بلغت أزمة نقص الخبز في تونس مستوى قياسي خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن أغلقت آلاف المخابز أبوابها في عدة مناطق، إثر عدم توافر المواد الأساسية لصناعة الخبز الحكومي.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، السبت، تعليقاً على الأزمة، "إن عدم توافر الخبز في الآونة الأخيرة ببعض الولايات يرجع إلى سعي البعض لتأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات في تونس."
اعتبر سعيد أن "فقدان بعض المواد الأخرى أو ندرتها في بعض الجهات على غرار القهوة والسكر على سبيل المثال بسبب الاحتكار والمضاربة غير المشروعة وسيطرة البعض اللوبيات على مسالك التوزيع بهدف التنكيل بالشعب".
وتشير أصبع الاتهام إلى وقوف تيارات سياسية خلف الأزمة، في مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، فيما تطالب قوى سياسية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المتورطين، والتسريع بإيجاد حلول عاجلة للأزمة.
أزمة مفتعلة بدوافع سياسية
يقول المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إن أزمة الخبز تأتي في خضم أزمات متعاقبة تتعلق بنقص المواد الغذائية، مثل السكر والقهوة.
وبحسب الجليدي، يقف وراء الأزمات المفتعلة في تونس عدد من الشخصيات، المتورطة في قضايا فساد داخل البلاد والمحسوبة على حركة النهضة الإخوانية.
تلك الشخصيات تحاول، وفق المحلل التونسي، استغلال تواجدها ببعض المناصب الحكومية، لإحداث أزمات تتعلق بنقص المعروض من السلع المدعومة حكومياً لإثارة غضب الشارع التونسي.
شهدت تونس سابقاً "ثورة الخبز"، نتيجة عدم توافر المواد الغذائية في الأسواق، الأمر الذي تسعى بعض القوى السياسية إلى تكراره في الوقت الراهن لتنفيذ أجندة سياسية تتعلق بعودتها للمشهد السياسي، على حد تقديره.
وينوه الجليدي، إلى أنه ثبت خلال التحقيق في أزمة البنزين والسكر والقهوة، تورط بعض القوى السياسية، في مقدمتها النهضة التي استغلت رجال الأعمال المتحالفين معها من أجل خلق أزمة اقتصادية واجتماعية، بهدف حشد الشارع للتظاهر وصناعة الفوضى.
من جانبه يرى الباحث السياسي التونسي أيمن الزمالي أنه لا توجد حتى الآن، أدلة قاطعة وراء وقوف جهات سياسية بعينها وراء ندرة مادة الخبز في بعض جهات البلاد ومحافظاتها.
ويقول الزمالي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إن مطالب أصحاب المخابز وعدم تمكينهم من مستحقاتهم ومن المواد المعدة لإنتاج الخبز، تسبب في اتخاذهم قرارات بالإضراب على غرار قرار إضراب مخابز سيدي بوزيد وصفاقس.
وويوى الزمالي أن القوا بأن هناك أزمة للخبز في تونس، يعتبر توصيف مبالغ فيه، فالبلاد تتعافى شيئا فشيئا وتدخل مرحلة الاستقرار وظاهرة الاحتكار تنحسر، بعد فتح ملفات الفساد والتآمر على أمن الدولة وايقاف عدد من الشخصيات المتورطة في هذه القضايا، اضافة الى الضرب بقوة على أيادي المحتكرين والمضاربين.
وبحسب الزمالي لا يمكن اليوم أن نفسر ندرة وغياب بعض المواد من الأسواق، على أنها فعل اجرامي ترتكبه أحزاب بعينها، خاصة أن حركة النهضة الإخوانية مثلا تعيش وضعا صعبا بعد ملاحقة أبرز قياداتها والزج برئيسها راشد الغنوشي ومساعديه علي العريض ونورالدين البحيري بالسجن على خلفية فتح ملفات قضائية وشبهات ارتكاب مخالفات وجرائم.
ويشير الزمالي إلى أن حديث الرئيس قيس سعيد، بخصوص ندرة مادة الخبز في بعض المحافظات، فهو يندرج ضمن عمله ومتابعته لمشاغل المواطنين وعمله على اعادة الاستقرار وضخ الأسواق بالمواد الأساسية.
كما يندرج ضمن حربه التي أعلنها ضد المضاربين والمحتكرين الذين استغلوا أوضاع الفوضى واضعاف الدولة ومؤسساتها، لغنم الربح السريع وتعريض المواطنين وأمنهم الغذائي للخطر.