ياسر أيوب
طيلة ستة أيام مضت.. لم يتوقف كثيرون عن إبداء اهتمامهم واحترامهم لهارى بودا ماجار، بعد نجاحه في تسلق قمة جبل إيفرست.. ولم تكن الحكاية هي تسلق أعلى جبل في العالم، حيث سبقه في ذلك كثيرون جدا.. إنما هي قيام ماجار بتسلق إيفرست وهو مقطوع الساقين فوق الركبة، كأول من يقوم بذلك في التاريخ.
ومنذ نجاح ماجار في الوصول لقمة إيفرست والناس في العالم يبحثون عن حكايته وصوره، وماذا كانت دوافعه للقيام بذلك.. وهى بالفعل حكاية استثنائية منذ بدأت بميلاد ماجار 1979 في أسرة فقيرة، تعيش داخل قرية صغيرة في التبت قريبة من جبال الهيمالايا.
واعتاد ماجار السير مشوارا طويلا ليذهب كل صباح إلى مدرسته ونفس المشوار مرة أخرى ليعود إلى بيته.. ولم تكن أسرة ماجار أو مدرسته تملك المال الكافى لامتلاك كراسات وأقلام، فاعتاد هو وزملاؤه الكتابة بصخرة مدببة فوق الحجارة.
وكعادة الناس في تلك الزوايا البعيدة داخل بلاد التبت تزوج ماجار بعد أن أتم الحادية عشرة من العمر.. وحين كبر قليلا أراد الانضمام لقوات الجركا، وهى قوات عسكرية نيبالية تتبع الجيش البريطانى منذ أكثر من مائتى عام.
واعترض والده لأنه أراد أن يبقى مثل شقيقيه يعمل بالرعى والزراعة.. ولم يستسلم ماجار وأصر على الالتحاق بالجيش، وكان القرار الذي غيّر حياته كلها فيما بعد.. فقد تنقل مع زملائه الجنود النيباليين كفرقة عسكرية بريطانية في أكثر من بلد وأكثر من قارة أيضا.
وفى أفغانستان في 2010 كان ضحية انفجار أفقده ساقيه فوق الركبة.. وبعد علاج استمر أربع سنوات تمت إحالته للتقاعد لتتغير رؤيته لحياته كلها.. إنسان فقد ساقيه وبات عاجزا عن الحركة، وكان دائما يبتسم حين يشرح في كل مرة الفارق بين قطع الساقين أسفل الركبة وقطع الساقين فوقها، حيث يفقد الإنسان تماما القدرة على التحكم في جسده.
وبالمصادفة وجد ماجار في الرياضة وسيلة لتبقى الحياة ممكنة، وللهرب من أوجاع العجز والقهر.. وتألق ماجار في الجولف وكرة السلة فوق الكراسى المتحركة.. وبعد قليل لم يجد ذلك كافيا فبدأ يحلم بتسلق الجبال.. فهو من التبت حيث قمة إيفرست التي يراها العالم أحد أكبر وأصعب التحديات لأى إنسان.
لم يفكر في إيفرست في البداية واختار الجبال متوسطة الارتفاع حتى نجح في 2017 في تسلق قمة جبل ميرا بيك في الهيمالايا.. وقال يومها إن دافعه الأول كان رغبته في إثبات أن كل من هم مثله ليسوا عبئا على أحد، وأنهم يستطيعون ما يستطيعه غيرهم من الأسوياء.
وحين التفت إلى إيفرست عارضته زوجته وطالبته بالبقاء في البيت مع أولاده.. ولم يصغ لها وقال لها إنه مثلما انتصر على العجز سينتصر أيضا على الخوف.. وبالفعل بدأ ماجار في إبريل رحلة صعود جبل إيفرست، ونجح الأسبوع الماضى في الوصول للقمة؛ ليهدى نجاحه لكل من ظن الناس أنه عاجز لا يستطيع.
نقلا عن المصري اليوم