حمدي رزق
لفتنى الفنان «صلاح عبدالله» برسالته الذكية إلى الفنانين المصريين، اختصارا: «الشكر الجزيل واجب.. لكن إنتوا يا حبايبى كمصريين عارفين طبيعة شعبكم وحساسيته، فمش مطلوب منكم غير حاجة واحدة بس. خلوا بالكم من كلامكم».
نصيحة من كبير، وله كل التقدير، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيـًّا.. ولكن لا حياة لمـن تنادى، ربنا رزقنا أخيرا بنفر من الفنانين، كبار وصغار، ما إن يرتقى أحدهم المسرح خارج مصر ويمسك الميكروفون يحط على مصر، في نوبة شكر على كرم الضيافة يحكون أنف وطنهم (دون قصد في الغالب) وبعد الاستفاقة يعتذرون ويصبحون على ما فعلوا نادمين.
وتاخد أحدهم الجلالة، وهات يا هبد في دماغ مصر، وكأنه أول مرة يرى جمهورا وأضواء وألعابا نارية، فيفرح ويصهلل وينتشى ويضرب «بقين حمضانين»، وبعدها يرجع إلى أهله معتذرا، ومكنش قصدى، ولا كان في بالى، ومصر هي أمى!!.
عجيب أمرهم، يحكون الأنوف على الهواء مباشرة وفى عواصم شقيقة، وكأنهم كانوا في جرة وطلعوا لبره، يا سيدى غنى ما تغنيش علينا، قل ما شئت وشاء لك الهوى، فقط راع مشاعر أهلك وناسك، من توفروا على تألقك، وصنعوا منك نجما يدعى إلى الحفلات الخارجية، لأنك نجم مصرى، صنع في مصر.
ما يجرى على ألسنة بعض الفنانين، مطربين وممثلين، خارج الحدود، ويرتد علينا سخرية، يحتاج ترشيد، خلى بالك من كلامك، قل ما شئت في وصف الجود والكرم، ولكن لا تسئ إلى وطنك وأهلك وناسك، لا تتنكر لهم، ولا تنكر فضلهم عليك، وترفق وترقق، وكن ذكورا إذا قررت أن تكون كذوبا، ولا تكن عقورا تعض الأيادى التي امتدت إليك ورفعتك إلى القمة التي تنظر منها إلينا.
لسانك حصانك، والمرء مخبوء تحت لسانه، وهل يَكُبُّ الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!، معلوم كلام الرجل ميزان عقله، وفعله ميزان خلقه، والكلمة تخرج ترتد في صدرك، وشعب مصر فراز، بيفرز على الفرازة، وعارف ولاده كويس.
الكلمة المقولة حجرة رُميت، ومفتاح البطن لقمة ومفتاح الشر كلمة، وكلمة تجرح، وشعب مصر حساس، قلبه طيب يغفر كثيرًا، وغفر كثيرًا، وتسامح وصبر طويلًا، وطوّل باله طويلا، ولكن للصبر حدود على طولة اللسان.
شذاذ الآفاق، من أمثال هؤلاء المنفلتين على الهواء مباشرة لو يعلمون، عموم الطيبين يأنفَون صنيعكم، الشعب يراكم جيدًا وضبطكم مرارًا وأنتم تختانون أنفسكم في المضاجع الخارجية.
الشعب المصرى لمن خبر معدنه الأصيل، شعب أصيل، من الأصالة، شعب يعرف العيبة ويحترم الشيبة، يميز الطيب من الخبيث، ويحب الحب في أهله، ويأنف الكذابين، ويلفظ المغرورين، ولا يزال قابضًا على جمر الوطن، صابرًا محتسبًا.
شعب يضرب الأمثال جميعًا، نموذج ومثال في التسامح، شعب راضٍ بالقسمة والنصيب والمقدر والمكتوب وشعاره «اللى مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين».
شعب طيب وجدع وكريم ويسيئه اللئيم، شعب مفطور على الصبر، ولا عمره اشتكى ولا قال آه، يضحك من جوه قلبه وملء شدقيه على أراجوزات آخر الزمان لابسين شيفون وحلقان، وما الشعب بغافل عنهم لكن يمهلهم إلى حين
نقلا عن المصري اليوم