استعد بابا الفاتيكان إنوسنت الرابع للحملة الصليبية السابعة التي أعلنها بمجمع ليون الأول في يونيو عام 1245، بإرسال سفارات إلى المغول بهدف التحالف معهم للقضاء على المسلمين.
رُفدت تلك الجهود بأسطورة شاعت عن حاكم مسيحي قوي هو الكاهن يوحنا، وأنه كان يستعد لمهاجمة المسلمين من الشرق. علاوة على ذلك كان هذا البابا يعتقد أن التحالف مع المغول في تلك الظروف أمر ضروري لخلاص المسيحية، وتعززت هذه الظنون عقب الاجتياح المغولي الوحشي لبغداد عام 1258، والذي انتهى بتدميرها والقضاء على الخلافة العباسية.
بعد أن أصبح خان المغول العظيم الجديد، قرر جيوك خان نجل أوقطاي خان التخلي عن الفتوحات الجديدة، وتعليق توسع الإمبراطورية المغولية، وبدلا من ذلك تعزيز سلطته في الأراضي المحتلة بالفعل.
حين أصبح جيوك خان، حفيد جنكيز خان خانا أعظم للمغول "1246 إلى 1248"، توقف عن القيام بغزوات جديدة وركز اهتمامه على توطيد أركان حكمه في الأراضي التي تمت السيطرة عليها، انتعشت آمال الصليبيين في عقد تحالف مع المغول ضد المسلمين، وقام البابا بإرسال سفارة إليه ترأسها بلانو كاربيني 1245-1247، للقتال معا في حملة صليبية جديدة ضد المسلمين وتحديدا في مصر والشام، من دون أن يبدي في نفس الوقت أي اهتمام بتخليص المسيحيين في روسيا ومناطق أوروبا الشرقية من ربقة المغول.
قبل أن يصل وفد بابا الكاثوليك إلى مقر الخان الأعظم، طلب من أعضائه أن يمروا بين نارين قبل أن ينتقلوا إلى البلاط. بُهت وفد الصليبيين وتمنع، إلا أن المغول أخبروه قائلين: "لا تخافوا لا بد من مروركم بين هاتين النارين، كي لا تحملوا ولو بالصدفة ما يضر ملكنا. وإذا حملتم سما ستزيل النار كل الضرر".
في البداية رحب الخان جيوك بوفد الصليبيين، لكن مزاجه تغير وثار غضبه بعد أن قرأ في رسالة البابا التي ترجمت من اللاتينية ثم إلى الفارسية وبعد ذلك إلى المنغولية، وعلم أنه إضافة إلى طلب الاتحاد ضد المسلمين، دعاه إلى اعتناق المسيحية. خان المغول الأعظم اعتبر ذلك إهانة له وتسائل ساخطا: "كيف يمكنه أن يطالب من خان المغول أن يغير دينه؟!".
بابا الفاتيكان طلب من خان المغول أن يصبح وقومه مسيحيين كاثوليكيين وإلا فلن ينالوا الخلاص. وأعرب إنوسنت الرابع للخان عن دهشته من قتل البشر على يد المغول، وخاصة المسيحيين وبالدرجة الأولى رعاياه من المجريين والبولنديين.
تعمق الشك ببين المغول والصليبيين أكثر، ورد جيوك خان على البابا برسالة حملت التهديد والوعيد، بل وطلب من بابا الكاثوليك أن يجمع كل حكام أوروبا الغربية أن يرسلهم إليه كي يظهروا طاعتهم له، وبعد ذلك فقط يمكنه أن ينظر في أي تعاون. ملوك أوروبا بطبيعة الحال رفضوا الشرط، وفشلت السفارة الصليبية في تحقيق أهدافها.
بلانو كاربيني، سفير البابا إلى المغول ما أن عاد إلى أوروبا حتى أعلن ان المغول يعتزمون غزو العالم باسره، ونصح جميع المسيحيين بالوحدة ومواجهة المغول في المعركة، وكشف عن الأساليب التي يستخدمها المغول في القتال، ومضى أبعد باقتراح إخفاء جميع الجواهر في الكهوف.
لم ييأس البابا وأرسل سفارة ثانية إلى المغول وجهها هذه المرة إلى الزعيم المغولي بايجو نويان، وكان مركز سلطانه في تبريز بإيران. شجعه على ذلك معرفته بطموحات بايجو للتوسع على حساب الأراضي الإسلامية، وبالمقابل راى القائد المغولي أن حملة صليبية على مصر والشام تشتت المسلمين وتمنعهم من الاحتشاد للدفاع عن الخلافة العباسية في العراق.
لم تنجح هذه السفارة أيضا في تحقيق حلم التحالف مع المغول في حملة صليبية ضد الأراضي الإسلامية، ولم يستطع بايجو نويان بسلطاته المحدودة البت في قرار التعاون مع الصليبيين.
المحاولة الثالثة قام بها الملك لويس التاسع، ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية السابعة التي استهدفت حينها مصر، وأرسل من قبرص التي نزلت بها قواته سفارة على عاصمة المغول "قراقورم"، طالبا المساعدة والتعاون في هذه الحملة، وعزز مطالبه بهدايا ثمينة!
الوفد الصليبي حين وصل إلى عاصمة المغول اكتشف أن الخان العظيم جيوك توفى، ولأنه لم يترك وراءه إلا ثلاثة أطفال صغار، تولت الحكم أرملته أوغول كيميش.
الأرملة الحاكمة استقبلت السفارة الصليبية بحفاوة، لكنها اعتذرت عن عدم قدرتها على تلبية طلب المساعدة في الحملة الصليبية على مصر، لأنها مشغولة بحل مشاكل ضخمة طرأت بعد وفاة زوجها، وبذلك دفنت أحلام الصليبيين في إقامة تحالف مع المغول يضع المسلمين بين فكي كماشة تنهي وجودهم.