د. أمير فهمي زخارى المنيا
جالي زوج في العيادة يشكو من زوجته بعد حدوث الحمل بتحب وتعشق أكل الطين ومش عارف يعمل ايه؟؟؟
وبعدها بأسبوع أتصلت بي أم وتشكو من ان أبنها بيحب ياكل مسحوق الغسيل وخايفة عليه ومش عارفه تتصرف ازاى!!
قلت هاكتب اليوم عن هذا الموضوع الغريب على أذهان أغلب الناس....
قد نسمع كثيراً عن أشخاص يتناولون الطين ويستمتعون بأكله، وقد تلاحظ الأم أن طفلها يقوم بابتلاع ما يصادفه برغبة ملحّة كالتراب والحشرات، فيما قد نصادف أشخاصاً يقومون بابتلاع مواد غريبة وغير غذائية كالحديد والأدوات الصلبة.
وللأسف هناك من يدمن أكل الورق والإسفنج والرمل والطين والجير والأحجار (الطوب الأحمر) وممكن لامؤخذه البراز ... وفيه ناس تقوم بتقشير الجدران وتناول الدهانات بشكل مفرط..
الحالات السابقة جميعها تعاني متلازمة بيكا وهو مرض يصيب مختلف الأعمار ومنشر بين النساء وخصوصا الحوامل والأطفال وخصوصا مرضى التوحد، ويعد اضطراباً غذائياً يدفع الأشخاص لأكل مواد غير غذائية، وذكرت بعض الدراسات أن مرضى بيكا يبحثون عما يمكن أن يعوض حاجة جسمهم من الحديد والكالسيوم والزنك، وفقر الدم وخلل بكتيريا المعدة والأمعاء ونقص انزيمات الهضم نتيجة وجود نقص بعض المعادن لذلك يلجأون إلى مصادر غير غذائية لتعويض هذا النقص، إلا أن دراسات أخرى نفت هذا الاحتمال، واصفة إياه بالسلوك الخاطئ فقط، أو بالثقافة الاجتماعية السائدة.
اشتقت كلمة «بيكا» من اللاتينية "magpi" وتعني غراب العقعق، ويشار إليها بهذه التسمية لاشتهار هذه الطيور بالتقاط الأشياء الصغيرة أو الأوساخ والنفايات وأكلها.
وتعد متلازمة بيكا في الحمل عالمية، إلا أنها تختلف بين بلد وآخر تبعاً للثقافة السائدة فيه، أن نقص المعادن في الجسم قد يدفع المرأة الحامل إلى التعويض من مصادر تحتوي على نسب عالية من المعادن كالطين، وغالباً ما تكون غنية بالكالسيوم والحديد والنحاس والمغنيسيوم، وهذه المعادن الضرورية لغذاء الإنسان، وتحديداً في فترة الحمل وقد تلجأ الحوامل لتناول الطين، لأنه يعتقد أنه يساعد في أغراض الغثيان الصباحي الذي تعانيه النساء الحوامل.
على الرغم من أن مسببات متلازمة بيكا غير معروفة، والعديد من الفرضيات طرحت تفسيرات لهذه الظاهرة، بدءاً من الأسباب النفسية والاجتماعية لأسباب ذات أصل يتعلق بالكيمياء الحيوية، إلا أن الأطباء أرجعوها لمجموعة من الأسباب التي تدفع الأفراد لاكتساب متلازمة بيكا والتعامل معها كسلوك، منها سوء التغذية وعوامل تتعلق بالظروف العائلية والثقافية التي يعيش فيها الفرد كانفصال الوالدين وإهمالهما وإساءة معاملة الأطفال، بالإضافة إلى التوتر، والوضع المادي السيئ، ويضاف إلى ذلك الدخل الوظيفي المتدني، والسلوك المكتسب، والاضطرابات البيوكيميائية.
لا يوجد علاج طبي محدد لمتلازمة بيكا، إلا أن بعض الدراسات الطبية تشير إلى أن العقاقير التي تعزز عمل الدوبامين في الجسم، كما يمكن التغلب على متلازمة بيكا باستشارة الأطباء النفسيين والاختصاصيين الاجتماعيين، وتعد المراقبة الدائمة لمرضى بيكا والتوجيه المستمر أمرين ضروريين، وينصح بالتدريب على تمييز الأطعمة الصالحة للأكل من غيرها.
كتبت هذا الموضوع اليوم من باب الثقافة العامة وربنا يعافى الجميع.... تحياتي.
د. أمير فهمي زخارى المنيا