح المؤتمر المستشرق الالماني المعروف " ماكس موللر "Max Muller ( 1823- 1900 ) أعمال المؤتمر بخطبة كانوا قد طبعوها في 63 صفحة ووزعوها علينا . وفي بقية أيام المؤتمر ؛ عقد القسم الخاص بالساميات ( أي علوم اللغات السامية ) فتكلم الدكتور فولرس عن رسالة كتبها في الأصوات العربية مستندا علي ما رواه سيبويه ؛ ثم قدم الأستاذ الشيخ محمد راشد ورقة عن الكلام الدراج في مصر القاهرة؛ ولقد ألقي أحمد باشا زكي خطبة هامة في المؤتمر عرض فيها بيان بالأعمال التي قام بتقديمها في المؤتمر سوف أعرض نماذج منها مثل ( كتاب لتسهيل مراجعة آيات القرآن الكريم سميته " مفتاح القرآن " – نسخة معدة من موسوعات العلوم العربية – قاموس جمعت فيه الكلمات العربية المضغمة – معجم صغير لتحرير الأعلام الجغرافية مع ردها أصولها المعروفة – معجم للكلمات اللغوية الفصيحة –عادات المصريين في الاحتفال بأعياد النيل ...... الخ ) .
ولقد ترك لنا أحمد باشا زكي من كنوز دار الكتب المصرية ما يعرف "الخزانة الزكية " وهي تشمل المكتبة الخاصة التي جمعها ؛ وساعد علي جمعها الوظيفة المرموقة التي كان يحتلها صاحبها ؛ مع رحلاته المتعددة ؛ وهي تحتوي علي مؤلفات فريدة لا نظير لها ؛ منها أكثر من مائة صحيفة ومجلة ؛ ومجموع الفرمانات الصادرة باللغة العربية بخصوص الحكومة المصرية ؛والمجلة الآسيوية التي تصدر من باريس من أول عدد سنة 1822 إلي ما بعد سنة 1930 .. وضمت المكتبة نحو 1500 مخطوط ؛ وهي حاليا محفوظة في دار الكتب المصرية بكورنيش النيل رملة بولاق
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-آرثر جولد شميث " الابن " :- قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ ترجمة وتحقيق عبد الوهاب بكر؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 521 ؛ الطبعة الأولي ؛2003 ؛ الصفحات من 287 – 289 .
2-صلاح حسن رشيد :- قاموس الثقافة المصرية في العصر الحديث ( 1798- 2020 ) ؛ مكتبة الآداب ؛ 2020 ؛ صفحتي 52 و53 .
3-تحميل كتب احمد زكي باشا :- مكتبة نور .
4-أحمد تمام :- الخزانة الزكية ... كنز دار الكتب المصرية ؛ إسلام اون لاين ؛موقع علي شبكة الأنترنت .