محرر الأقباط متحدون
اختتم البابا فرنسيس مساء الخميس فعاليات سكولاس أوكورينتيس حول موضوع "مدن إيكو – تربوية" والتي جمعت في روما خمسين شخصاً من عمداء المدن في أمريكا اللاتينية والبرتغال. وخلال اتصال مباشر مع عدد من الأشخاص حول العالم أجاب البابا على أسئلة بشأن التربية والأزمات الاجتماعية والعلاقة مع المسنين، وردا على سؤال بشأن احتمال قيامه بزيارة إلى الأرجنتين لفت فرنسيس إلى إمكانية أن تتحقق هذه الزيارة العام المقبل.
في معرض إجابته على العديد من الأسئلة تناول الحبر الأعظم قضايا متنوعة، وأدان التنمّر الذي يدمر حياة الأشخاص، وتحدث عن خطر عدم إتمام المسيرة التربوية بالنسبة للعديد من الفتيان الذين يتركون المدرسة. وتذكّر أيضا الأصباح التي كان يمضيها مع أجداده في بوينوس أيريس، عندما تعلم منهم القيم، وأكد أيضا أن الخروج من الأزمات يتم بالتعاون مع الآخرين.
تحاور البابا فرنسيس مع عدد من الشبان والمسنين من أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وأوروبا، وجميعهم ينتمون إلى شبكة "سكولاس أوكورينتيس" الكبيرة، والتي أبصرت النور في الأرجنتين عام ٢٠٠١ كردّة فعل ثقافية على الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ومن ثم انتشرت في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في المناطق الفقيرة بفضل إسهام رئيس أساقفة بوينوس أيريس آنذاك الكاردينال خورخي برغوليو. وها هي الشبكة تحتفل اليوم بالذكرى السنوية العاشرة لإنشائها مذ أن أصبحت مؤسسة حبرية. وقد نُظم المؤتمر للمناسبة بحضور عمداء المدن، في معهد أوغوستينيانوم بروما، القريب من ساحة القديس بطرس، وقد اخُتتمت الأعمال مساء الخميس بحضور البابا فرنسيس الذي وصل عند الساعة الرابعة والنصف، وسط تصفيق الحاضرين.
في معرض رده على سؤال بشأن الأوضاع التربوية وضرورة التوصل إلى معاهدة تربوية يوقع عليها كل بلد لصالح الأجيال الجديدة، أشار البابا إلى أن شباناً كثيرين اليوم ليست لديهم إمكانية إتمام دراساتهم وغالباً ما يقعون ضحية الاستغلال. وشدد فرنسيس على أهمية توفير التربية للشبان، لافتا إلى أن هذا هو واجب الأهل والمجتمع بأسره وشجع شبكة سكولاس المنتشرة في القارات الخمس على متابعة نشاطها لأن الأمر يستأهل العناء.
وسُئل البابا أيضا عن ظاهرة كره المثليين، والعنصرية والتنمّر، وشاء أن يسلط الضوء على خطورة التنمر الذي يدمر حياة الأشخاص، مشددا على ضرورة أن ينعم كل رجل وكل امرأة وكل فتى وكل فتاة بالحق في الاحترام. ولم تخل كلمات البابا من الحديث عن الأزمات التي يعاني منها عالم اليوم، كما حصل في زمن الجائحة، وأكد أن الخروج من كل أزمة يتطلب تكاتف الجهود، موضحا أن لا أحد يخرج من أزمة ويبقى كما كان من قبل، فإما يتحسن وضعه أو يسوء.
بعدها تحدث البابا عن الأحلام متوقفاً عند موضوع عزيز على قلبه ألا وهو الأجداد، وتطرق إلى جذوره، إلى الأجداد عندما كان يمضي معهم الأصباح في بوينوس أيريس وقال إنه كانت له نعمة أن يعمّروا لفترة طويلة، وقد توفي جده الثاني عندما كان برغوليو قد أصبح أسقفاً. ولفت إلى أنه كان يمضي الوقت معهم، يصغي إليهم ويُجري معهم حوارات عميقة، وقد تعلم منهم القيم عندما كان طفلاً. في هذا السياق أشار البابا إلى الشعور بحاجة العودة إلى الجذور، مضيفا أن المجتمع يفسد عندما تنقطع الصلة بين الجذور والجذع، وتجف الشجرة عندما لا تشرب العصارة من خلال الجذور.
هذا ثم توجه الحبر الأعظم إلى جميع المسنين مؤكدا أنه لا يحق لهم أن يموتوا في العزلة، وروى أنه عندما كان شاباً كان يزور دور العجزة وقد أخبره أحد الممرضين أن بعض العجزة كانوا يُتركون لأشهر طويلة من قبل أقربائهم. ولفت إلى أن العلاقة بين الشبان والمسنين هي علاقة طبيعية، محذراً من مغبة عدم الاعتناء بالمسنين في وقت ينبغي أن يتعلم الجميع من حكمتهم. وتوجه فرنسيس إلى الشبان مذكراً إياهم بضرورة توفير الحماية للمسنين والاقتراب منهم كي ينالوا منهم الحكمة.
في الختام عاد البابا ليشجع شبكة سكولاس على متابعة السير إلى الأمام، قبل أن يسلم عمداء المدن شهادة مدارس "كن مسبحاً"، مؤكدا أن هذه الشهادة "ليست الهدف إنما هي بداية جديدة". من بين الهدايا العديدة التي تسلمها البابا من الحاضرين، زيُّ فريق نابولي لكرة القدم، الذي احتفل للتو بفوزه بلقب بطل إيطاليا، وقد تسلم فرنسيس هذا الزي من يد رئيس النادي الرياضي أوريليو دي لاورنتيس، وتحمل السترة الرقم ١٠، الذي كان رقم اللاعب الأرجنتيني الشهير مارادونا.