بقلم: أسامة نصحي
بمجرد انتخاب البابا الجديد "تواضروس الثاني"، تجدد الحديث عن علاقة الدين بالسياسة، وهل ستقدم الكنيسة القبطية على ممارسة دور سياسي؟ أم تظل مؤسسة روحية؟ والأمر يأتي في صيغة سؤال، بينما يرفض التيار الديني الذي يحكم البلاد أي دور سياسي للكنيسة.
ونحن مع فصل الدين عن السياسة، بشرط أن يكون ذلك على الجميع، وليس مقصودًا به الكنيسة فقط، فإذا كانت الدولة بأرفع مؤسساتها تمارس هذا الخلط وتحكم باسم الدين، فكيف نطلب من الكنيسة وحدها أن تنأى عن المشاركة السياسية، وليس المطلوب منها تبني فكر أي حزب أو تيار سياسي، ولكن في نفس الوقت، ليس مطلوبًا منها أن تنأى نهائيًّا عن الشأن العام والحياة السياسية، التي لها تأثير كبير على حياة أتباعها ومشاكلهم.
إنني أتعجب عندما أرى رئيس الدولة ورئيس الوزراء عندما يدليان بأية تصريحات، ويستخدمون نفس تعبيرات رجال الدين، لدرجة أنك تشعر أن المتحدث هو رجل دين متعمق في النصوص الدينية والتأملات الفقهية!
وأظن أن رجل السياسة لابد أن يستخدم اللغة المحايدة – حتى وإن كان ينتمي في الأصل إلى تيار ديني، وهو الذي أوصله إلى السلطة – ولكن عندما يصبح المسؤول في سدة الحكم، يكون مسئولاً عن الجميع دون تمييز، ويرعى مصالح الذين لم ينتخبوه قبل الذين انتخبوه.
كل مؤسسات الدولة متشابكة مع بعضها البعض، والكنيسة جزء من المجتمع، ورغم خصوصيتها، تتأثر بالمناخ العام؛ لذا لا أستبعد دورًا سياسيًّا للكنيسة في المرحلة القادمة، وذلك بحكم أن المجتمع كله يمارس هذا الخلط بين السياسة والدين خاصة قادته! وأيضًا بسبب ما يُسمى بـ"إرث الكنيسة"، فالكنيسة تعودت خلال الأربعين عامًا الماضية على ممارسة هذا الدور؛ بسبب ضعف التمثيل السياسي والحزبي للأقباط، وهو الأمر المسؤولة عنه الدولة، والتي عمدت إلى تهميش الأقباط واختزالهم في شخص البابا على مدى عقودٍ طويلة.
وأتمنى من الكنيسة في المرحلة القادمة أن تمارس دورها الوطني بموضوعية، وألا تجامل السياسيين على حساب الشعب، وفي نفس الوقت تعالج القضايا -وخاصة الفتن الطائفية، وهي الصداع المستمر في رأس المجتمع- بحكمتها، وبُعد بصيرتها.