أمينة خيري
الانتخابات التركية ليست مجرد انتخابات تجرى في دولة من دول المنطقة.. وهى ليست مجرد حدث مثير، حيث مرشح قوى عنيد بخلفية وحاضر ومستقبل أيديولوجى دينى، ويحمل سجلًا حافلًا بالإنجازات المثيرة للجدل سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وأيديولوجيًا، في مقابل آخر لا يقل عنه قوة.. لكن لم يصل بعد إلى كرسى الرئاسة. وبعيدًا عن الأوضاع التركية الداخلية والأحوال بعد الزلزال المروع، والتى تعد هي المحدد الرئيسى في نتائج التصويت والمحدد الأقوى لحظوظ كل من المرشحين اللذين سيدخلان دورة إعادة على الأرجح بعد حصول الرئيس المرشح أردوغان على أقل قليلًا من الـ50 في المئة، في مقابل منافسه (العلمانى) كمال كليجدار أوغلو، فإن المنطقة العربية حاضرة وبقوة في مصير هذه الانتخابات.
وعلى الرغم من أن الرئيس أردوغان قال إنه «سيقود الأمة (التركية) لخمس سنوات أخرى»، ما يعنى إيمانه أو فلنقل أمنياته أن يضيف خمس سنوات إلى العشرين عامًا التي يحملها في جعبته.. فإن أثر أردوغان في المنطقة العربية خلال هذه السنوات كبير، وهو الأثر المباشر حينًا وغير المباشر أحيانًا، وهذه سمات القيادة المازجة بين السياسة على جانب والأيديولوجيا الدينية العابرة للحدود على جانب آخر.. هذا المزج لا يقف عادة عند حدود الدول الجغرافية، بل يمتد ويتسلل ويتوغل لأنه يحمل جوانب تقدم نفسها باعتبارها «عقائدية»، تدق على أوتار وتدغدغ مشاعر «المؤمنين» بالخلطة السحرية بين الدين والسياسة عبر الحدود.
المنطقة العربية وجدت نفسها، أو ربما أوجدت نفسها في قلب «السياسة» التركية على مدار عقدين. ولعل «العلاقات» أو الدخلات التركية في سوريا منذ اندلعت أحداث سوريا الدامية في عام 2011 خير دليل على ذلك. تركيا حاضرة بقوة وصراحة ومباشرة في الأراضى السورية، عبر ما يزيد على 3.7 مليون سورى لجأوا إليها هربًا من الأحداث.. ليس هذا فقط، بل إن أكثر من 193 ألف سورى تم تجنيسهم.
ورقة اللاجئين دائمًا تكون ورقة بالغة القوة في الانتخابات- أي انتخابات- ولا سيما الدول التي تستقبل أعدادًا كبيرة، وهو الاستقبال الذي يبدأ إنسانيًا أخلاقيًا، ثم يتحول اقتصاديًا وسياسيًا وانتخابيًا ومصيريًا. ولنا في «ماما ميركل» درس وعِبرة، وهى التي يجلّها كثيرون حين فتحت أبواب ألمانيا أمام اللاجئين السوريين، ثم تحولت حاليًا ورقة ضغط في الاتجاه المعاكس، حيث البحث في سبل مواجهة الهجرة ووقف تدفق اللاجئين.
وعودةً إلى تركيا حيث نتيجة انتخاباتها الرئاسية لها علاقة مباشرة وآثار واضحة وصريحة على الدول العربية، كلٌّ بحسب التوجهات والمصالح والأغراض و«الطموح»، من لاجئين، إلى استثمارات، إلى أيديولوجيا سياسية إسلامية أو علمانية.. والقائمة طويلة. مرشح المعارضة أوغلو قال ضمن حملته الانتخابية: «سنرسل إخواننا السوريين إلى بلادهم خلال عامين بدون تصرفات عنصرية، وسنعيد الأفغان كذلك. لن تكون معابرنا مثل خان عابر سبيل». وللعلم، أردوغان بدأ «العودة الطوعية» للسوريين.
نقلا عن المصرى اليوم