خالد منتصر
المرض عندما يصيب مبدعاً وينسجه فناً فإنه يتحول إلى أصدق ما كتب أو رسم أو عزف أو غنى، برغم قسوة الألم إلا أن تحويل معاناة المرض إلى جدارية شجن فني نبيل من عصارة الروح، ستكون هي الأيقونة التي تعيش وتخلد وتواجه عواصف الزيف وملامح الكذب الموجودة في كثير من نتاج وبضاعة مدعي الفن الردئ، ما كتبه أمل دنقل وبدر شاكر السياب عن المرض شعرا، أو ما أبدعه فان جوخ رسما وهو في المصحة، ظل خالداً حتى تلك اللحظة وسيستمر.
لذلك بحثت عن رواية "لالوبا" للكاتبة ناهد السيد وقرأتها بشغف، لأنها ولدت من رحم معاناتها من مرض الذئبة الحمراء، ذلك المرض الذي أيقنت أنه من الممكن أن يلتهم كلية أو يصيب كبدا أو جلدا، ولكنه أبدا لا يلتهم روح إبداع أو يصيب ويطفئ جذوة فن مشتعلة، أنا شخصيا كطبيب شاهد تلك الحالات عن قرب تعلمت من الكاتبة ما هو "جواني" في ذلك المرض المناعي الذي يركز على المرأة أكثر، ويطارد النشيطات المبدعات المتحمسات المحبات للحياة ولتفاصيلها أكثر.
حفرت ناهد السيد عمقاً ولم تلمس مجرد السطح، لم تهتم بتفاصيل كيمياء المرض برغم أنها دخلت بسببه العناية المركزة وعاشت الصراع مع ذلك التنين الذي لا يرحم ، لكنها اهتمت بدقائق التغيرات النفسية والتي حملت الكثير من عبق النظرة الفلسفية العميقة، وغاصت في كل ما يتعلق بأجواء المرض حتى تفاصيل حياة الذئاب!!.
لن أحكي عن تفاصيل الرواية القصيرة متعمداً حتى أستفزكم لالتهامها كما فعلت في ساعة زمن، سعيد بالرواية نفس سعادتي بالكاتبة وقدرتها الفائقة على تحويل معاناتها إلى مفردات فن، وحروف حب، ومعزوفة شجن، لها كل التقدير والأمنيات بالصحة والسعادة.
نقلا عن الوطن