حمدى رزق
ابن الرومى يصف أنف عدوه قائلا: «لك أنفٌ يا ابن حرب أنِفَت منه الأنوف»، وتأنف الأنوف من حديث وزير الخارجية الإثيوبى «ديميكى ميكونين».. جد حديث مستفز.
الوزير الإثيوبى يقول: «سد النهضة يقترب الآن من التعبئة الرابعة، التعبئات الثلاث لم تحدث ضررا بدول المصب وكذلك ستكون التعبئة الرابعة..». منتهى الاستفزاز، متجاوزا كل السقوف الدبلوماسية يقول ديميكى: «نرفض التدخل غير البناء وغير المبرر لجامعة الدول العربية في ملف سد النهضة»، معلوم ديميكى يفضل بقاء الملف مطمورا في ثلاجة الاتحاد الإفريقى!!.
ديميكى على خطى حكومته سادر في غيه، إذا كنت تتحدث عن الضرر فهو واقع لا محالة وإن أنكرته، لقد أعلنت يا هذا التعبئة الرابعة في سفور، ولم يعد في قوس الصبر منزع.
الاستفزاز الإثيوبى يبلغ ذروته مع دخول موسم الفيضان بحكى مكذوب للاستهلاك المحلى والدولى، لا يخيل علينا.
استفزاز ممنهج بمثل هذه أكَاذِيب مصنوعة في أَقْبِيَة استخباراتية ضليعة في المؤامرة، خطة إثيوبية مستدامة، تستنفر العدائيات وتتنصل، تكذب بحديث الملء غير المضر لدولتى المصب، وتتجمل دوليا بطلب الحوار.
«الحكمة» عنوان الموقف المصرى، و«اصبِرْ على حسدِ العدوَِ فإن صبرَك قاتله» حكمة عربية مستقرة، مع الاستعداد التام لكل الاحتمالات بما فيها الملء الرابع الذي يحمل ضررا بليغا.
أديس أبابا تخطط لملء مفرط سيكلفنا الكثير خلال العامين القادمين، الضرر واقع لا محالة، وحديث مفاوضات الاتحاد الإفريقى المجمدة عمدا بتواطؤ مفضوح يؤشر على النوايا العدائية.
أعلى الهضبة الإثيوبية يقولون ببدء الملء الرابع لإقرار واقع سياسى قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، نملأ ونتفاوض، ونطلب الحوار، بخفة دبلوماسية متناهية.
ولربما نال الفتى بالصبر ما لم يأمله، الصمت المصرى صبرا يدحض الزعم الإثيوبى، مصر موقفها واضح، حتمية اتفاق ملزم وقانونى وتعمل عليه بجد واجتهاد، وتشهد العالم على حسن نواياها، ورغبتها في حل توافقى ملزم في إطار القانون الدولى، وخطوطها الحمراء واضحة للعيان، لا تحيد عنها قيد أنملة، ورسالتها من فوق منصة مجلس الأمن كانت واضحة جلية.
وزير الخارجية الإثيوبية يتحدث كذبا عن عدم الضرر في التعبئات الثلاث الماضية، متجاهلا فورة الفيضان التي خففت من آثار متوالية التعبئات، ولكن الفيضان لا يمحو آثار العدوان الإثيوبى على الحقوق المصرية السودانية الثابتة في مياه النيل الأزرق الذي ترهنه إثيوبيا وفق مشيئتها العدوانية، مستغلة تداعيات الحرب السودانية.
الثابت أن إثيوبيا بتصرفاتها الأحادية لا تريح أحدًا، مصر والسودان لا تستريحان أبدا لهذه الحكومة المراوغة التي تبدرنا العداء، وتمعن في المكايدة، وتتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية، ولا تقيم وزنا لحسن الجوار مستقبلا.
الحكومة الإثيوبية تستعدى دولتى المصب سفورا دون مواربة، وكأنها تنفذ أجندة من خارج حوض النيل، لأن حوض النيل يتسع لنا جميعا، ومياه النيل تكفينا جميعا، والتنمية حق لنا جميعا.
القاعدة التي صكها الرئيس السيسى في هذا الملف «لا ضرر ولا ضرار»، والضرر واقع، والملء الرابع كما الخامس يحيق الضرر أبلغ الضرر بالحقوق المائية لشعبى وادى النيل.
إثيوبيا تخطط على عامين قادمين لحجز ما قررته من مياه النيل الأزرق دون اتفاق ملزم، وهذا قمة الاستفزاز، وكأنهم يختبرون الصبر المصرى.. يحكون أنوفا شماء.
نقلا عن المصرى اليوم