د. أمير فهمى زخارى المنيا
هل الرب إله يحب شم رائحة شواء اللحمة؟" تكوين 8: 20 – 22"
يسأل النقاد: ما الذي يرضي الرب في قتل حيوان وحرقه بالنار؟ ما علاقة قتل حيوان بغفران ذنوب الإنسان؟ وهل لون الدم هو الذي يسكِّن غضب الرب؟ أم أن إله العهد القديم كان متعطشاً للدماء، ومحباً للموت، ويريد أن تُقدَّم له الذبائح وتجري دماؤها أنهاراً في كل مكان؟

 “ويذكر سفر التكوين أن الرب رضي عن نوح وقومه بعد أن شم رائحة شواء المحرقات التي قدمها نوح على المذبح (تك8: 20-22).

وللإجابة على هذا السؤال نقول: إن من يدرس الكتاب المقدس بعمق يجد أن الرب لا يحب ولا يريد تقديم الذبائح الدموية، وأرجو أن تقرأ بتأني هذه الآيات:
- (1صم15: 22) “فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ”.

- (مز50: 13 – 15) “هَلْ آكُلُ لَحْمَ الثِّيرَانِ، أَوْ أَشْرَبُ دَمَ التُّيُوسِ؟ 14اِذْبَحْ للهِ حَمْدًا، وَأَوْفِ الْعَلِيَّ نُذُورَكَ”. - (مز51: 16– 19) “لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 17ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ”.

- (ميخا 6: 6-8) “بِمَ أَتَقَدَّمُ إِلَى الرَّبِّ وَأَنْحَنِي لِلإِلهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ بِمُحْرَقَاتٍ، بِعُجُول أَبْنَاءِ سَنَةٍ؟ 7هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِأُلُوفِ الْكِبَاشِ، بِرِبَوَاتِ أَنْهَارِ زَيْتٍ؟ 8قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ”.

لقد كان الرب يريد ما هو أهم وأعمق من تقديم الذبائح، كان يريد التوبة الصادقة، والإيمان الحقيقي، وتقديم الطاعة للرب، وصناعة الحق والرحمة.

فقد كان المقصود من تقديم الذبيحة للرب أن يدرك الإنسان فكرة البدلية، أي أن هذه الذبيحة تموت عوضاً عن ذلك الانسان الخاطئ الأثيم، فالإنسان الذي يخطئ يستحق الموت فيقدم حياة ذبيحة بدلاً من حياته هو، ويبني العلماء عقيدتهم هذه على ما جاء في سفر اللاويين “لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ” (لا17: 11). قارن (لا3: 17 ، 7: 27، 17: 10 – 14 ، تث12: 23).  

فالرب لا ولم يطلب دم حيوان ليروي عطشه، ولا يسر بشم رائحة شواء اللحمة، بل كان يريد ويطلب العدالة، فأجرة الخطية هي موت، والإنسان الذي أخطأ يستحق الموت، والرب في محبته ونعمته ارتضى أن تقوم الذبائح الحيوانية بالبدلية إلى أن يأتي (الذبيح الأعظم) المسيح في ملء الزمان ويقدم حياته بدلاً عنا جميعاً.

وقد كان الرب يريد من الإنسان قديماً عندما يخطئ أن يدرك أنه يستحق الموت، ولذلك يقدم الذبيحة الحيوانية لتموت بدلاً منه، ويعترف بخطاياه، ويتوب توبة صادقة عنها، ويعيش الحياة المقدسة للرب.

لذلك قال الشهيد يوستين عن الرب أنه: “لا يقبل منكم ذبائح، ولا أمركم أولاً بتقديمها عن احتياج إليها، إنما بسبب خطاياكم”.

ويقول الأب تادرس يعقوب ملطي: “لقد قدَّموا ذبائح كثيرة ومحرقات في هيكل الرب، واختاروا المسمَّنات، لكن الرب لا يسرُّ بها، فإنه لم يطلب الذبائح في ذاتها لأنه غير محتاج إليها، إنما يطلبها كرمز لذبيحة السيد المسيح الفريدة، من أجل مصالحة الإنسان مع الرب وتمتعه بالشركة معه.

لكن الهدف ضاع منهم فإنه لما جاء المسيح الذبيح رفضوه، قدموا الذبائح الحيوانية واحتفلوا بعيد الفصح وجحدوا الفصح الحقيقي، حمل الرب الذى يحمل خطية العالم”.
وللحديث بقيه... تحياتى.
د. أمير فهمى زخارى المنيا
______________________________________________
المصدر: القس عزت شاكر.