محرر الأقباط متحدون
البحث الشغوف عن الحق وتكريس الذات للكرازة والتفاني في الصلاة والكتابة، هذا ما أشار إليه البابا فرنسيس في حديثه عن القديس توما الأكويني، وذلك في رسالة وجهها إلى أساقفة عدد من الأبرشيات الإيطالية مع اقتراب الاحتفال بذكرى إعلان توما الأكويني قديسا.
استعدادا للاحتفال بالذكرى المائوية السابعة لإعلان توما الأكويني قديسا وجه البابا فرنسيس رسالة إلى أساقفة الأبرشيات الإيطالية لاتينا وسورا وفروسينوني ذكر في بدايتها أن هذا الاحتفال يشكل فرصة له ليوجه التحية للأساقفة الذين يقودون بمحبة رعوية الجماعات الكنسية التي نالت الإرث الإنساني والكهنوتي والفكري لهذا القديس. وعقب تأكيده قربه قال البابا فرنسيس إن الاحتفال بذكرى إعلان قداسة توما الأكويني في الأماكن التي تعود إليها أصول هذا القديس يعني لمس العمل الفعال في الإنسان للروح القدس الذي يقود الكنيسة عبر التاريخ، وأيضا الرد السخي للإنسان الذي يختبر كيف أن المواهب الطبيعية التي نالها ونماها تنعشها وتُجوِّدها النعمة.
توقف الأب الأقدس في رسالته بعد ذلك عند القديس توما الأكويني فأشار إلى ما كان يميزه من وعي دائم بأن حقائق الإيمان لا تسكن الفكر فقط، بل هي أيضا في الحياة اليومية والالتزام الملموس لكل مؤمن في الكنيسة وفي المجتمع. ومن هذا المنطلق، واصل البابا فرنسيس، كرس توما الأكويني نفسه بسخاء للكرازة بالإنجيل متفانيا في الصلاة والدراسة والكتابات اللاهوتية والثقافية والوعظ، هذا إلى جانب الرد على الأسئلة الصادرة عن رهبنته الدومينيكانية والسلطات الكنسية والعالم المدني وأيضا المعارف والأصدقاء.
وتابع البابا فرنسيس واصفا القديس توما الأكويني بمورد وخير ثمين لكنيسة اليوم والغد، وواصل الأب الأقدس أن هذا القديس كان شخصا شغوفا بالحقيقة ما كان يدفعه إلى البحث دائما عن وجه الله. وشدد البابا بالتالي على أهمية الاستقاء من حكمة وشهادة هذا القديس في مسيرتنا كحجاج، وذكَّر الأب الأقدس بأن السير كان يشكل بالنسبة لتوما الأكويني فعلا ينير الفكر بسر يسوع باعتباره الدرب الذي يقود إلى الآب. وعاد البابا في حديثه عن هذا القديس إلى كلمات البابا القديس بولس السادس الذي دعا الجميع إلى أمانة حقيقية وخصبة لتوما الأكويني، ما يعني لا مجرد الامتثال به ومحاكاته وكأننا نسير على درب موازٍ، بل التغلغل بلا توقف في الحقيقة التي أراد توما الأكويني أن يخدمها حسب ما ذكر البابا بولس السادس.
ثم عاد قداسة البابا فرنسيس إلى الحديث عن الاحتفال بذكرى إعلان توما الأكويني قديسا، فقال إن التكريم العميق لهذا القديس، الذي هو ينبوع حي دائما، يشكل عمل عقل وقلب وأيادٍ، ومن الضروري بالتالي التركيز على دراسة أعمال القديس في أطرها التاريخية والثقافية والاستفادة منها في الوقت عينه للرد على التحديات الحالية. وتابع الأب الأقدس موكلا واجبين أساسيين إلى الأبرشيات التي تحفظ الذكرى الحية لهذا القديس في أرض مباركة تتمتع بإرث تاريخي كنسي ومدني فريد. الواجب الأول هو بناء صبور وسينودسي للجماعة، والثاني هو الانفتاح على الحق كله.
وفي حديثه عن الواجب الأول قال البابا فرنسيس إن السينودسية تعني النمو معا في المسيح كأعضاء حية وفعالة في جسد الكنيسة، متحدة ومترابطة أحدها بالآخر. وتحدث قداسته عن كنيسة يَبرز بعدها الجماعي في ويتغذى على عيش الأسرار والليتورجيا والروحانية وشهادة ذات مصداقية وأعمال المحبة والاهتمام بالفقراء والضعفاء. أما في إشارته إلى الواجب الثاني، أي الانفتاح على الحق، فذكَّر البابا فرنسيس بحديث البابا القديس يوحنا بولس الثاني عن محبة القديس توما الأكويني للحق حتى أنه يمكن وصفه برسول الحق. وأضاف البابا فرنسيس أن هذا القديس هو اليوم بانفتاحه وجامعيته مصدر إلهام ومعلم مثالي للتنبه إلى الواقع بأبعاده العديدة.
وفي ختام رسالته دعا البابا فرنسيس الأساقفة إلى البحث عن لغات وأدوات مناسبة لجعل فكر القديس توما الأكويني يصل إلى الجميع، ثم طلب شفاعة مريم العذراء وبارك الجميع سائلا إياهم مواصلة الصلاة من أجله.